"طريق الكوكايين".. ما الذي يحدث في الإكوادور؟

الثلاثاء 9 يناير، ربما كان اليوم ليبدو تقليديا، حتى قاطع عشرات المسلحين الذين يحملون ما يبدو كقنابل يدوية وديناميت البث التليفزيون.

تُظهر مقاطع الفيديو أحد المسلحين يصيح: "قولوا لهم إن معنا متفجرات".

في الخلفية، يمكن سماع صوت طلقات رصاص، فيما يدفع المسلحون الملثمون أفراد طاقم العمل التليفزيوني إلي الأرض.

بحسب صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، استمر بث الهجوم على الهواء مباشرة نحو ١٥ دقيقة إلى أن انقطع البث التليفزيوني.

تمكنت الشرطة في النهاية من السيطرة على الموقف وألقت القبض على ١٣ شخصا، يعتقد أنهم ينتمون لعصابة لوس تيغيرونيس المعروفة بتجارة المخدرات والتي ظهرت أول الأمر في مقاطعة حدودية مع كولومبيا.

قد يبدو للوهلة الأولى أن هجوم غواياكي عشوائيا، إلا أنه يشكل حلقة واحدة في سلسلة من أحداث عنف متنوعة وقعت بشكل متزامن في الإكوادور على مدار ٢٤ ساعة فقط.

فعلى سبيل المثال، اختُطف حوالي ٧ من أفراد الشرطة، وتم تفجير ٣٠ سيارة، كما وقع انفجار في كيتو العاصمة، بالتحديد أمام منزل رئيس محكمة العدل الوطنية.

أما في السجون فقد وقعت أعمال شغب، ويعتقد أن العديد من حراس السجن تعرضوا للاحتجاز على يد مسلحين أيضا.

وفي مواجهة الفوضى، أعلن رئيس الإكوادور دانيال نوبوا، أن بلاده دخلت "صراعا مسلحا داخليا"، وأصدر مرسوما صنف فيه ٢٠ عصابة تهريب مخدرات تعمل في البلاد كجماعات إرهابية، وبحسب وكالة أسوشيتد برس أذن للجيش الإكوادوري بـ"تحييدهم" ضمن حدود القانون الإنساني الدولي.

ومن ثم سيواجه مقتحمو التليفزيون تهمة الإرهاب، وفقا لمكتب المدعي العام في الإكوادور، وبموجب القانون قد تصل عقوبتهم إلى السجن ١٣ عاما.

للإجابة، علينا العودة لما سبق الـ٢٤ ساعة العاصفة، فقد أعلن رئيس الإكوادور يوم الإثنين حالة الطوارئ، في أعقاب هروب خوسيه أدولفو ماسياس فيلامار، وهو زعيم عصابة لوس تشونيروس الذي يعرف أيضا بالاسم "فيتو".

لوس تشونيروس ضالعة في عملية تهريب الكوكايين إلى الولايات المتحدة بحسب صحيفة واشنطن بوست.

ووفقا لحديث اثنين من مسؤولي المخابرات في الشرطة والقوات المسلحة للصحيفة الأميركية، يعتقد أن الهجمات كانت مدبرة بالفعل، وقُصد منها إرسال رسالة للسلطات التي كانت تنوي نقل زعماء عصابات آخرين إلى سجون شديدة الحراسة.

كان نوبوا قد ألقى بيانا مصورا يوم الإثنين 8 يناير، قال إن ما تعيشه الإكوادور الآن هو دليل على الأمور فيها بحاجة للتغير، مضيفا: "انتهى الوقت الذي يقول فيه تجار المخدرات والقتلة المأجورين والجريمة المنظمة، للحكومة ما يجب عليها فعله".

الإكوادور كانت نقطة هادئة في قارة صاخبة، إلا أن معدلات العنف فيها تزايدت على نحو كبير خلال السنوات القليلة الماضية.

ففي العام الماضي سجلت البلاد معدل ٤٠ جريمة قتل لكل ١٠٠ ألف نسمة، مقابل أقل من ٦ جرائم لكل ١٠٠ ألف نسمة في العام ٢٠١٨، حسب وول ستريت جورنال.

والسر؟ في الجيران.

فالإكوادور تقع جغرافيا بين البيرو وكولومبيا، أكبر دولتين إنتاجا للكوكايين في العالم، ما جعلها نقطة عبور مثالية للمواد المخدرة.

ومن ثم تصاعدت أعمال العنف فيها، ارتباطا بحروب عصابات المخدرات، بالإضافة إلى مواجهتها مع الحكومة من أجل السيطرة على طرق التهريب والموانئ.

بدأ مؤشر الأمن يتراجع في الإكوادور مع بداية العقد الجديد، إلا أن بعض الأسباب الرئيسية تعود لفترات سابقة.

بالتحديد في العام ٢٠١٦ عندما وقّعت الحكومة في كولومبيا اتفاقية سلام مع القوات المسلحة الثورية الكولومبية، التي سيطرت بدورها لفترات طويلة على طرق التهريب لموانئ الإكوادور.

القوات المسلحة الثورية الكولومبية رغبت في إبقاء العنف لدى حد أدنى على طرق التهريب، وذلك وفقا لتحليل نشره موقع مجلس العلاقات الخارجية، وهو مركز بحثي أميركي مستقل، إلا أن العصابات استمرت في التناحر، والتسابق على تنازع السيطرة في مناطق النفوذ.

بعض العصابات في المكسيك على سبيل المثال، جندت وكلاء في الإكوادور لمحاولة بسط نفوذها على طرق التجارة غير المشروعة.

عوامل أخرى أيضا لعبت دورا في تصاعد أسهم العصابات وارتفاع معدلات الجريمة:

• شبكة طرق الإكوادور مغرية وعالية الجودة.
• متطلبات سهلة للحصول على تأشيرات دخول.
• جائحة كورونا لعبت دورا، حيث تسببت في ارتفاع معدلات البطالة، وزيادة المرشحين للانتقال للعمل في صفوف العصابات.