انتصار أم هزيمة.. كيف استقبل الداخل الإسرائيلي قرار محكمة العدل؟

نائب الكنيست أحمد الطيبي أشار إلى أن محكمة العدل قبلت تهمة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بالإبادة الجماعية، وفرضت على الحكومة التحقيق مع سياسيين ووزراء وأعضاء كنيست بتهم التحريض على الإبادة.

لكن الطيبي يشير إلى أن الصحافة الإسرائيلية لم تكترث إلى أي من ذلك، قائلا: "في استوديوهات التلفزيون هناك نشوة بأنه يمكننا مواصلة الحرب".

وبالفعل، معظم الصحف الإسرائيلية احتفت بقرار المحكمة بوصفه انتصارا، باعتباره لم يذكر وقف إطلاق النار بصورة صريحة، مثل صحيفة والا ويديعوت أحرونوت ومعاريف وإسرائيل هيوم والقناة 13 وجيروزاليم بوست.

وسارع نتنياهو إلى القول إن قرار المحكمة يؤكد "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وهو ما استنبطه من عدم ذكر المحكمة أمراً بإيقاف الحرب في غزة.

لكن القناة 12 ذكَّرت أن المحكمة لم ترفض مزاعم جنوب أفريقيا وقبلت القضية، في حين قالت القناة 11 إن القرار كان "دراماتيكياً"، لأنه يوجب على إسرائيل ملاحقة المحرضين على الإبادة الجماعية، وأن توفر المساعدات الإنسانية لغزة.

وقالت مقررة الأمم المتحدة، فرانشيسكا ألبانيز، في تصريحات لبلينكس: "قرار المحكمة بالغ الأهمية، إذ يجبر إسرائيل على تقديم ما يثبت أنها تنفذ إجراءات تمنع التدمير والقتل الجماعي الذي يحدث بالفعل".

وأضافت: "يمثل القرار تطورا كبيرا في بحث الشعب الفلسطيني عن العدالة، وستكون الآن كل أفعال إسرائيل تحت المجهر".

قرار محكمة العدل الدولية من شأنه تقوية موقف المعارضة التي تقول إن حكومة نتنياهو تسببت في تدمير صورة إسرائيل دولياً بسبب تصريحاتها المتطرفة.

شيرا مارغاليت، مديرة استوديوهات كوما الإسرائيلية، قالت إن محكمة العدل بنت قرارها بناءً على تصريحات "ساسة إسرائيليين يمارسون التحريض ويدعون إلى تدمير غزة"، وهو ما دفعها إلى التهكم على ما أسمته "حكومة نتنياهو المجيدة"، واتهامهم بأنهم هم من يعرضون إسرائيل للخطر ويحرجونها أمام العالم.

منظمة زولتا الإسرائيلية البحثية لامت أيضاً دعوات قادة الحكومة من الرئيس ورئيس الوزراء وحتى أعضاء الكنيست والفنانين والشخصيات العامة الداعية إلى ارتكاب جرائم التهجير القسري والإبادة الجماعية، وقالت: "لهذا الخطاب تأثير عميق على مكانتنا الدولية، كما كشفنا وحذرنا. يجب على القضاء الإسرائيلي والنظام القانوني أن يتحركا ضد المحرضين. انتقادات لاهاي تجبر إسرائيل على كبح جماح الخطاب المتطرف".

وناشد رئيس المعارضة ورئيس الوزراء السابق يائير لابيد "وزراء الحكومة وأعضاء الائتلاف لضبط النفس والحذر في تصريحاتهم، حتى لا تتسبب في مزيد من الضرر الدولي، وتشويه وجه إسرائيل في العالم".

صحيفة يديعوت أحرونوت نقلت عن مسؤولين إسرائيليين كبار قولهم، إن قرار المحكمة لا يغيّر أي شيء على الأرض عملياً، وإنهم راضون عن تلك النتيجة.

وقال المسؤولون: "جميع المطالب الواردة في الأوامر المؤقتة التي أصدرتها المحكمة في لاهاي هي أمور تلتزم بها إسرائيل في كل الأحوال، ولا يوجد لها أي بعد تنفيذي".

وأضافت الصحيفة -نقلاً عن المسؤولين الإسرائيليين قولهم-: "ومن بين أمور أخرى، طلبت المحكمة تجنب التدابير التي من شأنها أن تسبب الإبادة الجماعية.. نحن نتجنبها في أي حال من الأحوال. لا يوجد أي أمر يمنعنا من القيام بشيء نفعله اليوم، وسيستمر القتال كالمعتاد".

الصحيفة تقول، إن كبار المسؤولين في إسرائيل غير قلقين، لأنه "حتى الأمر المتعلق بضرورة التحرك ضد كبار المسؤولين الإسرائيليين الذين يدعون إلى الإبادة الجماعية ليست له أهمية كبيرة، لأن المستشارة القانونية للحكومة قد أعلنت بالفعل أنها تتحقق من مثل هذه التصريحات".

احتفاء إسرائيل بنتيجة المحكمة لم يمنع وزراء حكومة نتنياهو من الهجوم عليها ونعتها بمعاداة السامية، وفقاً لصحيفة معاريف.

وقال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير: "لاهاي في حالة من الفوضى. قرار المحكمة المعادية للسامية يثبت ما كان معروفا مسبقا، هذه المحكمة لا تسعى إلى العدالة، وإنما إلى اضطهاد الشعب اليهودي. لقد صمتوا في أثناء المحرقة واليوم يواصلون النفاق. يجب ألا نستمع للقرارات التي تعرض استمرار وجود دولة إسرائيل، وعلينا أن نواصل هزيمة العدو حتى النصر الكامل".

ووزير الدفاع يوآف غالانت قال: "دولة إسرائيل لا تحتاج إلى وعظ أخلاقي للتمييز بين الإرهابيين والسكان المدنيين في غزة. لقد ذهبت محكمة العدل الدولية إلى أبعد من واجبها عندما قبلت طلب جنوب أفريقيا المعادي للسامية لمناقشة ادعاء الإبادة الجماعية في غزة، وأضافت خطيئة للجريمة عندما لم ترفض الالتماس بصورة قاطعة".

أما عضو الكنيست من التحالف الحاكم تسفي سوكوت فقال: "محكمة لاهاي هي الذراع السياسية لمعاداة السامية القاتلة المتجددة. سيرك من النفاق الشرير وكراهية اليهود. يقتبسون كلام الرئيس ورئيس الوزراء ووزير الدفاع. استمرار مباشر لمعاداة السامية في جميع الأجيال.. المعاداة الكاملة".

وقرر وزير النقب والجليل يتسحاق فاسرهوف الرد باللغة الإنجليزية، وكتب بجانب العلم الإسرائيلي: "لن يحدث ذلك مرة أخرى".

بينما صرح عضو الكنيست دان إيلوز: "القرار الذي اتخذ في لاهاي يسخر من الواقع. الوضع مشابه لسيناريو يجلس فيه القضاة المؤيدون للنازية بعد الحرب العالمية الثانية، على أساس اقتباسات من مؤيدي النازيين مثل أونروا، ومناقشة مسألة ما إذا كانت الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى قد ارتكبتا إبادة جماعية، لأنهما حررتا العالم الحر من النازيين. من حاول حقًا ارتكاب إبادة جماعية كان حماس فقط".

"قراءة وإعلان أن على دولة إسرائيل أن تحترم القانون الدولي يشبه مطالبة الرسام بالرسم. إن دولة إسرائيل تتمسك بالقانون، وسوف تستمر في القيام بذلك، وبالتالي فإن قرار المحكمة ليس له أي معنى حقيقي باستثناء الإضرار المتعمد بمكانة إسرائيل السياسية".

الدبلوماسي الإسرائيلي السابق ألون بنكاس، قال إن حكم محكمة العدل الدولية كان متبايناً لإسرائيل، ليس بالانتصار الصريح أو الهزيمة الواضحة.

وأضاف بنكاس، الذي عمل مستشاراً لرئيس الوزراء إيهود باراك والرئيس شمعون بيريز، أنه مع ذلك فإن قرار المحكمة يُعد "طلقة تحذيرية" لإسرائيل يجب أن تُقلق نتنياهو.

المحكمة أوجبت على إسرائيل تقديم تقرير خلال 30 يوما عن التزامها بأوامر القضاة بتحسين الوضع الإنساني وملاحقة المحرضين على الإبادة، والسماح بدخول المساعدات، وحفظ الأدلة، والامتناع عن القيام بأي أعمال تقع ضمن نطاق الإبادة الجماعية.

وفي حال امتنعت إسرائيل عن تقديم التقرير أو فشلت بإظهار اتخاذها خطوات ملموسة في التقرير للالتزام بأوامر المحكمة، فإن محكمة العدل من شأنها اتخاذ إجراءات جديدة، بحسب المسؤول الأممي السابق كريج مخابر.