"""هوس الأنفاق"" ينتقل إلى مستوطني الضفة"

"شعرت وكأن زلزالاً وقع، وكأن السرير يتحرك ويبحر. كنت أشعر بهذا على مدى العامين الماضيين، وأحياناً يستمر لدقائق في منتصف الليل"، كانت تلك إفادة باروخ بن نيريا، إسرائيلي يقطن في كوخاف يائير تسور يغال على حدود الضفة الغربية المحتلة بحسب صحيفة جيروزاليم بوست.

البلدة يفصلها عن الجدار العازل المحيط بالضفة نحو 200 متر فقط، وتبعد 800 متر عن مدينة قلقيلية الخاضعة للسلطة الفلسطينية.

ويشارك العديد من سكان البلدة المقدر عددهم بنحو 9 آلاف نسمة خوف باروخ من أن تكون الضوضاء ناتجة عن أعمال حفر أنفاق من النوع الذي استخدمته حركة حماس في هجوم السابع من أكتوبر، أو كأنفاق حزب الله في الشمال.

أحد سكان "الكوخاف" شارك في مجموعة على "فيسبوك" للسكان المحليين، تسجيل مقطع فيديو للصوت الذي يعتقد بأنه يعود لحفريات محتملة تحت الأرض، وقال إن العديد من السكان أفادوا بسماعهم أصواتاً مماثلة، حسب ما قال لصحيفة جيروزاليم بوست.

عدوى "رهاب الأنفاق" انتقلت أيضاً لسكان بلدة بات حيفر الواقعة على حدود الضفة والمحاذية لمدينة طولكرم الفلسطينية.

أحد سكان القرية، ويدعى ماتان بوشنر، يقول: "لدينا شهادات متعددة من أشخاص يسمعون تلك الأصوات في عدة أماكن هنا. آخر مرة سمعت فيها أصوات الحفر تلك كانت ليلة الخميس الماضي".

يبدي بوشنر غضبه من ردود البعض للتقليل من مخاوف السكان: "كل القصص التي تُروى لنا حول صعوبة حفر التربة في شمال الضفة، عبارة عن كذبة كبيرة. لقد حفر أسلافنا بالفعل بعض الصهاريج والأنفاق السرية هنا، باستخدام الأدوات التي كانت لديهم في ذلك الوقت".

لطمأنة السكان في كوخاف يائير تسور يغال، يقول يوفال أراد، رئيس المجلس الإقليمي للبلدة، بأنه تمت إحالة الموضوع للواء إفرايم في الجيش ومن المتوقع أن يحقق فيه.

ويضيف: "أعتقد أن الجيش سيتحرك، وهو يبذل جهودا كبيرة في هذا الأمر على وجه التحديد بسبب التهديد الاستراتيجي المتمثل في التسلل الذي لن يوقفه السياج"، لكنه أوضح عدم إجراء تحقيق حتى الآن لنفي وجود أنفاق.

يوفال أشار إلى أن: "أي صوت غريب نسمعه يبدو لنا مثل حفر الأنفاق". لكن يبدو أن رئيس المجلس الإقليمي انتابه بعض الخوف أيضاً، حيث قال "إذا دخلوا من هنا، فسيكون ذلك في الجزء السفلي الناعم من إسرائيل. إن قصة الرعب مثل ما رأيناه في 7 أكتوبر ستكون مجرد بداية لما سنراه هنا أيضاً".

بعد شكوى سكان البلدة الأخرى بات حيفر، تم إجراء 3 اختبارات من قبل شركة متخصصة في الحفر، بالإضافة إلى قيادة الجبهة الداخلية ووزارة الدفاع، ولكن لم تقدم هذه الاختبارات أي دليل على وجود أنفاق.

هذه النتيجة لم تكن كافية إذ أعلنت السلطات الإسرائيلية إجراء المزيد من التحقيقات في الأيام المقبلة من قبل وحدة هندسية عسكرية متخصصة وفريق فحص التربة من المعهد الجيوفيزيائي، بحسب جيروزاليم بوست.

على الرغم من تلك الاختبارات، إلا أن سكان البلدة غير مقتنعين، حيث يستشهد بعضهم بأن سكان المناطق الحدودية مع لبنان أبلغوا عن أصوات مشابهة لسنوات قبل أن يتم الكشف عن وجود نفق لحزب الله في عملية نفذها عام 2018.

يوم الثلاثاء 2 يناير، وقف جندي إسرائيلي أمام كاميرا وهو ملثم الوجه وبدأ في تحذير المستوطنين الإسرائيليين في الخليل من أن الفلسطينيين يحفرون أنفاقاً "إرهابية" تحت الأرض لمهاجمتهم.

بعدها، سلط الجندي عدسة الكاميرا على حفرة بدائية في الأرض بها سلم خشبي ثم نزل فيها، وقام بتصوير ما يظهر وكأنه نفق ضيق للغاية، لدرجة أنه لم يستطع العبور فيه، وقال بأنه متجه نحو مستوطنة تيليم.

هذا المقطع انتشر على نطاق واسع في إسرائيل، وأثار الذعر بشأن وجود أنفاق هجومية سرية تُبنى في الضفة الغربية لمهاجمة المستوطنات.

عدد من الصحافيين الإسرائيليين هاجموا الجندي، ووصفوه بـ"المبتدئ" الذي ادعى العثور على نفق في الخليل، وقالوا إن تلك فتحة تخزين المياه.

الصحافي نوعام عامير قال إن الجندي "ليست لديه مهارات التحقق من الأنفاق أو استخلاص استنتاجات بعيدة المدى كما فعل، وتسبب في حالة من الذعر بين العديد من السكان".

عامير نقل عن مصدر أمني قوله: "نأخذ القضية على محمل الجد ونبذل الجهود لإجراء تحقيق معمق من أجل استبعاد أي صلة للحفرة بالإرهاب".

أضاف المصدر الأمني الإسرائيلي: "نشر الجندي للفيديو دون موافقة هو أمر غير مسؤول، بالتحديد في هذه الأوقات يجب أن نكون حساسين وهدفنا هو تعزيز شعور السكان بالأمن".

الأمر استدعى ردا من المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، حيث قال: "فور تلقي البلاغ، تم إرسال مسؤولين محترفين لمعاينة الفتحة. من الفحص الأولي يبدو أنها من أعمال حفر تحضيرية لبناء خزان صرف صحي لمياه الأمطار"، مؤكدا أن المسؤولين الأمنيين يتعاملون مع القضية بالجدية اللازمة.