اللاجئون والمهاجرون في مصر.. عبء اقتصادي أم استثمار؟

قبل نحو من 10 سنوات قررت السورية نهلة الإمام التي جاءت إلى مصر بعد اندلاع الحرب في سوريا، أن تبدأ مشروعا صغيرا للطهي في منزلها لإعداد المأكولات السورية وبيعها، مع الوقت توسع مشروعها وأصبح شركة مسجلة لدى هيئة الاستثمار الحكومية.

تقول الإمام في حديث لبلينكس: "في البداية أردت مساعدة السيدات اللاتي يعانين من ظروف صعبة، وأمهات الأطفال الأيتام، بعد ذلك توسّع المشروع وأصبح يضم نساء من جنسيات مختلفة ومنهن مصريات".

سورية ومصرية ويمنية وسودانية وإريترية، هؤلاء هن فريق الطهاة الأساسي لدى شركة نهلة، التي تتنوع خدماتها بين ثلاث قطاعات: تحضير المأكولات من مختلف المطابخ، وتصنيع وبيع المشغولات اليدوية، وتنظيم وتحضير الحفلات والفعاليات.

تقول الإمام "أنا في الأصل مدرسة فنون جميلة، لكن حين بدأت مشروع المطبخ طورت من نفسي عن طريق الدورات التدريبية مع جمعيات الطهاة المحترفين، درست كثيراً واستثمرت في نفسي، وحالياً أعمل على مشروع أكبر".

ويختلف نموذج العمل في شركة نهلة بين النساء اللاتي يعملن في المطبخ مباشرة، وبين هؤلاء اللاتي يعملن من منازلهن.

لكنها ترى أن أكبر تحد للمشروع، هو عدم وجود مكان ثابت لمطبخها، تقول: "ليس لنا مكان ثابت. نضطر للانتقال بين الحين والآخر بسبب ارتفاع أسعار الإيجارات، أتمنى الحصول على مقر دائم".

حول الحملات التي تهاجم اللاجئين واستثماراتهم التي تنشط على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر، تقول الإمام إنها لا تلتفت لمثل هذه الأمور "الرزق بيد الله".

لا يوجد رقم دقيق لحجم استثمارات وأعمال المهاجرين في مصر، لكن أحدث تقرير من منظمة الهجرة الدولية صدر في أغسطس عام 2022، يقدّر حجم استثمارات رجال الأعمال السوريين البالغ عددهم نحو 30 ألف مستثمر في السوق المصري، بنحو مليار دولار.

ويذكر التقرير أن 37% من "المهاجرين" الذين يعيشون في مصر، يعملون في وظائف ثابتة وشركات مستقرة.

يخلص التقرير إلى أن "المهاجرين في مصر يساهمون بشكل إيجابي في سوق العمل، ويساعدون في نمو الاقتصاد المصري".

"عند التعامل مع مساهمة المهاجرين واللاجئين في الاقتصاد، يجب علينا التفريق بين المصطلحين"، حسب ما يقول الخبير الاقتصادي المصري كريم العمدة في تعليق لبلينكس.

يضيف: "اللاجئ هو من تتكفل به المفوضية الأممية، أما المهاجر فمنهم المستثمر، أو العامل المدرَب، أو الطالب، وهؤلاء عادة ما يسهمون بشكل إيجابي في الاقتصاد، ويدخلون للبلاد عملة صعبة أيضا".

يشرح العمدة "السوريون في مصر أحدثوا نقلة في قطاع مطاعم الوجبات السريعة، من خلال تقديمها بأسعار مناسبة وخدمة جيدة، فوجدت مطاعمهم رواجاً، وتفوّق بعضها على الكثير من المطاعم المصرية".

عن السودانيين، يقول العمدة: "السودانيون الذين جاءوا إلى مصر كثير منهم من فئة ميسورة ماليا، بسبب قدرتهم على دفع تكاليف الرحلة الطويلة من بلادهم إلى القاهرة، بجانب تحمل تكاليف المعيشة المرتفعة في مصر".

يستدرك: "صحيح أنهم تسببوا في ارتفاع كبير في أسعار إيجارات المنازل في الكثير من المناطق، لكنهم يملكون العملة الصعبة التي يضخّونها في عجلة الاقتصاد".

يفسّر العمدة سبب الحملات التي تهاجم المهاجرين: "عادة ما تكون بسبب منافسات السوق، أو بسبب الضغوط الاقتصادية، فالأمور تتأزم يوما بعد يوم".

عن الحل، يقول الخبير الاقتصادي: "على الدولة أن تفكر في الاستفادة من وجود المهاجرين وزيادة إسهاماتهم في تحسين السوق وأوضاع الاقتصاد".

رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، المحامي عصام شيحة، يؤيد فكرة التفريق بين اللاجئ والمهاجر، يقول لبلينكس "بعض المهاجرين يمتلكون قدرات مالية، أما الغالبية فيشكلون عبئاً على الدولة المصرية، لأنهم يزاحمون المصريين في الخدمات التعليمية والصحية وغيرها".

يضيف شيحة "لكن الدولة المصرية لم تجبر أي مهاجر أو طالب لجوء على الرحيل أو مغادرة البلاد"، ويواصل قائلاً "الشعب المصري بطبعه مضياف، اللاجئون والمهاجرون بمختلف جنسياتهم، يندمجون في المجتمع المصري، ويعيشون حتى في الأحياء الشعبية بين المصريين دون تفرقة".

يوضح شيحة "اللوم الذي يوجّه لبعض المستثمرين السوريين في مصر مثلاً، يتعلق عادة بعدم التزامهم بتشغيّل نسبة 50% من المصريين في مشروعاتهم والمنصوص عليها في القانون، لكن الدولة تتفهّم هذا، لأنهم عادة ما يشغّلون مهاجرين ولاجئين آخرين، فيتكفّل هؤلاء بأنفسهم، وبالتالي يخففون العبء عن الدولة".