بوتين وزيلينسكي "منهكان" ينتظران عودة ترمب

تأثرّت بلدان نامية وفقيرة عدّة منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية بارتفاع أسعار الحبوب، إذ تعد موسكو وكييف من الدول المصدرة الأساسية لهذه الموادّ.

روسيا وأوكرانيا تصدّران ثلث صادرات العالم من القمح، و20% من الذرة، كما توفران كميات القمح المطلوبة لغالبية دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحسب موقع سي إن بي سي.

قبل الحرب، كان أكثر من 95% من إجمالي صادرات أوكرانيا من الحبوب والقمح والذرة يجري شحنها عبر البحر الأسود، ويذهب نصف هذه الصادرات إلى دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وبحسب برنامج الأغذية العالمي، أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى ارتفاع أسعار الغذاء لأكثر من 10 أضعاف.

خلال عام 2021، صدّرت أوكرانيا ما قيمته 5.87 مليار دولار من القمح، ما جعلها خامس أكبر مصدر لهذه السلعة في العالم.

وتهدف مبادرة حبوب البحر الأسود التي وقّعتها روسيا وأوكرانيا في يوليو 2022، برعاية تركيا والأمم المتحدة، إلى التخفيف من خطر المجاعة في العالم من خلال ضمان تصدير المنتجات الزراعية الأوكرانية رغم الحرب.

وحسب الموقع الرسمي لمجلس الاتحاد الأوروبي، وصل 64% من القمح المُصدَّر من خلال مبادرة حبوب البحر الأسود إلى البلدان النامية.

المكتبة الوطنية الأميركية للطب، تقول إن الكثير من الدول العربية تعتمد بنسب متفاوتة على استيراد القمح من أوكرانيا، فنسبة اعتماد ليبيا على الواردات من أوكرانيا هي 35%، وتونس 40%، أمّا لبنان فـ30.4%، ومصر 24%، والمغرب 13.4%، والجزائر 2.7%، والأردن 7.4%.

كان شتاء عام 2022 مهيناً لبوتين، الذي فشل في الاستيلاء على كييف في غضون أيام.

بعدها أعاد الرئيس الروسي تنظيم صفوف جيشه الآن، ويبدو أنه قد استعاد نشاطه بفضل فشل الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا، واحتمال عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر، وصعود نجم اليمين المتطرف في أوروبا.

أشار بوتين، في مقابلة الأسبوع الماضي مع مقدم البرنامج الحواري الأميركي تاكر كارلسون، إلى أن روسيا مهتمة بالمفاوضات، لكن هذا سيكون بشروطها الخاصة، ما يعني أن كييف لن تؤيد مثل هذه المحادثات.

"أليس من الأفضل التفاوض مع روسيا؟"، هذا ما قاله بوتين لكارلسون، في مقابلة هي الأولى للرئيس الروسي مع صحافي أميركي منذ ما قبل الحرب الروسية الأوكرانية قبل عامين تقريبا.

وحث بوتين الولايات المتحدة على مناقشة اتفاق يسمح لموسكو بالسيطرة على 20% من أراضي أوكرانيا. وأضاف: "عاجلا أم آجلا سوف نتوصل إلى اتفاق على أي حال".

قال فيودور لوكيانوف، رئيس مجلس السياسة الخارجية والدفاع المرتبط بالكرملين في موسكو، لوكالة فرانس برس: "لا أتوقع إجراء أي مفاوضات في وقت قريب"، موضحا "لا يوجد شيء يمكنهم التفاوض بشأنه".

وكرر مستشار الرئيس الأوكراني، ميخايلو بودولياك، موقف كييف الراسخ بأنه لا يمكن إجراء مفاوضات حتى تنسحب روسيا من الأراضي التي تسيطر عليها.

وقال بودولياك لوكالة فرانس برس: "في أي حالة أخرى فإن المفاوضات مستحيلة".

كما استبعد دبلوماسي أوروبي -تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته- إجراء أي محادثات في ظل الظروف الحالية.

وقال الدبلوماسي: "لا يمكن إجراء المفاوضات إلا عندما تكون أوكرانيا في موقع قوة على الأرض".

أصبحت القوات الأوكرانية منهكة بعد عامين من مقاومة روسيا، كما أن تجميد الجمهوريين في أميركا للمساعدات العسكرية وعدم قدرة أوروبا على زيادة إمدادات الأسلحة بالسرعة الكافية يُسهمان في خلق شعور بعدم اليقين في كييف.

وفي السياق ذاته، يُنظر إلى قرار زيلينسكي تعيين الجنرال أولكسندر سيرسكي قائدا للجيش بدلا من المقال فاليري زالوجني، على أنه مؤشر على انقسام خطير داخل القيادة.

وعلى عكس أوكرانيا، صمدت روسيا في وجه العقوبات الغربية نسبيا، وكثفت عمليات الإنتاج والتجنيد وسجنت منتقدي عمليتها العسكرية.

وحذر ألكسندر جابويف، مدير مركز "كارنيغي روسيا أوراسيا"، من أن أوكرانيا يجب أن تعكس مسارها بصورة عاجلة من خلال حشد المزيد من القوات، وتأمين المزيد من المساعدات الغربية، والتغلب على التوترات السياسية في كييف.

وقال لوكالة فرانس برس: "السؤال الرئيسي هو ما إذا كانت أوكرانيا قادرة على التحرك مع حلفائها في الأشهر الـ6 المقبلة لتغيير المسار الحالي"، مضيفا أنه إذا استمرت المشكلات الحالية فإن "أوكرانيا قد تبدأ في خسارة الحرب في عام 2024".

أثرت الحملة الانتخابية الأميركية بصورة سلبية على تسليم المزيد من المساعدات لأوكرانيا، مع دفع ترمب لسياسة "أميركا أولا". ولا يعتقد المسؤولون الأميركيون أنه سيتم اتخاذ قرار يذكر قبل أن تنتخب أميركا رئيسها الجديد.

ويبدو أن بوتين ينتظر بفارغ الصبر نتيجة الانتخابات الأميركية.

وقال مسؤول أميركي كبير -طلب عدم الكشف عن هويته-: "توقعاتي هي أن بوتين لن يصنع السلام، أو سلاماً ذا معنى قبل أن يرى نتيجة انتخاباتنا".

ترمب، قال إنه سيكون قادرا على إنهاء الحرب في أوكرانيا "خلال 24 ساعة" إذا أُعيد انتخابه. ورد زيلينسكي أن مثل هذه التصريحات "خطيرة للغاية".

وقالت الدبلوماسية الفرنسية السابقة والمحللة السياسية ماري دومولين: "لا أحد يعرف كيف ستكون سياسة ترمب الخارجية، حتى هو نفسه".