مزارعو أوروبا في شوارعها.. أسباب "انتفاضة الجرارات"

يعود سبب الاحتجاجات التي يقودها عمال هذا القطاع، حسب صحيفة ليبيراسيون، إلى تداعيات السياسات الزراعية المشتركة التي اعتمدتها دول الاتحاد الأوروبي في بروكسيل عام 2021 وبدأ تنفيذها في يناير 2023.

ويعارض المزارعون هذه السياسات بسبب حظرها للمبيدات الحشرية ومبيدات الأعشاب مما سيخفض من محاصيلهم الزراعية.

موازاة مع ذلك، يعارض الفلاحون أيضا معاهدة تجارية بين الاتحاد الأوروبي ودول ميركوسور في أميركا الجنوبية. ويسمح هذا الاتفاق باستيراد لحوم البقر من البرازيل والأرجنتين التي تعتبر من الدول التي تفرض معايير أقل صرامة من تلك التي تفرضها الحكومة على المزارعين الفرنسيين، وفقا لتحقيق أجرته قناة تي إف 1 أنفو.

ويؤكد المزارعون الفرنسيون أن ارتفاع أسعار الأسمدة والطاقة وغيرها من المواد اللازمة لزراعة المحاصيل وإطعام الماشية، أدى إلى تآكل دخلهم الشهري الذي لا يتجاوز 1800 يورو، وفقا لتحقيق أجرته صحيفة لوفيغارو مع مجموعة من الفلاحين الفرنسيين.

ويهدد تحرك المزارعين الفرنسيين بالتحول إلى أزمة اجتماعية جديدة بعد عام من التعبئة الواسعة ضد رفع سن التقاعد والذي أحدث شغبا وفوضى بالمناطق الحضرية.

بدأ الفلاحون احتجاجاتهم في بداية الخريف، وفقا لصحيفة لو بروغري الفرنسية، لكنهم اقتصروا على قلب اللافتات التي تشير إلى الحد الفاصل بين البلديات، وذلك تنديدا بـ"عالم يسير عكس التيار".

ومنذ مساء الخميس 25 يناير 2024، خرج الفلاحون بجراراتهم على الطرق السيارة جنوب غرب البلاد وتجمعوا أيضا في التقاطعات الدائرية محدثين اضطرابات في حركة السير.

وبعد هدوء مؤقت عم نهاية الأسبوع الماضي، عاد الفلاحون من جديد يوم الإثنين وقاموا بالتوغل في العاصمة، وحاصر المزارعون المحتجون المكاتب الحكومية بالسماد، وأحاطوا باريس بحواجز مرورية من الجرارات وحزم القش.

تصديا للاضطراب الذي خلقه الاحتجاج في حركة السير، طلب وزير الداخلية جيرالد دارمانان من الشرطة إظهار "الاعتدال" المطلوب وعدم "التدخل في نقاط الإغلاق" بل "حمايتها". وأوضح أن الرئيس إيمانويل ماكرون أعطى "تعليمات" من أجل "ضمان عدم توجه الجرارات إلى باريس والمدن الكبرى حتى لا تتسبب في صعوبات كبيرة للغاية"، وفقا لما نقلته فرنس بريس.

شغل غضب المزارعين في فرنسا وبعض الدول الأوروبية الأخرى حيزاً في محادثات اليوم الأول من الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي إلى السويد، والمخصصة بشكل كبير للبحث في سبل تسريع المساعدات الدفاعية الأوروبية لأوكرانيا.

على هامش زيارته، خاطب ماكرون خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون مواطنيه الفلاحين ليطمئنهم أنه لا يقبل باتفاقيات تجارية بين الاتحاد الأوروبي وتكتل ميركوسور، الذي يضم الأرجنتين والبرازيل والأوروغواي وباراغواي ودولا أخرى بأميركا الجنوبية.

ومن ستوكهولم، قال الرئيس "يجب علينا استيراد المنتجات من الدول التي تبذل نفس النوع من الجهد. وإلا فإننا نخلق فرصا لعدم التكافؤ والمنافسة غير العادلة"، حسب ما نقله عنه موقع ويست فرانس.

ويشير موقع لو جورنال دو ديمونش إلى استطلاع رأي أجراه معهد تحليل سلوكيات المستهلك لفائدة قنوات تلفزية أن 94٪ من الفرنسيين يساندون حظر المنتجات الزراعية الأجنبية التي لا تحترم المعايير الفرنسية.

تعهد رئيس الحكومة غابريال أتال، الأحد 28 يناير 2024، بـ "التحرك بسرعة" استجابة لغضب المزارعين، بعد أن كان قد وافق الجمعة على أحد المطالب الرئيسية للمتظاهرين بإلغاء الزيادة الضريبية على الديزل الزراعي وتيسير الإجراءات الإدارية إضافة إلى تدابير أخرى لحماية المزارعين.

ونقلت صحيفة لوموند عن متحدث باسم الاتحاد الوطني للأبقار ترحيبه بخطاب رئيس الوزراء الفرنسي، لكنه عبر عن استيائه من غياب أي وعود بخصوص المطالب الأخرى والتي يعد استيراد اللحوم واحدة منها.

تأثر أكثر من ربع المقاطعات الفرنسية، أي حوالي 30، بهذا التحرك الزراعي الأوروبي. وعلى غرار فرنسا، خرج فلاحو كل من بلجيكا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا وهولندا للتنديد بالتحديات التي باتت القوانين الزراعية بالاتحاد تفرضها عليهم.

بلجيكا

مع اقتراب انعقاد قمة لزعماء الاتحاد الأوروبي، سارع مزارعو بلجيكا بجراراتهم إلى العاصمة بروكسيل سعيا في زيادة الضغط على الحكومة لاتخاذ إجراءات تحمي القطاع الزراعي من المنافسة الأجنبية وارتفاع تكاليف الإنتاج.

إسبانيا

أعلنت النقابات الزراعية الرئيسية في إسبانيا انضمامها إلى التحرك، مع عمليات "تعبئة" في كل أنحاء البلاد خلال "الأسابيع المقبلة" للتنديد بالقواعد الأوروبية.

إيطاليا

شهدت إيطاليا أيضا تظاهرات في الأسابيع الأخيرة حيث احتج الثلاثاء عشرات المزارعين بجراراتهم قرب ميلانو شمالا قائلين إنهم تعرضوا "للخيانة من أوروبا".

ألمانيا

أغلق المزارعون في ألمانيا الاثنين العديد من الموانئ، بينها ميناء هامبورغ وهو الأكبر في البلاد، إلا أن حصار باريس تردد صداه باعتباره علامة فارقة جديدة للتعبئة في أوروبا.

هولندا

بدأت انتفاضة العالم الزراعي في يونيو 2022 في هولندا إذ تسببت خطة حكومية لخفض انبعاثات النيتروجين من طريق الحد من المواشي بفقدان آلاف المزارعين الهولنديين مصدر رزقهم. وبواسطة جراراتهم قطعوا الطرق السريعة واحتجوا أمام منازل القادة السياسيين.