أيتام غزة يبحثون عن دفء والديهم بالذكريات

بعض البيانات متوفرة، وبعضها غائب، فمنذ بدء الحرب في أكتوبر الماضي، قُتل في الهجمات الإسرائيلية نحو 23 ألفا و357 شخصا، 40% من هؤلاء أقل من 18 عاما.

الآلاف من الأطفال فقدوا ذويهم أيضا، أو على الأقل أحد الوالدين، لكن أحمد مجدلاني وزير التنمية الاجتماعية الفلسطيني في الضفة الغربية يؤكد أن السلطات ما تزال غير قادرة على حصر أعداد الأطفال الأيتام بفعل الحرب في قطاع غزة.

يقول مجدلاني: "لدينا تقديرات أولية تشير إلى آلاف الأيتام. الأرقام كبيرة والتحديات جسام".

بعد نحو 100 يوم من القتال، تعيش ليلى وشقيقها الصغير ووالدتها في كوخ متواضع في رفح، بين عشرات الخيام التي نصبها الأهالي الذين أصبحوا بلا مأوى بفعل القصف.

تكافح والدتهما من أجل التأقلم وسط الأنقاض، في حين يتذكر الطفلان الماضي، فيقول خالد وهو يقفز في حضن ليلى في أثناء جلوسهما: "انهار البيت علينا، وبابا طلع على الجنة وكيّف كتير".

تم تثبيت دعامة معدنية غير مريحة على ساق ليلى التي أُصيبت إبان القصف، كما أن هناك بعض الندوب على وجهها وقدمها.

لكن الحزن يسيطر على كل شيء، ويزيد وطأة الصعوبات والخوف، فتذكر ليلى والدها، وتحن لأيام أكثر هدوءا اعتاد أن يصحبها فيها إلى المتنزه وإلى حديقة الحيوانات، وتقول إنها تحبه "بقدر عدد الأسماك والسماوات وكل شيء".

لم ينج من ويلات الحرب كل من ظل على قيد الحياة، فالآلاف يعيشون في ملاجئ بالمدارس أو في خيام أو أكواخ أو مكدسين في منازل لا تزال قائمة.

وتعيش عائلات بأكملها في غرف فردية، ويعاني الأطفال دوما من الجوع بسبب شح الطعام في غزة.

أما المستقبل فبعيد المنال، خاصة بالنسبة للأطفال الذين فقدوا ذويهم وأجبرتهم الحرب على أن يبلغوا مبلغ الرجال مبكرا، وتحمل عبء إضافي من العمل في حياتهم الجديدة وسط الأنقاض.

ففي خيمة أخرى في رفح، يبكي أحمد الصقر، البالغ مع العمر 13 عاما، وهو يشعل النار تحت قدر الطبخ، إذ يتذكر والده الذي قُتل بسبب غارة على منزلهم، ويقول وهو يمسح دموعه: "كان قبل ما أنام يغنيلي، ويحضني قبل ما أنام".

وأضاف أحمد: "لا تستطيع أمي تحمل كل هذه الهموم والأعباء، ولا تستطيع حمل أخي المصاب بمفردها".

أما رغد أبو نادي، البالغة من العمر 14 عاما، فتذكر أن والدها كان دائما ما يساعدها في الدراسة ويساعد والدتها في الطهي.

تُضيف الطفلة: "أما الآن فقد رحل، رحمه الله، ويجب أن أتحمل المزيد من المسؤولية في هذه السن لمساعدة إخوتي الصغار".

يقول الجيش الإسرائيلي، إنه يبذل ما في وسعه للحد من الأضرار على المدنيين، ويتهم حماس بمحاولة زيادة عدد القتلى من خلال الاحتماء بين عامة الناس، وتقول إسرائيل كذلك، إن الحرب ستستمر لأشهر أطول.

إلا أن بعض المشاهد من الأشهر الثلاثة الماضية، علقت بأذهان الأطفال، كأحمد جاربو، الذي يبلغ من العمر 12 عاما.

يسترجع الطفل اللحظة التي قُتل فيها والده، كانت الأسرة قد لجأت إلى منزل عمه في الطابق الرابع من مبنى مكون من خمسة طوابق عندما سقط صاروخ إسرائيلي أدى إلى انهياره.

يقول: "ابن عمي طار من نافذة الطابق الرابع واصطدم بالأرض. بترت ساقي أخي. أبويا نزل ساجد على الأرض، على القبلة دوغري، مستشهد".