أسباب تدفع طهران للإبحار بين ألغام البحر الأحمر

في الغضون، نبّه تشاك ديفور، ضابط الاستخبارات المتقاعد بالجيش الأميركي، والمساعد الخاص للشؤون الخارجية في وزارة الدفاع الأميركية، إلى أن التاريخ أثبت من خلال عملية "Praying Mantis" التي نفذتها البحرية الأميركية في عام 1988، ضد البحرية الإيرانية، أن العمل المباشر ضد إيران يمكن أن يؤدي إلى نتائج ملموسة، مشيراً إلى أن هذه العملية إلى تقليص قدرات إيران البحرية وكان لها تأثير تحذيري على طموحاتها الإقليمية".

وقال المسؤول العسكري السابق لبلينكس إن سوء تخصيص الموارد العسكرية للولايات المتحدة أساء إلى تعزيز وجودها العسكري في الشرق الأوسط، موضحاً أن "تركيز الانتشار العسكري الأخير في المنطقة اعتمد على مواجهة وكلاء إيران في المنطقة، حزب الله وحماس، وليس على إيران نفسها.. هذا خطأ استراتيجي كبير للإدارة الأميركية".

أما المحلل العسكري الأميركي، كيفن ليم، فقد اعتبر في تصريحات لـ"بلومبرغ"، أن إرسال إيران لسفينة حربية إلى البحر الأحمر، يعد أكثر تحركات طهران جرأة، لتحدي الوجود العسكري البحري الأميركي الكبير في البحر الأحمر"

وتابع المحلل الأميركي قائلاً "من غير المرجح أن ترغب طهران في مواجهة مباشرة مع البحرية الأميركية، إذ أرسلت فرقاطة قديمة لا تضاهي مجموعة العمل البحرية التي تقودها الولايات المتحدة والتي تقوم بدوريات في المياه الدولية قبالة السواحل اليمنية، إلا أن الخطوة نفسها تعد استعراضاً للقوة".

يمر عبر البحر الأحمر ما يقرب من 12 % من التجارة العالمية، بحسب غرفة الشحن البحري الدولية، فيما تعد قناة السويس بمثابة "طريق سريع" يربط البحر المتوسط بالمحيط الهندي عبر القناة السويس، وأوروبا بآسيا كذلك.

وتمرّ عبر قناة السويس حوالي 20 ألف سفينة سنوياً، وتعتبر بمثابة شريان رئيسي للتجارة العالمية، وقد ارتفعت أسعار النفط ما يقرب من الدولارين، بعد الهجمات التي شنّها الحوثيّون على سفن في البحر الأحمر، فيما حوّلت العديد من السفن مسارها إلى رأس الرجاء الصالح، في أقصى جنوب أفريقيا، وهو طريق طويل ومكلف.

ومن جانبها حذرت دينا اسفندياري، مستشارة شؤون الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية، من خطورة التصعيد في البحر الأحمر، قائلة "هناك خطر حقيقي للتصعيد ولاسيما بعد مقتل 10 مقاتلين حوثيين في تبادل لإطلاق النار مع البحرية الأميركية".

ومن جانبه أوضح نائب الأدميرال براد كوبر، قائد القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية ومقره البحرين، خلال إحاطة صحفية افتراضية، شاركت فيها بلينكس، أن الإيرانيين لديهم سفينة مساعدة ووجود عسكري في جنوب البحر الأحمر منذ حوالي ٣ سنوات تقريباً.

وقلل المسؤول العسكري الأميركي، من أهمية إرسال المدمرة الإيرانية للتمركز على مشارف مضيق باب المندب، قائلاً "رصدنا وجود السفينة الحربية الإيرانية في جنوب البحر الأحمر لمدة 55 يوماً متتالياً، وعادةً تعمل هناك لمدة تتراوح بين 60 إلى 90 يوماً".

وأشار إلى أنه عندما أعلن الإيرانيون عن إرسال المدمرة إلى المنطقة، كانت تلك السفينة موجودة هناك بالفعل، مؤكداً على أنه لا داعي للقلق.

وهو نفس الأمر، الذي اتفق معه الباحث والناشط اليمني بنيويورك محمد علي علاو، إذ قال "إن نشر سفينة حربية إيرانية جنوب البحر الأحمر أمر موجّه للاستهلاك الإعلامي فقط، وتستهدف جمهوراً محلياً وإقليمياً".

وتابع، من غير المرجح أن تواجه هذه المدمرة السفن الحربية الغربية في المنطقة، لأن طهران لا تريد الدخول في حرب مع الولايات المتحدة، لكن طهران تسعى فقط إلى استعراض نفسها كقوة إقليمية قادرة على نشر الأصول البحرية لتحدي الولايات المتحدة.

أما فرزين نديمي، زميل في معهد واشنطن والمختص بالشأن الإيراني، فأشار في دراسة بحثية عن النشاط الإيراني في البحر الأحمر، حصلت بلينكس على نسخة منها، إلى أنه من المتوقع أن تتدخل إيران لتحسين عمليات الاستهداف التي يقوم بها الحوثيون في المنطقة، سواء من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية في الوقت المناسب، أو من خلال تعديل أنظمة الملاحة الصاروخية الخاصة بالحركة.

ونبّه الباحث بمعهد واشطن، إلى أن بعض التقارير الاستخباراتية تشير إلى أن طهران زوّدت الحوثيين بالفعل بالنسخة الانتحارية للطائرة المسيرة "شاهد-136" التي تم تطويرها مؤخراً برأس باحث كهروضوئي، مما يجعلها ذخيرة قادرة على البحث عن هدف متحرك ومهاجمته بدقة.

وأشار أيضاً، إلى أنه توجد العديد من الدلائل التي تشير بوضوح إلى أن إيران ساعدت الحوثيين على توسيع مدى وصولهم في البحر الأحمر.

ومنذ ذلك الحين، عززت القوات البحرية الإيرانية تواجدها في المنطقة بحجة "مكافحة القرصنة وجمع المعلومات الاستخباراتية"، حيث تعمل الفرقاطة "ألبرز" حالياً في البحر الأحمر، والفرقاطة "جمران" في خليج عدن، بحسب نديمي.