محطات التحلية.. هل ينقذ "البحر" مصر من شحها المائي؟

اللجوء لتحلية مياه البحر لا يمثل رفاهية للوضع المائي المصري، إذ تقع مصر حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي المقدّر من الأمم المتحدة بنحو 1000 متر مكعب من المياه للفرد، وقد بلغ نصيبه من المياه عام 2018 نحو 585 متراً مكعباً سنوياً.

سيناريوهات تدهور نصيب الفرد السنوي من المياه في مصر ترجع بالأساس لما يواجه الملف المائي من تحديات عديدة، على رأسها تناقص حصة مصر من مياه نهر النيل بسبب سد النهضة، والزيادة السكانية، إلى جانب التغيرات المناخية التي تهدد بنوبات جفاف قاسية.

كل هذه التحديات تُعد دوافع نحو التحرك السريع لإنقاذ الأمن المائي بإيجاد بدائل مختلفة ومتاحة، مثل التوسّع في إنشاء محطّات تحليّة مياه البحر في ظل محدودية الموارد المائية، وزيادة الاستهلاك الذي تسبب في عجز مائي بلغ 35 مليار متر مكعب.

المناقصة التي طرحتها الحكومة المصرية لإنشاء محطّات تحليّة لمياه البحر بالتزامن مع فشل مفاوضات سد النهضة، لم تكن الخطوة الأولى في التحركات المحلية لتأمين الملف المائي، إذ بدأت مصر التوسع في إنشاء محطّات التحليّة بدءاً من العام 2014، تنفيذاً لخطة استراتيجية للمياه، التي تمّ تحديثها في عام 2020، لتضع مستهدفات عامّة حتى عام 2050.

وتستهدف الخطّة إنتاج 8.85 مليون متر مكعب يومياً من المياه المحلاة من البحر بحلول 2050، على أن يتم تحقيق المستهدف على 6 مراحل بخطط خمسية (كل 5 سنوات) داخل 11 محافظة بتكلفة 50 مليار دولار.

ومنذ بدء الخطّة في 2014، أي قبل التحديّث، نجحت مصر في تنفيذ 99 محطّة تحليّة بطاقة إجمالية تصل إلى 1.21 مليون متر مكعب يومياً.

ويبلغ إنتاج المحطّات الحالية نحو مليون متر مكعب يومياً، بما يعادل 11.3% من المستهدفات طويلة المدى حتى عام 2050.

المستهدفات طويلة المدى لخطّة التوسّع في محطّات التحليّة، قد تُسهم في تجنيب مصر شحاً مائياً متوقعاً، ولكن طريق تنفيذ خطّة التوسّع ليس ممهداً بالكامل، إذ تواجه الخطّة عدداً من التحديات، وتحتاج إلى العمل عليها.

تتركز معوّقات التوسّع في محطّات التحليّة في عدة محاور، أهمها التكلفة المرتفعة لعملية التحليّة، إذ تبلغ تكلفة وتشغيل المتر المكعب 1200 دولار سنوياً، بحسب الدكتور محمد أبو زيد، وزير الري والموارد المائية الأسبق.

المسؤول السابق يوضح لـ"بلينكس" أن التوسّع في محطّات التحليّة يواجه مشكلة التكلفة المرتفعة، إلى جانب تحدّي التخلص من مخلفات عملية التحليّة، التي يتم إعادة إلقائها في البحر مرة أخرى، ما يسبب عبئاً بيئياً لم يتم التوصل لعلاجه حتى الآن على المستوى الدولي، وليس في مصر فقط.

أبو زيد أشار أيضاً إلى أن مصر تجري مفاوضات مع شركات صينية لتبيعها مخلفات المحطّات، التي تستخدمها في بعض الصناعات.

بالإضافة إلى التكلفة وانعدام آليات معالجة المخلفات، تُعد "الطاقة" واحدة من التحديات التي تحول دون التقدم في خطة التوسع بمحطّات التحليّة، إذ تستهلك عملية التحليّة كميات كبيرة من الطاقة، ما يرفع التكلفة، خاصةً أن مصر لا تزال تعتمد على الوقود التقليدي في تشغيل المحطّات، وفقاً لأبو زيد.

مصر بدأت مؤخراً العمل على نموذج مستدام من محطّات التحليّة باعتماده على الطاقة الشمسية، بديلًا عن الوقود التقليدي.

مواجهة مصر معوّقات خطّة التوسّع في إنشاء محطّات التحليّة، حتماً ستسهم في رسم ملامح الملف المائّي في الفترة المقبلة.