قصة "النخيلة".. قرية منسية في لبنان تحتلها إسرائيل

في كتابٍ تحت عنوان "لبنان المياه والحدود" للمؤرّخ اللبناني عصام خليفة، يظهر أن بلدة النخيلة تقع في أقصى الزاوية الجنوبية الشرقية من قضاء حاصبيا في جنوب لبنان.

تعلو تلك القرية عن سطح البحر 240 متراً، وتبعد عن بيروت مسافة 118 كلم (كيلومترا)، ويفصلها عن نهر الحاصباني ألفان و500 متر.

في عام 1923، جرى إقرار اتفاقية بوله-نيوكومب، التي بموجبها جرى ترسيم الحدود اللبنانية. ما يتبين هو أن النخيلة تقع على بُعد ألف متر تقريباً شمال خط بوله-نيو كومب، انطلاقاً من منطقتي عين اللدان وعين تل القاضي، وعلى بعد ألفي متر من شمال غرب نقطة تلاقي الحدود اللبنانية-السورية-الفلسطينية التي هي النقطة 39.

ينصّ المرسوم الاشتراعي رقم 252 الصادر عن الحكومة اللبنانية بتاريخ 24/2/1983 على أن النخيلة لا تزال في قضاء حاصبيا.

وثيقة أخرى نشرها مركز الأبحاث والدراسات في المعلوماتية القانونية بالجامعة اللبنانية تُظهر إدراج اسم النخيلة بصفتها منطقة لبنانية مُدرجة في المرسوم رقم 707، الصادر بتاريخ 22/12/1949، ما يُثبت "لبنانيّة" تلك القرية.

كذلك، أدرجت القوانين الانتخابية العديدة أسماء القرى في الأقضية، وقد ورد اسم النخيلة ضمنها، ما يعني أن سكانها يحق لهم الاقتراع في الانتخابات البرلمانية وأيضاً اختيار مجلسٍ بلدي.

كتاب "لبنان المياه والحدود" الذي ثبّت "لبنانيّة" النخيلة قدم دلائل دامغة في هذا الإطار على شكل وثائق تاريخية.

الأدلة تلك توثق أن النخيلة مدونة كمنطقة في الدوائر العقارية اللبنانية وتحديداً في صيدا، مركز محافظة الجنوب.

ما يوضح ذلك أيضاً، أن هناك إفادات جرى منحها أيضاً لسكان في تلك المنطقة وبعضها يعود إلى فترة التسعينيات من القرن الماضي.

إحدى الوثائق وهي عبارة عن "إفادة عقارية" رسمية لبنانية، تُظهر ورود عقارات تحت أرقام 79 و36 و444 و47 في نطاق النخيلة اللبنانية.

المستند هذا يُظهر أنه صادر في مدينة صيدا بتاريخ 5/6/1971، وعن أمين السجل العقاري شمس الدين ناصر الدين.

ما بينته وثائق تاريخية أيضاً، أن خط النفط "التابلاين" كان يمرّ في النخيلة.

وللإشارة، فإن "التابلاين" هو مشروع برز خلال القرن الماضي وتم الانتهاء من إنشائه عام 1950، إذ كان يعد أكبر خط نقل بترول للعالم في حينه.

هذا الخط بطول ألف و665 كيلومتراً، ويمتد من الخليج العربي حتى البحر الأبيض المتوسط.

المؤرخ خليفة يقول في حديثه لبلينكس إن منازعات قد نشبت بين سكان قرية النخيلة، وتحديداً أولئك الذين يملكون عقارات يمر بها الخط من جهة، والشركة المشغلة للمشروع من جهة أخرى، مشيراً إلى أن هذا النزاع جرى طرحه أمام المحاكم اللبنانية المختصة للنظر فيه، معتبراً أن هذا الأمر دليل على "لبنانية" المنطقة المذكورة.

كذلك، تُظهر وثيقة أخرى ورود اسم النخيلة ضمن وثيقة خاصة بأنبوب النفط المذكور، وقد تم ذكرها باللغتين العربية والإنكليزية (NKHAILE).

يوضح خليفة في حديثه أيضاً، أن النخيلة كانت البلدة التي من خلالها يمكن الوصول إلى معبر جُمركي يربط لبنان بفلسطين خلال القرن الماضي، ويقول "هذا الممر كان عند أطراف النخيلة، وكانت تتولاه الدولة اللبنانية من جانب أراضيها، ما يعني أن المنطقة لبنانية بامتياز ولا نقاش في ذلك".

خالد (48 عاماً) وهو ابن بلدة شبعا القريبة من النخيلة، يقول لبلينكس إنّ تلك البلدة معروفة من قبل سكان منطقته، ويضيف: "جدودنا كانوا يذهبون إلى تلك المنطقة والمعروف أنها لبنانية وليست فلسطينية أو سورية".

يوضح خالد أنّ تلك البلدة كانت مشهورة بأنبوب نفط يمر بها، كما كانت بها مزروعات عديدة، لكن إسرائيل احتلتها ولا يمكن الوصول إليها أبداً الآن.

في حديث سابق عبر بلينكس بشأن ملف ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، قال العميد في الجيش اللبناني بسام باسين، الذي ترأس سابقاً الوفد اللبناني التقني المكلف بالتفاوض مع إسرائيل لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، أن التنازل عن أي شبر من الأراضي اللبنانية يعد خيانة وطنية في حال حصوله.

المادة الثانية من الدستور اللبناني تنصّ على أنّه لا يجوز التخلي عن أحد أقسام الأراضي اللبنانية أو التنازل عنه. بالنسبة لخليفة، فإن أي تنازلٍ عن النخيلة سيمثل فضيحة كبرى يجب معاقبة المسؤولين عليها، مشيراً إلى أن التخلي عن تلك القرية ستكون أيضاً مخالفة للدستور أولاً وللأنظمة والقوانين المرعية الإجراء.

خليفة دعا المسؤولين اللبنانيين إلى النظر في مسألة النخيلة وعدم تجاهلها، لأنها حق لبناني ولا يمكن التنازل عنه.