5 سيناريوهات للمرحلة الجديدة من حرب غزة

المحلل الأمني الإسرائيلي عاموس هارئيل قال إن "ثمن استعادة الرهائن هو الإقرار بأن الحرب فشلت"، حيث تصر حركة حماس على شرطها بإنهاء الحرب مقابل صفقة شاملة لتبادل الأسرى واستعادة الهدوء والهدنة.

حتى اللحظة لم تبدِ إسرائيل اهتماماً سوى بصفقة تبادل تشمل وقفا مؤقتا لإطلاق النار على غرار الهدنة الإنسانية في نهاية شهر نوفمبر الماضي. وقد تدوم تلك الهدنة لأسابيع أو شهر أو أشهر.

لكن قيادة حماس تصر على وقف إطلاق نار دائم وترفض الهدن المؤقتة لأنها ترى أن هدنة نوفمبر لم تحدث فارقاً على أرض الواقع بسبب استمرار منع عودة النازحين للنصف الشمالي، وتواجد الجيش الإسرائيلي على الأرض، وعدم إمكانية إيصال المساعدات الإنسانية الضرورية بالشكل المطلوب.

التعويل الآن على حملة الضغط المستمرة التي يقودها أهالي الأسرى والمحتجزين لاستعادة أبنائهم في غزة، ولكن لن يكون من المرجح أن يرضخ شركاء حكومة نتنياهو المتطرفين مثل بتسلئيل سموتريش وإيتمار بن غفير لثمن تلك الصفقة العالي من الأسرى الفلسطينيين الذين سيتوجب على إسرائيل الإفراج عنهم.

جهود الوساطة الدولية مستمرة في مصر وقطر بضغط أميركي إلى أن يتم تقريب وجهات النظر بين الجانبين، لكن تبقى هناك مشكلة عدم وضوح ما هو تصور الحكومة الإسرائيلية عن "اليوم التالي" للحرب: مَن سيحكم غزة، وما الذي يضمن عدم تكرار هجوم 7 أكتوبر.

بعد مرور 100 على الحرب، قدم الإعلام الإسرائيلي كشف حساب عسير للجيش والحكومة، حيث قالت صحيفة يديعوت إنه بعد قصف 30 ألف هدف، ما زال غالبية قادة حماس على قيد الحياة ولم تستطع إسرائيل سوى قتل ما يقل عن ثلث أو ربع مقاتلي الحركة في أحسن التقديرات، ولم ينجح الجيش في تحرير الرهائن.

نتنياهو ووزراء حكومته يقرون أن هدف القضاء على حماس أو تدمير قدراتها لا يمكن تحقيقه في المنظور القريب.

لذلك، تسعى الحكومة الإسرائيلية للوصول لرأس كبار قادة الحركة مثل يحيى السنوار ومحمد الضيف ومروان عيسى الذين تتهمهم بأنهم العقول المدبرة لهجوم 7 أكتوبر، وترى أن اغتيالهم سيسجل صورة انتصار تعمل على رفع معنويات الشارع الإسرائيلي وإحباط مقاتلي وقادة حماس.

وإذا نجح الجيش الإسرائيلي في تحقيق ذلك، فإن نتنياهو قد يستطيع الادعاء بأنه نجح في إضعاف حماس بشكل كبير.

وقد يتجه لعقد صفقة تبادل بشروط أفضل للجانب الإسرائيلي تضم تصوراً عن اليوم التالي للحرب، كاشتراط تواجد قوات عربية أو دولية في غزة لإدارة الشؤون اليومية أو استمرار "حرية العمليات" للجيش الإسرائيلي.

وزير الدفاع غالانت أشار إلى أن هدف اجتياح خان يونس هو الوصول لرؤوس الهرم القيادي في حماس، لكن حتى اللحظة لم تنجح إسرائيل في تحديد مكان السنوار ورفاقه.

الجيش الإسرائيلي يقف الآن على مشارف مدينتي رفح ودير البلح لكن لا يوجد قرار سياسي بدخول المدينة الحدودية مع مصر.

العميد الإسرائيلي المتقاعد يوسي كوبرفاسر يقول إنه "إذا لم تقم إسرائيل باجتياح رفح فإن حماس قد فازت لأنه قواتها في تلك المدينة لا يزالون بصحة وعافية، وربما تحتفظ حماس بالأسرى في رفح مع كبار قادتها المطلوبين".

لكن دخول رفح سيكون الهجوم الأعقد حتى اللحظة للجيش الإسرائيلي، لتواجد غالبية سكان القطاع المهجرين والنازحين فيه ما رفع من كثافته السكانية لثلاث أضعاف.

الحكومة الإسرائيلية ترفض إعادة النازحين للنصف الشمالي حتى اللحظة، حيث تسعى لاستخدام تهجيرهم كورقة ضغط.

لذلك، إذا قام الجيش بدخول رفح فإنه قد يعمل على تهجير سكانها نحو دير البلح وخان يونس التي يقوم الآن باجتياحها وتدميرها، ولكن ذلك لن يكون بالأمر السهل.

إسرائيل ستخاطر في هذه الحالة بإغضاب المصريين الذين يخشون من أن اجتياح رفح يعني دفع الفلسطينيين فيها للفرار نحو سيناء.

إذا دخلت إسرائيل مدينة رفح، فقد تقوم بتصدير صورة أنها احتلت غزة بأكملها وحطمت قدرات حماس العسكرية فيها بشكل كبير، ما يقرب نهاية الحرب.

لكن إطلاق حماس للصواريخ من مناطق دخلها الجيش بالفعل مثل الوسطى وجباليا وشمال غزة تهدمان صورة الانتصار تلك.

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يقول إن الحرب على الرغم من خفض وتيرتها إلا أنها ستستمر لوقت طويل حتى تضمن إسرائيل أن حماس "لن تتمكن من السيطرة على قطاع غزة والعمل كقوة عسكرية فيه".

هذا بالإضافة لضمان الحرية العملياتية للجيش، أي إمكانية دخول وخروج الجنود في غزة وقتما شاءوا لتنفيذ عمليات اغتيال واعتقال كما يحدث في الضفة الغربية.

السعي وراء هذا الهدف قد يستغرق أشهراً طويلة حتى نهاية العام الجاري أو لسنوات بعد ذلك.

ويرى خبراء إسرائيليون أن حكومة نتنياهو تقوم بخفض وتيرة القتال ورفع المساعدات الإنسانية المسموح بدخولها لغزة من أجل تخفيف الضغوط الدولية عليها وكسب المزيد من الوقت.

الخبراء يرون أن نتنياهو ربما يسعى لإطالة أمد المعركة في غزة لأطول وقت ممكن للمحافظة على بقائه في منصبه. ولعل عينه الآن على الانتخابات الأميركية في نوفمبر القادم حيث أنه في حال نجاح دونالد ترمب فقد يتمكن من البقاء في كرسيه.

لكن مشكلة هذا السيناريو هي استمرار ضغط عائلات المحتجزين في غزة وتصاعد تظاهرات المعارضة ضد الحكومة، ما يعني المخاطرة بنفاذ صبر حلفاء نتنياهو المؤقتين في كابينت الحرب أو حتى بعض أعضاء التحالف الحاكم.

التوترات في حكومة نتنياهو متصاعدة بشكل يومي والمناوشات بينهم مستمرة بلا توقف.

الأعين الآن على وزير الدفاع السابق بيني غانتس، والجنرال غادي أيزنكوت، قائدا المعارضة الذين انضموا لمجلس الحرب بعد السابع من أكتوبر، فهما الأقرب لترك الحكومة في أي لحظة، خاصة مع الفشل في إحراز أي تقدم في ملف المفاوضات.

وزير الدفاع يوآف غالانت أيضاً لم يُخفِ امتعاضه من نتنياهو بشكل متكرر، وقد يقرر ترك الحكومة في أي لحظة ما سيؤدي لموجات تظاهر ضخمة في البلاد.

في حال انسحاب بعض النواب والوزراء من التحالف الحاكم، فإن ذلك قد يعني التوجه لانتخابات كنيست جديدة من المرجح ألا يتمكن نتنياهو من المحافظة على منصبه بعدها، ما قد يغير الحسابات الإسرائيلية في الحرب الجارية بشكل كبير.