"المجيرمي" يحكي عن "غوانتانامو النقب"

من بعد ٧ أكتوبر، حُرم السجناء والمعتقلون الفلسطينيون في سجن النقب من مشاهدة التلفزيون، والاستماع إلى الراديو، وممارسة الرياضة، وتم تقليل وجبات الطعام إلى أن وصلت إلى وجبة واحدة في اليوم، حسب ما يقول محمد لبلينكس.

يضيف أن إدارة سجن النقب "فصلت الأسرى عن الحياة الخارجية"، ولم يكونوا يعلمون ماذا يجري في الخارج وما هي تطورات الحرب في غزة.

ونقلت وكالة وفا الفلسطينية عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، أن المعتقلين في سجن النقب عاشوا دون كهرباء منذ ١٢ أكتوبر، وكذلك تم قطع المياه عن الغرف.

وطالبت الهيئة، اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتدخل الفوري لوقف ما وصفته بالجريمة، وأن يتم التوجه فورا إلى سجن النقب الموجود فيه قرابة 2000 سجين.

يزيد هذا العدد وينقص باستمرار، بسبب الاعتقالات الكثيرة في الضفة الغربية، إذ تعتقل إسرائيل في اقتحاماتها لمخيمات الضفة الكثير من المواطنين، ثم تفرج عن معظمهم بعد التحقيق.

ودعت الهيئة إلى "إجبار إدارة السجن على إعادة الماء والكهرباء لكل الأقسام، وأن تتعهد بعدم تكرار هذه الممارسات الانتقامية التي تخالف كل الأعراف والمواثيق الدولية"، على حد وصفها.

وقتلت إسرائيل 6 معتقلين فلسطينيين، ترفعهم بعض التقارير إلى 7 قتلى، داخل سجونها منذ الحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر.

محمد المجيرمي، الذي تغيّرت ملامح وجهه وجسده داخل السجن، يقول: "كنا ننضرب كل يوم. ضربت في ١١ أكتوبر، وفي ١٦ أكتوبر، وفي ٢١ أكتوبر، وفي ٢٦، وفي ٣١، وفي ٢ نوفمبر".

يصف محمد حراس السجن بالمتعطشين للاعتداء، لأنهم كانوا كل يوم يعتدون على عدد من الأسرى، وكأنهم يتناوبون عليهم، على حد تعبير محمد.

وقبل 7 أكتوبر، طلب وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير من الحكومة، أن تمنع الزيارات عن المعتقلين الفلسطينيين الأمنيين، وبعد ٧ أكتوبر منعت الزيارات عن جميع الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، حسب ما نقلت تايمز أوف إسرائيل.

بحسب محمد، لم تسمح إدارة السجون للصليب الأحمر وللعيادة الموجودة في سجن النقب الواقع جنوب غرب مدينة بئر السبع الصحراوية، بمعالجة من تضرروا من الاعتداء عليهم.

يشهد محمد على كسر يد صديقه في السجن، الذي ظل يعاني دون علاج، وخرج محمد من السجن وصديقه ما زالت عظام يده مكسورة.

وبالنسبة للطعام، يقول محمد: "يطعمونا ٥ غرامات أرز في اليوم".

يشرح أن حارس الغرفة الذي يمدهم بالأكل كان يبصق في الطعام أحيانا، ويتبول فوقه في أحيان أخرى، وفي مرة من المرات بصق فيه ولم يعطه لهم داخل الغرفة، وقال لهم أصبح فاسدا، لكن محمد وزملاءه في الغرفة طلبوا منه أن يعطيهم الصحن، ونظفوه وأكلوه.

وتوقع محمد السؤال القادم في أثناء مقابلة بلينكس معه، وقال: "قبل أن تسألوني كيف سأتناول هذا الأرز المبصوق فيه، أنا كان وزني ١٠٠ كيلو قبل ٧ أكتوبر، اليوم وزني ٦٣ كيلو، الجوع يجعلنا نأكل أي شيء".

بقي محمد المجيرمي في القسم نفسه مع ثائر أبو عصب، الذي اعترفت إسرائيل بقتله داخل السجن من قبل حراس القسم، لكنها قالت إن ملابسات الحادثة غير واضحة وستحقق فيها، بحسب جيروزاليم بوست.

صحيح أن محمد كان في القسم ذاته مع "أبو عصب"، لكنه كان في الغرفة رقم ١٠، وثائر في رقم ٦، حسبما ذكر لبلينكس، وبسبب اقتراب الغرف من بعضها، سمع محمد ما حدث مع ثائر يوم ١٨ نوفمبر الماضي.

بدأت القصة عندما سأل ثائر أحد الحراس: "هل يوجد وقف إطلاق نار في غزة؟"، فنادى الحارس اثنين من زملائه وضربوه بعصا حديدية على رأسه، ليفقد ثائر وعيه ثم نقلوه إلى عيادة السجن.

يقول محمد: "مهما حدث لنا من أمراض أو كسور أو ضرب لم نكن نحلم أن يتم نقلنا إلى أي مستشفى، لكن ثائر تم نقله إليه".

وبناء على ذلك فهم محمد ومن معه في القسم أن ثائر قد فارق الحياة، وهو ما ثبت بعد ساعات عندما أُعلن مقتله.

ونقلت صحيفة جيروزاليم بوست عن إيتمار بن غفير قوله، إنه لن يحاسب من قتلوا ثائر أبو عصب، لأنه يعتقد أنهم "بريئون حتى إثبات العكس، ولا مجال لتحديد مصيرهم قبل إجراء تحقيق متعمق.

وأضاف الوزير اليميني: "يجب أن نتذكر أن حراس السجون يتعاملون مع حثالة البشر، القتلة، الذين يشكلون خطرا أمنيا، واقترح عدم التشهير بحراس السجن"، على حد تعبيره.