غابرييال أتال.. صعود صاروخي لـ"قناص الكلمات"

تجتمع في أتال صفات أثارت انتباه وسائل إعلامية محلية ودولية. فبالإضافة إلى صغر سنه، ينتمي أتال إلى أصول تونسية ويهودية ويعد من أول الوزراء الفرنسيين الذين يجاهرون بمثليتهم الجنسية.

كما يتميز أتال عن الوزراء الآخرين بمهاراته التواصلية والتحدث عن أي قضية تطرح عليه داخل وخارج البرلمان حيث وصفه موقع شالونج الفرنسي بـ "قناص الكلمات".

تقلد أتال مناصب عدة خلال فترة قصيرة حيث بدأ مسيرته المهنية كعضو في مجلس المدينة ثم عين لاحقا في منصب المتحدث باسم حزب "الجمهورية إلى الأمام" كما شغل منصب وزير للميزانية ثم متحدثا باسم الحكومة خلال فترة جائحة كورونا وبعد ذلك وزيرا للتعليم قبل أن يعينه ماكرون رئيسا للوزراء.

ويأتي تعيين أتال في الوقت الذي يواجه ماكرون في ولايته الثانية صعوبات كبيرة. فبدون أغلبية في الجمعية الوطنية وفي مواجهة صعود اليمين المتطرف، يبذل الرئيس الفرنسي جهودا شاقة من أجل إعطاء دفع لولايته الثانية قبل انتخابات البرلمان الأوروبي.

صرح الإعلامي والمحلل السياسي مصطفى الطوسة لموقع بلينكس أن "لا أحد يتوقع أن يكون لأتال هامش مناورة أو استقلالية في اتخاذ القرارات." وأضاف أن "الكل مقتنع بأن أتال سيطبق بطريقة وفية كل التعليمات التي تصدر عن قصر الإيليزيه."

تصريح الطوسة أكده رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرارد لارشيه في مقابلة مع صحيفة لوفيغارو حيث أبدى تخوفه من تأثير أسلوب إدارة الرئيس ماكرون للحكومة على عمل أتال.

ويوصف نهج إدارة ماكرون بالـ hyperprésidentialisation، وهو مصطلح باللغة الفرنسية تم الترويج له من قبل الإعلام الفرنسي لوصف رئاسة الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي حينما وضع نفسه في محور جل القضايا السياسية وهمش عمل الوزراء والحكومة.

ومن جهته، كتب أستاذ العلوم السياسية بمعهد باريس للعلوم السياسية مقالا نشرته صحيفة الغارديان يشير من خلاله أنه على ماكرون الرجوع خطوة إلى الوراء حتى يتمكن أتال من "حمل عصاه".

ونقلت صحيفة لو بوان الفرنسية عن فرانسوا كسافيي بيلامي، عضو بالبرلمان الأوروبي، أن وقوع الاختيار على أتال ما هو إلا واحد من أعراض الفراغ السياسي الذي تعاني منه الحكومة الفرنسية وأضاف أن تفضيل أتال لم يكن بسبب أفكاره، بل باستطلاعات الرأي التي أفرزت نتائجها مواقف إيجابية خلال عمله كوزير للتعليم.

قال الطوسة إن "سقوط أتال الحر ممكن لأن المعادلة السياسية التي يواجهها في البرلمان لم تتغير حيث أنه ليس هناك أي أغلبية مطلقة يمكن من خلالها أن يمرر مشاريع إصلاحية".

وأضاف الطوسة أن "هناك خطر تحالف بعض القوى السياسية البرلمانية للإطاحة بأتال في أي مناسبة خصوصا أن صعوده هذا بدأ يشكل خطرا على بعض الشخصيات التي كانت تهيئ نفسها للاستحقاق الرئاسي المقبل".

ومن بين الشخصيات التي يعتقد الطوسة أن تعد انقلابا لأتال هم جوردان بارديلا من اليمين المتطرف ووزير الداخلية جيرارد دامان ووزير الاقتصاد برونو لومير وإدوارد فيليب رئيس حزب أوريزون اليميني.

ختم الطوسة قوله بأن "كل هذه الشخصيات السياسية يمكن أن تكون لها مسألة موضوعية للإطاعة بأتال أو على الأقل منعه من تحقيق نجاحات سياسية".