ما هو "جيش الله" الذي ظهر في تكساس؟

على إحدى المركبات التي وصلت إلى مزرعة في كيمادو -وهي قرية في تكساس يبلغ عدد سكانها 162 نسمة، تتميّز بمنازل ريفية منتشرة وسط الوادي- كُتب "انضموا إلى معركة الله".

روبين فورزانو (43 عاما) حارس مدخل المزرعة، إذ كان يتجمع المتظاهرون، قال لوكالة فرانس برس: "الهجرة على الحدود خارجة عن السيطرة. نحن نتعرض للغزو وعلينا السيطرة على ما يحدث".

وتحديدا على ضفتَي نهر ريو غراندي، قرر الناشطون الذين يصفون أنفسهم بـ"نحن الشعب" في ترديد للكلمات الأولى من ديباجة الدستور الأميركي، أن يتجمعوا.

وقبل أيام قليلة، أكّد أحد منظمي المظاهرة أن المشاركين يشكّلون "جيش الله".

وتحت شعار "لنستعِد حدودنا"، جاؤوا في قوافل من مناطق مختلفة من البلاد وهم يعتزمون التخييم حول بلدات حدودية.

وحملت العديد من المركبات لافتات تدعم ترمب المرشح الجمهوري، أو تنتقد بايدن من بينها "الجنة لها جدران، والجحيم له حدود مفتوحة".

وقال مارتي بيرد (73 عاما)، وهو من أنصار دونالد ترمب في إيغل باس المجاورة: "الناس في المكسيك أشخاص رائعون، أنا أحبهم، لكن يبدو أنه بمجرّد وصولهم إلى هنا (...) يصبحون غاضبين. يسرقون ويقومون بعمليات سطو".

لكن لا يشعر الجميع بالرضا عن وصول هذه القوافل من المتظاهرين. فقد تحدث جيسي فوينتيس الذي يؤجّر قوارب كاياك على النهر، عن "منطقة منكوبة".

وقال لوكالة فرانس برس، إن "مجموعات معينة تدعي أنها جيش الله تأتي إلى مجتمعنا لنشر الكراهية. أنا قلق لأننا لسنا كذلك".

تقع مدينة إيغل باس في قلب معركة قانونية بين إدارة بايدن وحاكم ولاية تكساس الجمهوري غريغ أبوت.

وتشكل الأسلاك الشائكة التي وضعتها سلطات تكساس قرب إيغل باس الحدودية موضوع المعركة القانونية، إذ غرق 3 مهاجرين غير شرعيين في نهر ريو غراندي، وادعت السلطات المختصة بأنهم لم يتمكنوا من الوصول لإنقاذهم بسبب تركيب تلك الأسلاك تنفيذا لأوامر حاكم الولاية كجزء من عملية للتصدي للهجرة غير الشرعية.

ولاحقا أصدرت المحكمة العليا، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد، قرارا وافقت فيه على طلب من إدارة الرئيس جو بايدن بإيقاف حكم محكمة أدنى درجة بمنع العملاء الفيدراليين مؤقتا من التلاعب بالسياج الشائك، في حين يستمر التقاضي بشأن هذه القضية للتوصل إلى حكم نهائي حول إبقاء أو إزالة الأسلاك الشائكة. علما بأن هذا القرار لم يلق إجماعا من القضاة إذ كان بأغلبية 5 أصوات مقابل 4.

على أثر قرار المحكمة العليا، صدرت ردة فعل عنيفة من حاكم تكساس غريغ أبوت الذي أبى أن يزيل السياج الشائك متحديا قرار المحكمة العليا بإعلانه أن الولاية تتعرض للغزو مما يفعّل البند الثالث من الفقرة العاشرة للمادة الأولى من الدستور الأميركي، الذي ينص على أن الولايات لا يمكنها "فرض أي رسوم على الحمولة، أو الاحتفاظ بالقوات، أو السفن الحربية في وقت السلم، أو الدخول في أي اتفاق أو ميثاق مع ولاية أخرى، أو مع قوى أجنبية أو الانخراط في الحرب، ما لم يتم غزوها بالفعل".

بالإضافة إلى ذلك، أثار تسلّم الحرس الوطني في تكساس حصرا منذ 11 يناير مراقبة قطاع رئيسي من إيغل باس المتاخمة لنهر ريو غراندي، جدلا بين تكساس والإدارة الديمقراطية.

يُشار إلى أن ولاية تكساس انفصلت عن المكسيك عام 1836، وأمضت 9 سنوات كدولة مستقلة قبل أن تنضم إلى الولايات المتحدة الأميركية في 29 ديسمبر 1845.

لكن وبعد 15 عاما فقط، في العام 1861 انفصلت تكساس عن الاتحاد وانضمت إلى الولايات الكونفدرالية الأميركية خلال الحرب الأهلية، ضد الولايات المتحدة.

وبعد هزيمة الولايات الكونفدرالية الانفصالية، عادت تكساس للانضمام إلى الولايات المتحدة مجددا.

وعلى الرغم من مرور أكثر من 150 عاما على الحرب الأهلية، لا يزال الشعور القومي في تكساس قويا، تجسده "حركة تكساس القومية"، وهي حركة انفصالية تدعم استقلال الولاية عن باقي الولايات المتحدة فيما يسمى Texit، على غرار Brexit، أو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وسبق أن حذرت الحركة الحزب الجمهوري بأن لديها ما يكفي من التوقيعات لإجراء استفتاء حول الانفصال.

هذا في عالم الواقع، لكن في دنيا الخيال، تعرض السينمات الأميركية في 12 أبريل المقبل فيلما من إخراج ألكس غارلاند بعنوان "الحرب الأهلية"، Civil War.

وتبدأ أحداث الفيلم عندما قررت 19 ولاية، بقيادة تكساس وكاليفورنيا، الانفصال عن باقي الولايات المتحدة، ما دفع الرئيس الأميركي إلى إعلان الحرب عليها.

ويعتبر الصحافي والناقد السينمائي الأميركي، ماثيو غولتون، في تقرير على موقع فايس، أن سيناريو فيلم "الحرب الأهلية" يعد "منطقيا تماما"، وأنّ كاليفورنيا وتكساس لديهما خلافات مع الحكومة الفيدرالية، وقد تتحالفان معا في قيادة حرب أهلية، على الرغم من كون كاليفورنيا ولاية ليبرالية، في حين تكساس ولاية محافظة.