تفاصيل خطة إسرائيل لـ"تجويع غزة" بعد الحرب

في يوم الاثنين، الساعة الرابعة عصراً، ما أن انتهى الجنود من زرع الألغام في 10 بيوت مدنية في مخيم المغازي حتى فوجئوا بإطلاق قذيفة تجاه المبنى الذي كانوا بداخله أدت لتفعيل المتفجرات التي زرعوها وانهيار مبنيان كانوا بداخلهما.

ثم قام مقاتلو القسام بإطلاق قذيفة أخرى تجاه دبابة تواجدت في المكان لحماية جنود الوحدة الهندسية وقاموا أيضاً بتفجير عبوات ناسفة في المنطقة.

القناة 12 الإسرائيلية أشارت أن مهمة أولئك الجنود كانت "تطهير المنطقة" أي بمعنى إزالة جميع الأبنية والمنشآت والحقول الزراعية في المناطق التي تبعد عن حدود السياج الإسرائيلي الفاصل مع غزة أقل من 1,5 كم.

وقالت صحيفة يديعوت في تقرير آخر إن استخدام جنود المشاة بدلاً من الطائرات الحربية في قصف تلك المباني كان بسبب ارتفاع تكلفة القصف الجوي بشكل كبير جداً ومحدودية الصواريخ الجوية بالإضافة لعدم نجاح الطائرات في جميع الأحيان في إتمام مهمة إزالة المباني المستهدفة.

لذلك، الاستعانة بالجنود والجرافات على الأرض هدفها هو التأكد من أن تلك المناطق ستصبح قاحلة بالكامل.

قبل السابع من أكتوبر، فرضت إسرائيل "منقطة عازلة" داخل غزة نفسها بعرض 300 متر على طول الشريط الحدودي اعتبرتها منطقة محظورة على سكان القطاع.

أي شخص يقوم بدخول تلك المنطقة كان معرضاً للموت أو الإصابة البالغة برصاص الجيش الإسرائيلي.

معظم الأراضي الزراعية الأكثر خصوبة في قطاع غزة متواجدة في تلك المناطق بالتحديد، وسمحت السلطات الإسرائيلية أحياناً لبعض المزارعين بالدخول في المنطقة العازلة لكن مع محافظة ابتعادهم عن السلك الفاصل بـ100 متر على الأقل.

لكن لم يكن أولئك المزارعون بأمان، فقوات الجيش الإسرائيلي قامت من حين لآخر بإطلاق النار باتجاههم وقتل بعضهم.

صور نشرتها صحيفة يديعوت أحرنوت في بداية شهر يناير لمنطقة الشجاعية في غزة وقرية خزاعة في خانيونس قبل وبعد الحرب، وفي كلتا الصورتين كانت المناطق المصورة ممسوحة بالكامل.

الصحيفة قالت إن الجيش الإسرائيلي يقوم بسحق ومسح أحياء بكاملها بالجرافات بعد قصفها وتدميرها جواً أو بالدبابات أو القذائف المدفعية أو الألغام والمتفجرات.

وفي تقريرها الأحدث، ذكرت يديعوت أن أعمال التدمير الشاملة تلك قام بها الجيش في مختلف أنحاء القطاع مثل جباليا وبيت حانون والوسطى وبيت لاهيا بهدف صريح وهو تدمير أي المباني والمنشآت الواقعة بين السياج الفاصل وبين منطقة عازلة جديدة يخطط الجيش لإقرارها بعمق 1,5 كم على امتداد حدود غزة.

ويخطط الجيش لاحتلال تلك المنطقة عسكرياً وإغلاقها بشكل كامل في وجه سكانها حتى بعد انتهاء الحرب وعودة التهدئة.

هذا يعني ابتلاع نحو 65 كم مربع من القطاع البالغة مساحته 365 كم مربع أي حوالي 18% من المساحة الكلية.

عرض قطاع غزة يبلغ في بعض المناطق 6 كيلومترات، وقد يتقلص هذا العرض لـ4,5 كم فقط .

المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي قال يوم الثلاثاء "لا نريد أن نرى تقليصا في أراضي غزة تحت أي ظرف من الظروف. ولن نؤيد ذلك"، وهو موقف كرره وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في معارضته لأي "تغيير دائم" في قطاع غزة.

لكن بلينكن قال إن إدارة بايدن قد تكون منفتحة تجاه "ترتيبات انتقالية"، وهو ما قالت يديعوت إنه إشارة ضمنية لخطة المنطقة العازلة تلك.

بمعنى آخر، قد تتغاضى الإدارة الأميركية عن ابتلاع إسرائيل لخمس مساحة غزة إذا ما تظاهرت الحكومة الإسرائيلية بأن ذلك مجرد إجراء مؤقت.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن البروفسور بالاكريشنان راجاجوبال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في السكن الملائم أن "التدمير المنهجي للمنازل الحدودية الفلسطينية يمكن أن يشكل جريمة حرب لأنها لا تشكل تهديداً مباشراً لإسرائيل".

وأضاف المقرر الخاص "ببساطة لا يوجد أي نص في اتفاقيات جنيف بشأن ما تفعله إسرائيل على طول الحدود".

بحسب الأمم المتحدة، فإن إعلان إسرائيل 1 كم من مساحة غزة كمنطقة عازلة يعني ابتلاع نحو 30-55% من الأراضي الزراعية في القطاع وإضاعة ما يقدر بـ75 ألف طن من الإنتاج الزراعي سنوياً وهو ما يعادل ما يزيد عن 50 مليون دولار في العام.

وبحسب مركز مراقبة النزوح الداخلي، فإن 12% من سكان القطاع تأثروا بشكل مباشر بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة في المناطق العازلة حول الشريط الحدودي وفي البحر.

هذا الرقم من شأنه أن يتضاعف بشكل كبير في حال أقامت إسرائيل المنطقة العازلة على عمق 1,5كم لإنه كلما تعمقت في غزة أكثر وابتعدت عن السياج الفاصل كلما ارتفعت الكثافة السكانية وأعداد المنازل.

معنى تلك الخطة هي مفاقمة "الكارثة الإنسانية" على حد تعبير الأمم المتحدة، سواء أزمات المجاعة التي انتشرت نتيجة الحرب والحصار الكامل أو البطالة الخانقة التي عانى منها غالبية سكان غزة قبل الحرب.