معاناة الأسر السورية في 2024 "دخل بالليرة ومصروف بالدولار"

بحسب مؤشر قاسيون المحلي ارتفع متوسط تكاليف المعيشة لعائلة مكونة من خمسة أفراد في مناطق الحكومة السورية إلى أكثر من 12 مليون ليرة، مع بداية العام 2024.

ويواصل المؤشر ارتفاعه في وقت لا يتجاوز فيه الحد الأدنى لدخل الفرد 185 ألف و900 ليرة سورية.

توضح البيانات أن الحد الأدنى لتكاليف المعيشة للأسرة وصل إلى 7 ملايين ليرة ونصف (أي 500 دولار بحسب سعر الصرف الموازي).

تعتبر الأرقام المذكورة كما يقول الشاب المقيم في حمص محمد العايد "واقعية" حتى أنها قد تزيد في بعض المناطق، وتصل إلى مستويات أعلى في العاصمة دمشق.

يوضح العايد لبلينكس أن "12 مليون ليرة سورية (900 دولار)، لا تتضمن في الغالب أية كماليات".

"متوسط تكاليف المعيشية خاص فقط بشراء الأساسيات اليومية، من خضروات ولحوم وفاتورة الكهرباء والوقود"، بعيداً عن الاحتياجات الأخرى التي تتطلب "ميزانية خاصة" وفق قوله.

ويتم رفد "الميزانية" في الغالب من أفراد العائلة المغتربين في الخارج، وفق العايد، وخاصة أن الراتب الشهري لا يجابه الحد الأدنى للإنفاق، حسب تعبيره.

لا يختلف الواقع المعيشي في مناطق سيطرة الحكومة السورية عن تلك الخارجة عن سيطرتها في شمال سوريا، كما يتحدث سمير البكور الذي يعيش في مدينة إدلب.

ومع ذلك يشير إلى اختلاف يتعلق بـ"العملية الحسابية للعملة".

يوضح البكور لبلينكس أن متوسط التكلفة المعيشية للأسرة من 5 أفراد في شمال سوريا يصل وبشكل تقريبي إلى 3 آلاف ليرة تركية، أي ما يعادل 100 دولار.

ولا ينسحب ذلك على جميع السكان، بل يشمل السكان الأصليين ومن يعيش داخل غرف إسمنتية، بعيداً عن سكان المخيمات البالغ عددهم أكثر من مليوني شخص.

إلى الشمال الشرقي حيث تسيطر "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) يشير عكيد إبراهيم إلى حال مشابه.

وبينما يشير لبلينكس إلى اختلاف من زاوية الأسعار والإنفاق، يوضح أن "الأسرة المقيمة في القامشلي والمكونة من 5 أفراد تحتاج في المتوسط وبشكل شهري 100 دولار".

لكن تكمن مشكلة بأن "الـ100 دولار لا يسهل تحصيلها لغالبية السكان"، ولاسيما أن معظمهم لا يعمل ضمن دوائر "الإدارة الذاتية".

في حين أصبح كثيرون في عداد "العاطلين عن العمل"، ولا يفكرون سوى بالبحث عن آلية للخروج من البلاد، حسب ما يقول عكيد إبراهيم.

إذا ما تم أخذ سلة من المواد الرئيسية التي تحتاجها الأسرة السورية شهرياً وحسابها بالدولار، فإن تكلفتها في المناطق التي تسيطر عليها الدولة تقارب 105 دولارات شهرياً.

بينما في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة تكلف حوالي 100 دولار، وفي مناطق "قسد" تنخفض إلى 75 دولار، حسب ما يوضح الباحث الاقتصادي السوري، عبد العظيم المغربل لبلينكس.

ويعود ذلك، حسب ما يشير الخبير الاقتصادي، إلى رخص المحروقات بالإضافة لوفرتها في مناطق قسد، ما ينعكس إيجابا على القطاعين الزراعي والصناعي، وبالتالي تنخفض الأسعار بشكل عام.

المحلل الاقتصادي السوري، فراس شعبو، يشير إلى "اختلاف بين مناطق النفوذ الثلاث، ناتج عن الميزة التنافسية التي تتمتع بها كل منطقة".

لكنه في المقابل يقول لبلينكس إن "المناطق الثلاث تعطي أجوراً منخفضة للأفراد، وهي غير كافية لسد الفجوة بين الإنفاق والدخل".

ويؤكد على ذلك الباحث الاقتصادي عبد العظيم المغربل، مضيفاً أن "ما يميز المناطق الثلاثة في سوريا بجانب تكاليف المعيشة المرتفعة، هو ضعف الدخل".

يبلغ الحد الأدنى للأجور في مناطق الدولة السورية 185 ألفا و940 ليرة سورية شهرياً، وهو ما يعادل 12 دولار ونصف.

وفي مناطق المعارضة، تبلغ أجور عمال اليومية حوالي 50 دولار في الشهر، حسب الباحث المغربل.

أما في مناطق "قسد" فتبلغ أجور عمال المياومة حوالي 900 ألف ليرة (60 دولار).

حتى الآن لا توجد أي بوادر لتحسين الأوضاع المعيشية للسكان في سوريا.

وعلى العكس حذّرت مسؤولة كبيرة في مجال المساعدات بالأمم المتحدة، من أوضاع معيشية قد تكون "الأسوأ" بالنسبة للسوريين في العام 2024.

ويشير الباحث الاقتصادي عبد العظيم المغربل إلى أن الأسر السورية تعتمد على توسيع مصادر دخلها من خلال عدة أمور.

يقول الباحث: "قسم منها كان يحصل على مساعدات إنسانية من قبل الأمم المتحدة، لكنها توقفت مع بداية العام 2024".

ويعتمد قسم آخر على حوالات الأقارب أو الأفراد المقيمين في الخارج.

ويضيف الباحث: "يوجد قسم من الأسر يحاول تعزيز دخله من خلال العمل في مهنتين، أو التحول للعمل على الإنترنت".

وبشكل عام تعتبر الحلول المذكورة غير مستدامة وتعاني من انقطاعات بشكل متكرر وعوائق، بحسب الباحث الاقتصادي السوري عبد العظيم المغربل.

ويشير المغربل إلى أنه "ليس بمقدور الجميع توسيع دخله من خلال هذه الحلول، وبالتالي هي حلول مؤقتة وغير مجدية لمعالجة المشكلة من أساسها".