هل تحافظ مصر على 500 مليار جنيه بشهادات الـ27٪؟

"لا".. إجابة مختصرة وغاضبة أيضاً للموظف فوزي عبد السلام، 45 سنة، رداً على سؤال بلينكس حول تجديده شهاداته القديمة بشهادات الادخار الجديدة ذات عائد الـ27%.

يرجع عبد السلام رغبته في سحب مدخراته من البنك وعدم الاحتفاظ بها في شكل شهادات لسعر الفائدة المنخفض، بحسب تعبيره، قائلًا "ندمت أني ربطت كل مدخراتي السنة اللي فاتت بشهادات الـ25%، لأن الفلوس قيمتها قلت مزادتش خالص، بسبب الأسعار اللي تضاعفت كذا مرة خلال السنة دي، فـ لأ هاسحب فلوسي".

الشعور الذي ينتاب فوزي عبدالسلام بأن مدخراته تآكلت قيمتها، سببه معدلات التضخم التي ارتفعت إلى مستويات قياسية خلال 2023، وهو ما توضحه منى مصطفى المحلل المالي، التي تقول لبلينكس إن سعر الفائدة على الشهادات التي حان موعد استحقاقها والشهادات المطروحة حديثاً أصبح سالباً بفعل معدلات التضخم.

ولفتت المحللة المالية إلى أن سعر الفائدة حتى يكون جاذبا للمودعين والمدخرين، لا بد وأن يكون أعلى من معدلات التضخم حتى يحافظ المدخر على قيمة مدخراته.

وأوضحت بالقول إنّ متوسط معدلات التضخم الرسمية خلال 2023 سجلت نحو 35 %، في حين أن الشهادات المطروحة سابقاً بلغ العائد السنوي عليها 25 %، وبطرح معدل التضخم من سعر الفائدة، "نكتشف أنه حقق رقما سالباً (-10%) بما يعني أن المدخرين تآكلت مدخراتهم بنحو 10% خلال عام وهو أمر غير جاذب بالنسبة لفئات كثيرة من المدخرين" بحسب قولها.

وتوقعت مصطفى خروج جزء من الشهادات القديمة خارج القطاع المصرفي، وبقاء جزء آخر، خاصةً للمدخرين من كبار السن وأصحاب المعاشات، لأنهم في حاجة إلى عوائد جارية، وكذلك أصحاب المدخرات الصغيرة والتي لن يتمكن أصحابها من وضعها في محافظ أخرى، مثل العقارات التي تحتاج مبالغ كبيرة.

على صعيد القطاع المصرفي، قد لا يُحدث خروج نصف تريليون جنيه أزمة داخل البنوك المستضيفة لودائع المدخرين.

والسبب يعود لارتفاع حجم الودائع الإجمالي، والذي بلغ 5.8 تريليون جنيه بنهاية يونيو الماضي، وهو ما يعني أن الـ500 مليار تعادل نحو 9% من الودائع الإجمالية، بالإضافة إلى معدلات السيولة المرتفعة التي يتمتع بها القطاع المصرفي المصري والتي بلغت 8.3 تريليون جنيه بنهاية يوليو 2023.

الأزمة الحقيقية التي قد يُحدثها خروج هذه الأموال من القطاع المصرفي، الأمر الذي يهدد الأسواق بمزيد من التضخم، حيث أن خروج هذه الأموال سيتخذ مسارين لا ثالث لهما:

• الأول أن يتم إنفاق هذه الأموال.
• وضعها في محافظ ادخارية أخرى.

وعن المسار الأول لهذه المبالغ حال خروجها، تقول منى مصطفى، إنه إذا قرر أصحاب المدخرات إنفاقها، فهذا يعني سيولة جديدة في السوق تؤدي لرفع معدلات الطلب على السلع والخدمات، وبالتبعية مزيد من التضخم، بحسب المحللة الاقتصادية.

أما المسار الثاني لمبالغ الشهادات المستحقة، فهو الاحتفاظ به في محافظ ادخارية أخرى، كالذهب والعقارات، وربما اللجوء للمضاربة على الدولار بالسوق السوداء لضمان الاحتفاظ بقيمة المدخرات.

يمثل هذا زيادة في معدلات الطلب على هذه المحافظ، ورفع أسعارها المرتفعة بالفعل، حيث بلغ متوسط التضخم للعقارات 60 % خلال 2023، فيما ارتفعت أسعار الذهب بنحو 97 % خلال العام الماضي.