"وقف إطلاق النار" يفرّق بين بايدن والأميركيين

على الرغم من تزايد الخسائر البشرية على الجهة الفلسطينية، لا تزال إدارة بايدن رافضة لدعوات وقف إطلاق النار، إذ إنها تُرجح أن تلك الخطوة قد تعود بالنفع على حماس.

بعض المدن الأميركية لا ترى الأمر على النحو ذاته.

فقد جمعت وكالة رويترز بيانات من 70 مدينة أصدرت قرارات أو بيانات حول حرب غزة منذ السابع من أكتوبر.

عشرات من تلك المدن -بحسب تحليل الوكالة- دعت إلى وقف إطلاق النار، وجرى تمرير معظم تلك القرارات في ولايات للديمقراطيين مثل كاليفورنيا، ولكن ما لم يضعه بايدن في الحسبان أن 14 قرارا من تلك القرارات صدرت في ولايات متأرجحة مثل ميشيغان التي قد تحسم محاولات إعادة انتخابه.

وأصبحت شيكاغو، الأربعاء، أكبر مدينة تدعو إلى وقف إطلاق النار في تصويت متقارب كان متعادلا بواقع 23 صوتا مقابل 23، قبل أن يرجح رئيس البلدية براندون جونسون الكفة لصالح القرار.

ديترويت ليست صغيرة بأي حال، وإنما هي أكبر مدن ولاية ميشيغان الأميركية، لكن مواقف بايدن تجاه الحرب تثير حفيظة وإحباط المسؤولين الشبان بالمدنية، وكذلك المسؤولون غير البيض، كما تؤكد غابرييلا سانتياغو روميرو، عضوة مجلس المدينة التي صوّتت لصالح وقف إطلاق النار.

وتقول سانتياغو روميرو، إن الشباب والأقليات العرقية ينشدون "قيادة مستعدة للاستماع إلينا".

وأضافت أنه يتعين على الديمقراطيين "الاستماع إلى الشبان، والاستثمار في التنوع، وفي الأشخاص الذين يتوافقون مع القيم ويستمعون بالفعل إلى ناخبيهم".

كما كان متوقعا، كانت ميشيغان موقع الحدث، بعدما توجه إليها الرئيس جو بايدن في زيارة، الخميس. ولم تعلن الحملة تفاصيل محددة عن الزيارة حتى اللحظات الأخيرة بسبب المعارضة المتوقعة.

الرئيس الأميركي كان يدرك أنه يواجه هناك بعض التحديات، من بينها أن ميشيغان ولاية متأرجحة انتخابيا، وعليه أن ينافس على أصوات ناخبيها، وأيضا أنها بؤرة الغضب الأميركي العربي المتنامي ضد الحزب الديمقراطي جراء سياساته المؤيدة لإسرائيل.

وأوضح البيت الأبيض، أن زيارة الخميس انتخابية بحتة، كما أفاد رئيس فريق حملة بايدن الانتخابية لعام 2024 بأن الرئيس سيلتقي أعضاء نقابة قوية لعمال السيارات في منطقة ديترويت أعلنوا تأييدهم له خلال الأسبوع الماضي.

حصل بايدن بالفعل على تعهد قوي بالدعم من نقابة لعمال مصانع السيارات، لكن زيارته قوبلت أيضا باحتجاجات من بعض العرب الأميركيين، وعددهم كبير في الولاية، الذين يطالبون الرئيس بالسعي إلى وقف إطلاق النار في غزة ورفضوا لقاء حملته الانتخابية.

وقبل لقاء عمال مصانع السيارات، سار حوالي 100 متظاهر في شارع باتجاه موقع النقابة مرددين هتافات تقول "جو المؤيد للإبادة الجماعية يجب أن يرحل". وأخذوا يلوحون بالأعلام الفلسطينية.

الأرقام توضح أن موقف الرئيس على المحك، فإذا فشل بايدن في استمالة العرب والمسلمين في الولاية قد يخسر نحو 55 ألف صوت، أي ثلث الأصوات التي مكنته من هزيمة ترمب في العام 2020 ويبلغ عددها 154 ألف صوت، وذلك بحسب تحليل أجراه عالم الاجتماع الكمّي في جامعة كريستوفر نيوبورت، يوسف شهود، نُشر في موقع ذا كونفيرزيشن.

تأتي زيارة بايدن بعد أيام فقط من جولة مدير حملته الانتخابية لمدينة ديربورن، أكبر تجمع للأميركيين العرب في الولايات المتحدة، لكنه قوبل بالتجاهل من رئيس بلديتها.

وشارك رئيس بلدية المدينة عبد الله حمود، منشورا على منصة إكس أكد فيه رفضه لقاء مدير حملة بايدن، وقال: "لن أستمتع بالحديث عن الانتخابات في حين نشاهد بثا مباشرا للإبادة الجماعية المدعومة من حكومتنا".

ويواجه بايدن بانتظام متظاهرين يلوحون بالأعلام الفلسطينية خلال مهرجاناته الانتخابية، مع مقاطعة خطاباته باستمرار من قبل المتظاهرين.

لكن رغم ذلك سيظل بايدن مضطرا إلى مواجهة غضب الأميركيين العرب مع استمرار الحرب الإسرائيلية الدامية في غزة.

وفاز بايدن بصورة حاسمة بين العرب والمسلمين عام 2020، لكن المحللين يحذرون من أن الكثيرين من الأميركيين العرب قد يلازمون منازلهم خلال الانتخابات أو يصوتون لحزب ثالث عام 2024.