"الدرونز" تغيّر معادلة شمال سوريا.. مَن له اليد الطولى؟

إحدى التسجيلات المصورة التي نشرتها وزارة الدفاع السورية وأعاد الترويج لها حساب "SAM" الشهير عبر منصة "إكس" والمهتم بالأمور العسكرية، تظهر استخدام الجيش السوري "مسيّرة انتحارية" خلال استهداف تحصينات فصائل المعارضة.

ولم يسبق وأن انتشرت مثل هذه اللقطات في سنوات المواجهة السابقة.

ووفق "SAM" وهو مقاتل في الجيش السوري، فإن التكتيك الجديد الذي تعتمده سوريا يشابه "ما تشهده الحرب الأوكرانية".

يقوم التكتيك على استخدام مسيرات "انتحارية" لاستهداف السيارات العسكرية التابعة لفصائل المعارضة، والفصائل المتطرفة في محيط إدلب، وكذلك الأنفاق والتحصينات التي يتحصنون فيها.

وهي من نوع "FPV" وتم إجراء العديد من التدريبات عليها خلال الأشهر الماضية، وبالتحديد من جانب "الفرقة الرابعة" و"الفرقة 25" في الجيش السوري والتي يقودها اللواء سهيل الحسن، المدعوم روسياً.

كما جاءت التدريبات بعدما صعّدت فصائل المعارضة والفصائل المتطرفة على رأسها "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً المصنفة إرهابياً) من إطلاق المسيرات باتجاه مدينة حلب بالتحديد، وعلى قاعدة حميميم الروسية في وقت سابق.

من جانب فصائل المعارضة، تبدو الطائرات المسيّرة التي يعتمدون عليها وكأنها مصنعة محلياً، لكن لا يعرف من هي الجهة التي تتولى هذه المهمة بالتحديد.

وما يؤكد على ذلك، الصور والفيديوهات التي تنشرها وزارة الدفاع السورية بعد عملية الإسقاط، إذ تظهر أجزاء بلاستيكية للطائرة أو من الورق المقوى، مع وجود محرك صغير لمساعدتها على الإقلاع.

يوضح المحلل العسكري والعقيد السابق، فايز الأسمر "بدأ الجيش السوري في الاعتماد على الدرونات في الوقت الحالي بعد تزويده بها من قبل إيران وروسيا".

وسرعان ما اتجه لتغيير تكتيكاته، حيث بدأت تأخذ طابعاً جديداً، خاصة على طول الجبهات مع ريف إدلب وحلب.

الأسمر يقول لبلينكس إن المسيرات التي يستخدمها الجيش السوري "انتحارية"، وإنها تستخدم في قصف مواقع الفصائل المسلحة المعارِضة قرب خطوط التماس في الشمال وإدلب، وحتى في جبهات اللاذقية.

وغالباً ما يستخدمها ضد السيارات أو الدراجات النارية، والاغتيالات أيضاً.

ويعتقد المحلل العسكري أن لإيران اليد الطولى في ذلك، أي أنها هي من تقوم بعمليات الاستهداف بدلاً عن الجيش السوري.

ويتفق الباحث الأمني في مركز "عمران للدراسات الاستراتيجية"، نوّار شعبان في الدور الذي تلعبه إيران بتحوّل الجيش السوري إلى استخدام المسيرات.

ويوضح لبلينكس أن عدة مؤشرات ظهرت خلال السنوات الماضية، وكانت تقود إلى أن "الأمور ستصل إلى حد استخدامها في عمليات الاشتباك مع فصائل المعارضة في الشمال".

بينما كان الجيش السوري والفصائل المسلحة تشتبكان بالمسيّرات في محيط إدلب الأسبوع الماضي، حصل تطوّر لافت لم يسبق وأن شهدته السماء هناك على مدى السنوات الماضية.

التطور تمثّل بتحليق مقاتلة تركية من نوع F16 في أجواء إدلب، قبل أن تعود إلى قاعدتها الجوية في تركيا.

وبعدما أثارت هذه الخطوة الكثير من الجدل، ذكر مصدر في وزارة الدفاع التركية لموقع التلفزيون الحكومي الرسمي أن تحليق المقاتلة في أجواء إدلب جاء "بعدما تم رصد طائرة بدون طيار مجهولة الهوية يمكن أن تهدد قواعدنا".

وتمكنت الـF16 من اعتراض الطائرة المسيرة على الفور، حسبما نقل المصدر.

ولا تنفصل حادثة تحليق الطائرة التركية عن المواجهة الجديدة بالمسيرات في محيط إدلب وريف حلب، وفق ما يقول المحلل العسكري والباحث السوري نوّار شعبان لبلينكس.

يقول إن الطائرة التي اعترضتها المقاتلة التركية إيرانية الصنع، وكانت "انتحارية" وأطلقت من جانب الجيش السوري.

من جانب فصائل المعارضة المسلحة، يقول المحلل العسكري الأسمر إن الفصائل يبدو أنها امتلكت بعض المسيرات البسيطة وأصبحت تهاجم المواقع المنتشرة في الشمال وإدلب وحماة.

ويشرح عدم وجود تكافؤ بين ما يملكه الجيش النظامي من مسيّرات، وما تزوده به إيران وروسيا من جهة، وما يملكه مسلحون مثل هيئة تحرير الشام من جهة أخرى.

من جهته يشير الباحث السوري نوّار شعبان إلى أن إيران عملت في السابق على تشكيل وإنشاء "غرف عمليات للمسيّرات" على طول خط الجبهة في إدلب وريف حلب.

ولم يأت إنشاء هذه الغرف من مبدأ إطلاق الطائرات بل "تقطع الضوابط إلى حد احتوائها على خبراء لتدريب القوات المحلية وغير المحلية على عمليات القصف والصيانة"، حسب شعبان.

ويضيف أن "فصائل المعارضة تستخدم درونات محلية الصنع وتحمل شحنات وقد تصل أو لا تصل. وفي حال وصولها يكون أثرها محدوداً".

في المقابل تحظى سوريا بـ"قوة درونية من صنع إيران"، بحسب شعبان، الذي يوضح أنها "ترسانة لا يستهان بها، وتتنوع بين طائرات انتحارية وطائرات الإغارة والعودة".

"من لديه هذه القوة العسكرية سيحقق أهدافه بأقل التكاليف"، وفق الباحث السوري.

ويتابع المحلل العسكري فايز الأسمر أنه "يمكن القول إن أغلب العمليات بالمسيّرات التي يستخدمها النظام تكون تحت إشراف إيران وروسيا وتوجيهاتهما".