عقوبات المستوطنين الإسرائيليين.. ما سر التأخر الأوروبي عن أميركا؟

مفوض الاتحاد الأوروبي السامي للعلاقات الخارجية جوزيف بوريل خاطب الدول الأعضاء في شهر ديسمبر الماضي وأخبرهم أن فرض حظر على مستوطنين معينين بالتزامن مع إجراءات مناهضة لحركة حماس من شأنه أن "يساعد في الحفاظ على جدوى حل الدولتين واستقرار المنطقة والضفة الغربية".

وقدمت بالفعل فرنسا وبلجيكا وهولندا قائمة تضم نحو 12 مستوطنا فقط كدفعة أولى، لمنعهم من دخول دول الاتحاد وتجميد أصولهم المالية في أوروبا، في خطوة ستكون الأولى للاتحاد الأوروبي لفرض مثل تلك العقوبات ضد إسرائيليين بسبب أعمال العنف والإرهاب في الأراضي المحتلة.

القرارات بهذا الشكل تتطلب عادةً موافقة جميع أعضاء دول الاتحاد الأوروبي، ولكن في ذلك الحين كانت هناك معارضة من البعض، مثل:

• التشيك.
• المجر.

وتردد البعض مثل:

• ألمانيا.
• إيطاليا.
• بلغاريا.
• كرواتيا.
• رومانيا.

وتعددت الحجج التي قدمتها كل من تلك الدول لتعطيل اتخاذ قرار بفرض العقوبات، مثل نوع العقوبات التي يجب فرضها أو توقيت فرضها، أو عدد الأفراد المستهدفين.

لكن في المقابل، سارع الاتحاد الأوروبي بالإجماع لفرض سلسلة من العقوبات الاقتصادية الصارمة على حركة حماس في شهر يناير خاصة الأفراد المتهمين بإدارة موارد الحركة المالية.

بعض الدول مثل ألمانيا والتشيك والمجر تقول إن توقيت فرض العقوبات على حفنة من المستوطنين الأشد تطرفاً، غير مناسب.

الاتحاد الأوروبي كان ينوي فرض عقوباته على ثلة المستوطنين بالتزامن مع عقوبات إضافية أشد قسوة على حركة حماس، من أجل الظهور بمظهر "متوازن ومعتدل" أمام العالم العربي، ولترضية الدول الأوروبية المؤيدة لإسرائيل، بحسب موقع EUObserver.

لكن الدول المحتجة على توقيت تلك العقوبات ترى أنه من المثير للجدل وغير اللائق أخلاقياً أن تتم المساواة بين "إرهاب حماس"، و"عنف المستوطنين المتطرفين"، لأنهم يعتقدون أن حماس هي الطرف الأشد سوءًا، بحسب الصحيفة الأوروبية، التي نقلت عن مصادر خاصة.

بينما اعترضت ألمانيا في البداية على نوعية العقوبات التي سيتم فرضها على المستوطنين الإسرائيليين وتوقيتها، في حين أيدت فكرة العقوبات من حيث المبدأ.

الحكومة الألمانية أثارت الغضب داخليا، خلال الحرب الإسرائيلية على غزة، عندما صرح المستشار الألماني أولاف شولتز بصورة متكررة بأن إسرائيل ملتزمة بمعايير القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني.

لكن صحيفة بوليتيكو قالت إن ألمانيا انضمت للتوافق الأوروبي المتزايد حول فرض تلك العقوبات المحدودة على ثلة المستوطنين.

وقالت الصحيفة، إن ذلك الموقف يمثل إعادة الألمان النظر في دعمهم الراسخ للحرب الإسرائيلية في غزة، بعد 120 يوماً من القتال الدامي.

العثرة الرئيسية المتبقية في طريق فرض العقوبات الأوروبية على المستوطنين هي موقف التشيك والمجر المتشدد الرافض لتلك العقوبات، بحسب مارتن كونيكني رئيس منظمة مشروع الشرق الأوسط الأوروبي في بروكسل.

كونيكني أخبر بلينكس، أن تلك الحكومات تقول إنه من غير المنطقي معاقبة المستوطنين الإسرائيليين بتهمة الإرهاب، في حين أن إسرائيل نفسها تخوض حرباً ضد الإرهاب.

كونيكني، الخبير في الشؤون الأوروبية قال إن "هذه حجة كاشفة. إنهم يزعمون أنهم ضد الإرهاب، لكنهم بعد ذلك يحمون ذلك الإرهاب عندما يرتكبه متطرفون إسرائيليون ضد الفلسطينيين. في النهاية، الأمر كله يتعلق بالانحياز إلى أحد الجانبين".

وأضاف "من اللافت للنظر أيضاً أنه في الولايات المتحدة تحظى هذه العقوبات بدعم جميع الديمقراطيين وحتى من الجمهوريين، وهناك معارضة محدودة للعقوبات.

يشرح كونيكني: "لاحظت حتى الآن معارضة من ديفيد فريدمان ومايك بومبيو، ولكن ليس على نطاق أوسع بين الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس، ومع ذلك فإن هاتين الدولتين الأوروبيتين تمنعان تمرير قرار العقوبات".

صحيفة EUObserver نقلت عن دبلوماسي أوروبي قوله إنه "من غير المعتاد أن تعرقل أي دولة التوافق في مثل هذه المرحلة المبكرة من العملية".

وفي مقال مطول في دورية Cairo Review، الصادرة عن الجامعة الأميركية بالقاهرة، يشرح كونيكني أن "الدافع بين جزء كبير من النخبة السياسية في أوروبا للتحالف مع إسرائيل يحركه شعور بالارتباط الحضاري والمسؤولية التاريخية، فضلاً عن مشاعر استياء أقل ظهوراً تجاه العرب والمسلمين".

يوضح: "أدى يوم 7 أكتوبر لزيادة هذه المشاعر على حساب القلق تجاه حياة الفلسطينيين، والأعراف الدولية، وحتى مصلحة أوروبا المادية في الاستقرار الإقليمي".

وسط تباطؤ الاتحاد الأوروبي في إقرار عقوباته ضد 12 مستوطنا، أعلنت الحكومة البلجيكية بصورة منفردة وأحادية الجانب منعها دخول هؤلاء المستوطنين المتطرفين لأراضيها.

في الوقت نفسه، أعلن برلمان إقليم والونيا في جنوب بلجيكا إيقاف تراخيص تصدير الأسلحة لإسرائيل بصفة مؤقتة، وقال مسؤولون إن هذا القرار جاء بسبب "التدهور غير المقبول للوضع الإنساني في قطاع غزة".

كما ألزمت محكمة هولندية، الإثنين 12 فبراير، الحكومة بمنع تصدير قطع غيار طائرات الـF35 الأميركية إلى إسرائيل. وبررت المحكمة قرارها بالقول إنه "لا يمكن إنكار أن هناك احتمالا واضحا أن يتم استخدام قطع غيار إف-35 المصدّرة في انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي".

أما إسبانيا فقامت أيضاً بتعليق تصدير الأسلحة لإسرائيل بصورة مؤقتة، بسبب الحرب في غزة، بحسب وزير خارجيتها خوسيه مانويل ألباريس.