اليوم بمليار شيكل.. "الحرب الأغلى" تستنزف الاقتصاد الإسرائيلي

منذ السابع من أكتوبر، ظهرت توقعات وتقديرات إسرائيلية اقتصادية متعددة عن التكلفة الإجمالية للحرب على غزة، لكن الرقم الذي ذكرته صحيفة يديعوت فاق كل تلك التوقعات في فترة قياسية صغيرة جداً.

217 مليار هو رقم يقترب من نصف موازنة الحكومة الإسرائيلية لعام 2023 بأكمله البالغة 484 مليار شيكل، ويشمل هذا الرقم الذي وصف بـ"الهائل" الميزانية القتالية للجيش، والمساعدات الواسعة للاقتصاد في جميع المجالات، بحسب يديعوت أحرونوت.

يتزامن ظهور هذا الرقم في الإعلام مع تسريب محضر جلسة للكابينت برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تخللها صراخ وشجار، بالإضافة إلى تصريحات وزير الاقتصاد نير بركات التي قال فيها إن اقتصاد إسرائيل "على وشك الانهيار" بسبب النقص الحاد في الأيدي العاملة ومنع إسرائيل دخول العمال الفلسطينيين وعدم قدرتها على استيراد أيدي عاملة أجنبية.

في الوقت نفسه، تقوم وزارة المالية بصياغة خطة تقشف شديدة للعام 2024 لتوفير 20 مليار شيكل، من شأنها أن تغضب الإسرائيليين بشكل كبير.

تستند الخطة الجديدة على رفع ضريبة القيمة المضافة ورفع الرسوم الضريبية على الوقود وخفض المساعدات لأصحاب المشاريع الخاصة والشركات وإغلاق مكاتب حكومية "غير ضرورية" وإلغاء منح الأبوة والأمومة، بحسب القناة 12.

بلغت تكلفة اليوم القتالي الواحد للجيش الإسرائيلي في شهر أكتوبر في غزة نحو مليار شيكل (نحو 270 مليون دولار) بحسب يديعوت، بما في ذلك استدعاء 360 ألف جندي احتياط.

وبعد التسريح الجماعي لعشرات الآلاف من الجنود في الأيام الأخيرة، ما زالت تبلغ تلك التكلفة حوالي 600 مليون شيكل في اليوم.

تكلفة رواتب جنود الاحتياط وحدهم بلغت نحو ٩ مليار شيكل، وذلك بسبب الاستمرار في دفع مبلغ 300 شيكل يومياً لكل جندي احتياط يتم تجنيده.

وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية مؤخراً إن تكلفة الحرب المباشرة تخطت 65 مليار شيكل (18 مليار دولار) وهو ما يعادل كامل ميزانية الوزارة السنوية باستثناء المساعدات الأميركية التي تبلغ ٣.٨ مليار دولار أميركي.

يأتي هذا الرقم بالتزامن مع تقديرات أولية لوزارة المالية الإسرائيلية بأن كلفة الحرب على غزة ستتجاوز 50 مليار دولار إذا استمرت لـ8-12 شهراً بالمجمل دون دخول حزب الله على خط المواجهة، مع الأخذ بعين الاعتبار عودة بعض جنود الاحتياط لأعمالهم.

على الصعيد الداخلي، تقول صحيفة يديعوت إن الحكومة اضطرت لدفع تعويضات وصلت لعشرات المليارات من الشواكل، وقامت مؤخراً بخفض تلك التعويضات بسبب عودة الاقتصاد إلى النشاط الكامل تقريباً في معظم إسرائيل.

يضاف إلى ذلك تعويضات الأضرار الجسيمة التي لحقت بالممتلكات والبيوت في مستوطنات وكيبوتسات غلاف غزة وأيضاً في المناطق الشمالية المحاذية للبنان.

وتشير الصحيفة إلى أن تقديرات الأضرار التي لحقت بالممتلكات في البلدات الحدودية الشمالية بلغت حوالي 5-7 مليار شيكل، بالإضافة إلى 15-20 مليار شيكل في غلاف غزة.

ويوازي الدولار الأميركي 3.7 شيكل.

وتتكفل الحكومة الإسرائيلية بنحو 125 ألف نازح من الشمال والجنوب، والذين تصل تكلفة دعمهم إلى مليارات الشواكل، ويكلف النازح الواحد الدولة أكثر من ٦ آلاف شيكل شهرياً.

قبل السابع من أكتوبر، كانت التوقعات الإسرائيلية تشير لعجز في عام 2024 بمقدار 15 مليار شيكل فقط، أي 0.8% من الموازنة. لكن ارتفعت هذه التوقعات لـ111 مليار في تقرير خبراء الخزانة الإسرائيلية الأخير أي أكثر بسبع أضعاف من التقدير السابق.

يسمح القانون الإسرائيلي أن يكون هناك عجز في موازنة الدولة بحد أقصى 44 مليار شيكل، وهذا يعني أن العجز المتوقع يتخطى هذا الحد بـ67 مليار شيكل (نحو 20 مليار دولار)، بحسب صحيفة هآرتس.

وزارة الخزانة حذرت حكومة بنيامين نتنياهو في تقرير لها من أن مستويات العجز الخطيرة التي تواجه موازنة الدولة قد تؤدي لتآكل ثقة المستثمرين بالحكومة ما قد يعني انخفاضاً في الاستثمارات الأجنبية والمحلية في الاقتصادي الإسرائيلي، علاوة على خفض تصنيف إسرائيل الائتماني وبالتالي ارتفاع تكلفة الاقتراض لإسرائيل.

في عام 2022، استقبلت إسرائيل ما يزيد عن 28 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية، وتعد تلك الاستثمارات عصب قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي الذي يُعتبر أحد أهم قطاعات الاقتصاد.

قبل الحرب الإسرائيلية على غزة، حذرت وزارة الخزانة من انخفاض الاستثمارات الأجنبية في بداية 2023 بنسبة 60% بسبب توتر الأوضاع الداخلية على خلفية تعديلات نتنياهو القضائية المثيرة للجدل ومظاهرات المعارضة الأسبوعية.