"""الجاسوس الوسيم"" يهدد نتنياهو.. من هو يوسي كوهين؟"

"عارض الأزياء.. الجاسوس الوسيم"، هذان اللقبان من بين أسماء أطلقتها الصحافة الإسرائيلية على يوسي كوهين، رئيس الموساد حتى العام 2021.

كوهين يتعمد أن يعيش حياته مثل شخصية جيمس بوند، فهو دائماً أنيق يرتدي نظارات شمسية سوداء، وبذلات داكنة اللون، دون ربطة عنق، وحريص أن تلتقطه عدسات الكاميرات بغموض في أثناء رحلاته الدولية.

يُعد كوهين "زير نساء"، مثل شخصية بوند، إذ قالت صحيفة تايمز أوف إسرائيل عام 2021 إنه كان على علاقة غرامية بمضيفة طيران متزوجة لقبها بـ"أميرتي"، كان يتفاخر أمامها وزوجها بأسرار جهاز الموساد، خاصة عملياته الخارجية.

الزوج قال، حينها للصحيفة إن كوهين ذكر له تجنيد الموساد سياسيا عربيا معروفا، وإنه عندما تولى رئاسة الجهاز الاستخباراتي طرد 6 من كبار المسؤولين "بلا رحمة"، من الذين كانوا يعتقدون أنه صديقهم المفضل.

في بداية شهر يناير الحالي، اجتمعت سارة زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي مع عائلات الأسرى المحتجزين في غزة، وطالبتهم بعدم الظهور الإعلامي والعلني، باعتبار أن ذلك يصب في مصلحة حماس ويزيد الضغط على الحكومة الإسرائيلية، بحسب معاريف.

وقالت سارة، إن "كل ما يسمعه السنوار، من عائلات الأسرى يزيد من قوته"، وهو ما أثار غضب الحاضرين، ودفع زوجها إلى التدخل لتخفيف التوتر، خاصة بعدما اعترضوا على مطلبها.

في تلك الحادثة، خرج يوسي كوهين عن صمته بصورة غير معتادة، وقال لعائلات الأسرى: "واصلوا التظاهر أمام مجلس الوزراء والحكومة، نحن بحاجة للضغط من أجل إعادة الأسرى".

هذا التصريح اعتبره البعض محاولة للظهور سياسيا باعتباره الرجل الأكثر حرصاً على مصلحة العائلات.

في عام 2021، اعتبر نتنياهو علناً أن يوسي كوهين، بجانب سفير إسرائيل لدى أميركا رون ديرمر، الحليفان القريبان للحصول على منصبه بعد تقاعده من السياسة.

كوهين كان أحد أقرب المقربين لنتنياهو والأوفياء له، عندما اختاره رئيس الوزراء الإسرائيلي عام 2016 ليصبح رئيساً لجهاز الموساد.

لكن، بعد شهر من اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، قالت صحيفة هآرتس إن كوهين تمرد على عائلة نتنياهو، ونقض ولاءه لهم، وأنهم لن ينسوا له ذلك، خاصة زوجة رئيس الوزراء سارة.

كان السبب في ذلك أمرين، الأول هو انضمامه إلى منتدى عائلات الأسرى، وإشارته بصورة ضمنية إلى أنه من يقود مفاوضات تحريرهم.

هذا الأمر دفع مكتب نتنياهو إلى إحراجه علناً بإصدار بيان يقول إن "هناك هيئة واحدة فقط تتولى عملية إطلاق سراح الأسرى"، وهي جهاز الموساد، وإن "أية جهة أخرى تدّعي أن لها علاقة بالأمر غير مخولة بذلك".

هذا البيان اعتبره محللون سياسيون بمثابة تبرؤ من كوهين.

وبعد يوم من البيان، تراجع نتنياهو قليلاً، وقال إنه مَن أعطى الموافقة لكوهين للقاء زعماء عرب وشخصيات مهمة بهدف الوساطة لإطلاق سراح الأسرى.

بعدها، تم إدراج كوهين ضمن وفد الموساد التفاوضي، لكن تحت رئاسة ديفيد بارنيا رئيس الجهاز الحالي.

أما السبب الآخر والأهم فهو ظهور كوهين الإعلامي الكبير في بداية الحرب للترويج لنفسه سياسياً، والإلقاء باللوم على نتنياهو فيما حدث في 7 أكتوبر، والدعوة بصورة ضمنية للإطاحة به.

كوهين قال في نهاية أكتوبر الماضي: "شعب إسرائيل لا يستحق الإجابات فحسب عن المسؤول عن إخفاق 7 أكتوبر، وإنما يستحق نظاماً أفضل يعرف كيف يحمي دولة إسرائيل داخل حدودها".

إذا بقي نتنياهو رئيساً لحزب الليكود، فإن حزبه سيحصل على 16 مقعدا فقط في انتخابات الكنيست القادمة، في حين سيحصل منافسه رئيس المعارضة بيني غانتس على 37 مقعدا، أي أكثر من الضعف، هذا بحسب استطلاع رأي حديث نشرته صحيفة معاريف مؤخراً.

لكنّ يبقى الأمل لحزب الليكود في حال تغيير رئيسه، فإذا تم إحلال وزير الاقتصاد نير بركات بدلا من نتنياهو، فقد ترتفع حصة الحزب إلى 21 مقعدا، وقد يُعطي يوسي كوهين دفعة أكبر في الانتخابات، ويرفع من فرصه في الفوز، إذ تُظهر استطلاعات الرأي تفضيل قاعدة ناخبي الحزب له على أي مرشح آخر.

وفي استطلاع رأي في شهر نوفمبر الماضي، حصد كوهين 21% من الأصوات، مقابل 11% فقط لنير بركات، و12% لوزير الدفاع يوآف غالانت، و13% لوزير العدل السابق جدعون ساعر.

كوهين قادر على تقديم نفسه كسياسي تصالحي، قادر على لمّ شمل أحزاب اليمين التي انضمت للمعارضة ضد نتنياهو مثل حزب البيت اليهودي لأفيغدور ليبرمان، وحزب الأمل الجديد لجدعون ساعر.

أما بشأن الفلسطينيين فهو يعتقد بأنه يجب أولاً الإطاحة بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأن يخلفه شخص أكثر ليونة وتساهلاً لتحريك المياه الراكدة.

في عام 2021، أعلن النائب العام الإسرائيلي فتح تحقيق شامل ضد يوسي كوهين بعد تلقيه "هدية" في أثناء ترؤسه جهاز الموساد، بلغ مقدارها 20 ألف دولار في عرس ابنته من الملياردير الأسترالي جيمس بيكر.

كوهين أقر بتلقيه ذلك المبلغ، لكنه ادعى أن ذلك كان بعلم الموساد، وأنه استشار الدائرة القانونية في الجهاز، وأعلن مبادرته إعادة الهدية.

هذه القضية تذكّر بالقضايا التي تلاحق رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو، إذ تم توجيه التهم له رسمياً بقبول هدايا فاخرة من ملياردير يهودي أميركي مقابل تسهيلات وسياسات محابية له.