فرمان هيئة تحرير الشام: "شرطة للآداب" في إدلب | ترقب سوري

قبل أن يطرح في الإعلام كان قائد "هيئة تحرير الشام"، أبو محمد الجولاني، قد تحدث عن "قانون الآداب العامة"، كما أطلق عليه، وأشار إلى توجه حكومته (الإنقاذ) في العمل على "تغليب جانب الدعوة على جانب العصا"، حسب تعبيره.

وتوضح الناشطة سميرة الإحسان أن القانون المثير للجدل والمرتقب "لا ينفصل عن إجراءات مشابهة تقود بالتشدّد لأن يكون مقونناً".

الإحسان تشير في حديث لبلينكس إلى أن الإجراء حصل خلال الفترة الأخيرة باستبعاد الإناث من كلية الإعلام التابعة لحكومة الإنقاذ، حرصاً "على عدم الاختلاط".

وتضيف أنه "وقع كالصدمة على جميع الفتيات اللواتي كنَ يتمنين الخوض بهذه التجربة".

وتمنع "حكومة الإنقاذ" وهي الواجهة الإدارية لـ"هيئة تحرير الشام" الاختلاط بين الجنسين في جامعة إدلب بكل تخصصاتها.

وفي قانونها الذي تجس به نبض الشارع كما ترى الإحسان، توجد الكثير من البنود التي "تكرس هذه الحالة".

لكن المحامي والقانوني السوري، فهد الموسى يرى أن "القانون الذي طُرحت بنوده للإعلام يشكل مأسسة"، ويقول إنه حالة متطورة لإلغاء الجهات السابقة التي تصدّرت مثل "سواعد الخير" و"الحسبة".

وهاتان كانتا بمثابة الجهاز الرقابي الذي كانت دورياته تجول في شوارع إدلب، وتفرض الإيديولوجيا الخاصة بـ"تحرير الشام" عندما كان اسمها "جبهة النصرة".

ويوضح الموسى أن "قانون الآداب العامة يعتمد على الشريعة والعرف في المنطقة، ويتطابق مع القانون الجزائي السوري والمدني بنسبة 75 بالمئة".

تسيطر "تحرير الشام" على كامل محافظة إدلب، الواقعة في شمال غرب سوريا.

ورغم أن "حكومة الإنقاذ" تعلن عن نفسها كجهة "مستقلة"، دائماً ما يظهر الوزراء والمسؤولون فيها باجتماعات مع "أبو محمد الجولاني".

ومنذ ظهورها في الشمال السوري دائماً ما كانت الأضواء تتسلط على أجهزتها التي عرفت بعدة أسماء مثل "الحسبة" و"سواعد الخير" و"مركز الفلاح".

وكانت مهمة هذه الأجهزة تتركز على نحو كبير بما طرحه "قانون الآداب العامة"، والذي يروًج له حالياً كمرحلة جديدة ستتولى "وزارة الداخلية" مهمة تطبيقه.

قبل أن يكون اسمها "تحرير الشام" عرفت بـ"جبهة فتح الشام" وقبلها بـ"جبهة النصرة".

وينطبق ما سبق على حالة "شرطة الآداب العامة"، والتي لا تنفصل عن الأسماء السابقة المذكورة أعلاه من "حسبة" و"سواعد خير"، كما يعتقد خبراء في شؤون الجماعات المتطرفة.

يقول الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة ماهر فرغلي إنه "يجب أن لا ننسى أن هيئة تحرير الشام أصولها سلفية جهادية وكانت تابعة لتنظيم القاعدة عندما سميت باسم جبهة النصرة".

ويرى في حديث لبلينكس أن "الإجراءات التي تصب في إطار التشدد والتي بدت وتيرتها أعلى خلال الفترة الأخيرة، هي جزء من الصراع البيني الداخلي حول المرجعيات".

ويضيف "يوجد داخل تحرير الشام عدة فصائل تحالفت معها إما بالرضا أو الإجبار. وهذه سلفية وتحاول الضغط دائماً باتجاه تثبيت المرجعية السلفية الدينية الأصولية".

من جانب آخر كان "الجولاني" قد تعرض لاتهامات من شخصيات متشددة داخل "الهيئة" وتنظيمات أخرى بأنه "خرج عن الخط الجهادي".

ولا يستبعد الباحث فرغلي أن تكون إجراءاته الحالية "جزء من نفي التهمة"، أو محاولة لـ"ضبط الإيقاع الداخلي وإحداث حالة من التوازن داخل الفصيل الذي يقوده".

كما لا يستبعد أن تكون الإجراءات "خطوة لإثبات حدود الإمارة وأجهزتها الفاعلة على الأرض"، مضيفاً أنه "بذلك يقدم نفسه للداخل على أنه يحافظ على الأخلاق وللخارج كمسيطر أساسي على المنطقة".

لكن الناشطة الإحسان ترى المشهد غير ذلك، وتعتقد أن الإجراءات "الأكثر تشدداً" والمثيرة للجدل ترتبط بالضرورة بشكل "الهيئة" والحكومة التابعة لها.

وتوضح بالقول "صورة الحكومة وهيئة تحرير الشام لا تضع أي مجال للشك في أن تكون القوانين الصادرة عنها كما هي المطبقة الآن".

ويعتبر المحامي السوري فهد الموسى أن "قانون الآداب العامة" والمواد التي تضمنها له إيجابيات وسلبيات.

ويوضح أن إحدى إيجابياته ترتبط بقربه من عرف المنطقة والمجتمع وأنه ينظم عمليات التفتيش و"يكسر حالة الأحكام المزاجية التي كانت سائدة في الفترة السابقة".

وفيما يتعلق بسلبياته يضيف أنه "يتحدث ويركز كثيراً على الاختلاط، وهو أمر قد يخلق إشكاليات بحسب الفقه وتقديرات الواقع".

ومع ذلك يعتبر أن "وضع القوانين يمنع المزاجية التي كانت رائجة عند بعض العناصر المتشددين والمسؤولين سابقاً عن الكثير من القطاعات في المنطقة".