سيناريوهات إسقاط نتنياهو.. لماذا تصعب الإطاحة بحكومة إسرائيل؟

في ظل الحديث عن التقدم في مفاوضات صفقة لتبادل الأسرى وهدنة مؤقتة مطولة، أعلن وزير الأمن إيتمار بن غفير خطوطه الحمراء التي قد تعوق حدوث انفراجه في الأفق.

حليف بن غفير، وزير المالية بتسلئيل سموتريش أيضاً، قال: "لا أعتقد أنه ستكون هناك صفقة، ولا أريد تضليل العائلات"، وذكر في حديث آخر أن حزبه لن يكون جزءا من "الاستسلام"، في إشارة إلى معارضة إنهاء الحرب.

ويمتلك حزب "القوة اليهودية" الذي يتزعمه بن غفير ستة مقاعد في الكنيست، في حين لدى حزب "الصهيونية الدينية" لسموتريتش سبعة مقاعد.

هذا يعني أن انسحاب أي منهما سيؤدي إلى انهيار الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة، لكن يرى مراقبون إسرائيليون أن هذا السيناريو من غير الوارد حدوثه.

بن غفير وسموتريتش يعيان بأنه إذا انهارت حكومة نتنياهو، فلن يعودا لمقاعد الحكم بعد الانتخابات، لأن المعارضة حالياً من المتوقع أن تجمع أكثر من 70 مقعدا، ما يعطيها أغلبية برلمانية.

لذلك، سموتريتش سخر من بن غفير مؤخراً، وقال "لا أحب الإنذارات والتهديدات، تكلم أقل واعمل أكثر"، في إشارة إلى أنها مجرد تهديدات.

وبإمكان نتنياهو إجراء تصويت في الكابنيت على صفقة التبادل، يسمح لبن غفير وسموتريتش برفض الصفقة، في حين تصوت الأغلبية بالإيجاب، فتتم الصفقة ويحفظ اليمين المتطرف ماء الوجه بتسجيل اعتراضه دون ترك الحكومة.

عضوا الكنيست، وزير الدفاع السابق بيني غانتس ورئيس أركان الجيش السابق غادي أيزنكوت، سارعا للانضمام مع حزبيهما للتحالف الحاكم عشية إعلان الحرب على غزة، من أجل توفير الاستقرار لحكومة نتنياهو وإظهار الوحدة الوطنية.

لكن الاختلافات والتصادمات ما بين نتنياهو وغانتس وأيزنكوت كثيرة منذ ذلك الحين. فغانتس مثلاً لم يتوانَ عن اتهام نتنياهو بالضعف وعدم الأهلية للقيادة بعد صمت الأخير تجاه مؤتمر إعادة استيطان غزة.

وتعالت الدعوات والضغوط على وزير الدفاع السابق للانسحاب من التحالف الحاكم، والقتال لعقد انتخابات مبكرة، ستكون فرص نتنياهو في النجاح فيها ضعيفة للغاية.

في حال رضخ غانتس وأيزنكوت للضغوط وانسحبا من مجلس الحرب، فإن ذلك سيدفع الشارع الإسرائيلي نحو فقدان الثقة في حكومة نتنياهو بالكامل، والانفجار غضباً في الشوارع بأعداد هائلة للتظاهر.

لكن مع ذلك، من غير المرجح أن يؤدي ذلك إلى إسقاط الحكومة، لأن التحالف الحاكم سيظل لديه في تلك الحالة أغلبية برلمانية بواقع 64 مقعدا في الكنيست من أصل 120.

أحد أقرب حلفاء نتنياهو في الحكومة هو آرييه درعي رئيس حزب شاس ليهود الحريديم الألترا أرثوذكس، الذي يمتلك 11 مقعداً في الكنيست.

درعي كان أول من استنجد بغانتس وأيزنكوت وأقنعهما بالانضمام إلى حكومة مجلس الحرب في 8 أكتوبر، وتقول صحيفة هآرتس إن سبب ذلك كان خوفه من أن يتقوقع نتنياهو على نفسه ويصد وزير الدفاع يوآف غالانت ويتخذ قرارات مندفعة تدفع بالحكومة نحو الانهيار.

لذلك، دعا البعض المعارضة الإسرائيلية إلى تكثيف الضغط على درعي وحزبه لليهود شديدي التدين، وتأليب الرأي العام ضدهم، لدفعهم لقبول تحديد موعد انتخابات.

على سبيل المثال، جادل الصحافي في هآرتس، آفي بار إيلي، بأنه يجب إخبار جنود الاحتياط وعائلاتهم بأنهم يقاتلون ويعانون من صعوبات نفسية ومادية، في حين الأحزاب الأرثوذكسية المتشددة تضع أيديها في جيوبكم وتنعم بميزانيات سخية من الدولة.

ودعا إيلي المعارضة إلى استخدام ورقة التجنيد الإجباري كتهديد ضد حزب شاس الذي يمثل اليهود الحريديم الذين لا يخدمون في الجيش، بالإضافة إلى إغراق المحكمة العليا بطلبات الالتماس ضد الحكومة.

لكن مع كل ذلك، تقر "هآرتس" بأن الحكومة الحالية تعد حكومة أحلام درعي، وأنه يعلم أنه قد لا يحصل على حكومة مماثلة في المستقبل. فحزب شاس لديه الآن ستة وزراء في الحكومة ونائبا وزير و"شيك مفتوح" في الميزانية، وغيرها من المميزات بحسب الصحيفة الإسرائيلية.

صحيفة وول ستريت جورنال قالت، الثلاثاء، إن نتنياهو يضع مستقبله السياسي في حرب غزة قبل أي قرار مفصلي ومهم يجب اتخاذه، وأن الأولوية بالنسبة له هو البقاء في الحكم.

بمجرد توقف الحرب، ستنهال المساءلات والانتقادات لرئيس الوزراء على التقصير الذي سمح بوقوع 7 أكتوبر، وهو ما قد يدفع بالحكومة نحو الهاوية.

وعلى صعيد آخر، طالب وزير الدفاع غالانت أن يتم إجراء انتخابات الكنيست بعد ستة أشهر فور انتهاء الحرب على غزة، وهو ما لا يبشر بخير لنتنياهو الذي تدهورت شعبيته في جميع استطلاعات الرأي بعد 7 أكتوبر.

لذلك، جادل وزير في الكابنيت بأن الحرب لا مستقبل لها، ولكن نتنياهو يسعى لإطالتها لأطول وقت ممكن للبقاء في منصبه.

بحسب صحيفة معاريف، فإن حزب الليكود الذي يقوده نتنياهو عرض على زعيم المعارضة يائير لابيد الانضمام إلى مجلس الحرب والتحالف الحاكم، وأن يحصل على وزارتي المالية والأمن بدلا من سموتريتش وبن غفير.

والهدف هو تأمين ظهر الحكومة في حال التوصل لاتفاق تبادل أسرى مع حماس، إذ لا يتمكن بن غفير من إفشاله وإسقاط الحكومة.

وفي حال تنفيذ ذلك الاتفاق، فإن احتمالات انهيار الحكومة ستزداد بعد تنفيذ الصفقة وإنهاء الحرب، فعقد انتخابات مبكرة سيصب في مصلحة لابيد والمعارضة.

لإسقاط حكومة نتنياهو، يجب على 5 نواب كنيست أن يعلنوا انسحابهم من التحالف الحاكم.

أحزاب شاس واليهودية الموحدة والقوة اليهودية لبن غفير والصهيونية الدينية لسموتريتش كلها من الصعب أن يتم استقطاب بعض أعضائها وإغراؤهم بترك الحكومة، لذلك، الأعين على حزب الليكود أكبر أحزاب التحالف الحاكم الذي يحظى حالياً بـ32 مقعد كنيست.

أحد الأسماء التي من الممكن إقناعها بالتخلي عن نتنياهو، وزيرة الدعاية السابقة غاليت ديستل أتباريان، الوحيدة التي أعلنت استقالتها من منصبها بسبب 7 أكتوبر.

أتباريان قالت في شهر نوفمبر بأنها "تغلي غضباً" تجاه نتنياهو، وفي الشهر التالي أقرت بأنها قد "أذنبت" عندما كانت في الحكومة بما ساهمت فيه من تفرقة وتقسيم الرأي العام وتأجيج الصدع بين المعارضة والحكومة.

هناك أيضاً وزير الدفاع الحالي يؤاف غالانت الذي سجل انتقاده المتكرر لسلوك نتنياهو في إدارة الحرب على غزة، خاصة تجنبه الحديث عن استراتيجية "اليوم التالي" لانتهاء الحرب.

نتنياهو كان قد طرد غالانت من منصبه في شهر مارس الماضي، بسبب اعتراضه على التعديلات القضائية، وهو ما تسبب في تفجير غضب الشارع وارتفاع أعداد المتظاهرين فاضطر إلى إعادته لمنصبه مرة أخرى.

وهناك أيضاً وزير الاقتصاد نير بركات المرشح لخلافة نتنياهو في رئاسة حزب الليكود، إذ تشير استطلاعات الرأي إلى أن توليه رئاسة الحزب سترفع من عدد مقاعده في الكنيست بخمسة مقاعد إضافية مقارنة بما لو بقي نتنياهو في منصبه.