عقبات داخلية تمنع إيران من استعراض قوتها

اختُبر الجيش الإيراني، ووجد حدّا لقدرته على إظهار القوة هذا الأسبوع، عندما ردت باكستان على هجوم صاروخي بأوّل غارة جوية معترف بها علنا على الأراضي الإيرانية منذ عقود، حسب وول ستريت جورنال.

جاء الانتقام الباكستاني في أعقاب الهجمات المباشرة الأولى التي شنتها إيران على الدول المجاورة منذ بدء حرب إسرائيل على غزة خلال أكتوبر.

في الأيام الأخيرة، بعد أن ضربت قوات تقودها الولايات المتحدة الحوثيين، خرجت إيران من خلف حلفائها المسلحين وهاجمت ما قالت إنهم جواسيس إسرائيليون في العراق، وإرهابيون في باكستان وسوريا.

وكانت الضربات، وفق وول ستريت جورنال، بمثابة استعراض للقوة لخصوم إيران في الخارج وللداخل الذي يطالب بالانتقام من الهجوم الذي وقع في 3 يناير، وأدّى إلى مقتل عشرات الأشخاص في مدينة كرمان الإيرانية.

بينما ترغب إيران في إبراز قوتها ونفوذها، فإنها مترددة في التعامل بصورة مباشرة مع الولايات المتحدة أو حلفائها، ما قد يؤدي إلى انتقام كبير أو حرب شاملة، وفق نيويورك تايمز.

القادة بإيران يدركون أن عقودا من العقوبات والحظر أدت إلى تدهور القوات العسكرية الإيرانية واقتصادها، وأن حكومتهم تواجه معارضة داخلية شديدة، حسب الصحيفة الأميركية.

وكانت إيران تأمل في التعويض عن نقاط ضعفها من خلال تطوير الأسلحة النووية، الأمر الذي من شأنه أن يضعها على قدم المساواة مع باكستان وإسرائيل، لكن حتى الآن لم ينتج برنامجها النووي قنبلة نووية.

لذلك حسب نيويورك تايمز، "فإن الاستثمار في قوات بالوكالة بلبنان والعراق واليمن، وحماس في قطاع غزة، يسمح لإيران بإحداث المتاعب لخصومها".

للضربات الإيرانية المباشرة علاقة كبيرة بمشكلات الحكومة في الداخل، وفق نيويورك تايمز. فمع تصاعد التوترات في جميع أنحاء المنطقة، أصبحت طهران هدفا بصورة متزايدة.

وخلال الشهر الماضي، هاجمت جماعة انفصالية مركزا للشرطة في جنوب شرق إيران، ما أسفر عن مقتل 11 شخصا. واغتيل اثنان من كبار قادتها في سوريا، وحمّلت إيران إسرائيل المسؤولية. ثم في الشهر الحالي، أدّت التفجيرات الانتحارية في كرمان بإيران إلى مقتل ما يقرب من 100 شخص.

ويقول محللون إيرانيون ومقربون من الجيش، لنيويورك تايمز، إن إيران أرادت استعراض القوة مع التركيز على المتشددين الذين يشكلون قاعدة دعمها، وكانوا بالفعل غاضبين من الهجمات الإسرائيلية، فذهبت إيران إلى الهجوم.

تشكّل بلوشستان منطقة مضطربة على الحدود الإيرانية الباكستانية، إذ تشهد صراعا منذ سنوات بين القوات الأمنية وجماعات متشددة، إلا أنّها قد تتسبب راهنا في تصاعد التوترات بين الجارتين.

تُعد محافظة سيستان بلوشستان في جنوب شرق إيران، وإقليم بلوشستان في غرب باكستان، من أكثر المناطق فقرا في البلدين، وهما منطقتان شاسعتان تكافحان الجفاف باستمرار، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة فيهما.

ويشكل إقليم بلوشستان موطنا لمجموعة البلوش الذين يُقدّر عددهم الإجمالي بـ10 ملايين نسمة، يعيش غالبيتهم في باكستان، بما في ذلك إقليم السند، مع وجود ملايين عدة في إيران وأقلية أصغر بكثير في أفغانستان.

وتتقاسم إيران وباكستان حدودا يبلغ طولها نحو ألف كيلومتر (620 ميلا)، تشهد عمليات تهريب كثيرة خصوصا للوقود، بسبب طبيعة الحدود التي يسهل اختراقها، وفق تقرير لفرانس برس.

لطالما تصاعدت التوترات على جانبي الحدود، لكنّها نادرا ما تشتعل على غرار ما يحصل راهنا، إذ تضرب كل من إيران وباكستان ما تسميه أهدافا "إرهابية" داخل المنطقتين المعنيتين.

وأفادت وسائل إعلام رسمية إيرانية بأن 9 أشخاص قتلوا في ضربات جوية باكستانية، الخميس، بعد يومين من تنفيذ إيران ضربات ضدّ أهداف في باكستان، ما أسفر عن مقتل طفلين على الأقل.

ولطالما اشتكى الناشطون أن المنطقة تعرّضت لتمييز اقتصادي وسياسي من السلطات الإيرانية التي أعدمت أعدادا كبيرة من البلوش بتهم عدة، أبرزها تهريب المخدرات، وفق فرانس برس.

وفي انعكاس للفقر الذي يسود المنطقة، يعمل عدد كبير من البلوش في شاحنات نقل الوقود. ويقومون بتهريب المحروقات عبر الحدود إلى باكستان حيث يمكن بيعه بسعر أعلى.