4 سيناريوهات إسرائيلية.. خطط "اليوم التالي" لحرب غزة

الخطة الإسرائيلية تتمثل في إقامة "جيوب سكانية" أو أحياء وتجمعات، يُسمح لعدد محدود من السكان الذين لا ينتمون إلى حماس بالسكن فيها، تحت إدارة لجان فلسطينية، في حين يسيطر الجيش الإسرائيلي على الأمن.

وتأمل إسرائيل إقناع الدول العربية بتمويل تلك الفكرة.

على سبيل المثال، قد يقرر الجيش الإسرائيلي إعلان منطقة بيت حانون المدمرة حالياً بمثابة "جيب سكاني" مغلق، ليتم إحاطته بالأسلاك ومن ثم إعادة إعماره، في حين تختار إسرائيل من ستسمح لهم بالسكن في الحي ممن ينبذون حركة حماس.

وإذا نجحت الفكرة، يتم بناء المزيد من تلك الجيوب السكانية، إلى أن يتم تشغيل مدن بأكملها بهذا الشكل.

صحيفة معاريف تقول، إن إسرائيل تبحث في هذه الأيام عن سكان فلسطينيين في غزة سيوافقون على التعاون والانضمام للمشروع الأول.

الصحفي جاكي هوجي يقول بأن تلك الفكرة تبدو واعدة على الورق من وجهة نظر الجيش، لكنها ستصطدم بجدار الواقع، إذ إنها ستواجه 4 مشكلات جوهرية.

• الأولى: "سيتم إعلان هذه الجيوب مناطق معادية من قبل حماس، وسيتم إدانة هؤلاء القادة المحليين باعتبارهم متعاونين. وستحل دماءهم وستكون حياتهم في خطر. وقد يتعرض السكان الذين سيعيشون فيها أيضًا للتهديدات والضغوط".

• الثانية: "لا تقدم أي حل لبقية السكان الذين يشكلون الأغلبية الساحقة، فلا يوجد لدى إسرائيل إجابات عن كيف سيعيش من ترفض إسرائيل إدخالهم في تلك (الجيوب السكانية) ومن سيعتني بهم؟".

• الثالثة: "التمويل، إذ لن تقبل الدول العربية دفع المال لإعادة الإعمار إلا بضمانات باستقرار الأوضاع في القطاع".

• الرابعة: "كيف سيتم اختيار جموع المواطنين لإدخالهم في التجربة؟ هل ستكون هناك اختبارات قبول؟ وإذا كان هناك العديد من الموالين لحماس في عائلة واحدة. فهل سيحصل بعضهم على امتياز العيش في الجيب واستبعاد أحبائهم؟".

هناك خطة إسرائيلية ثانية طرحها وزير الدفاع الإسرائيلي يؤاف غالانت في بداية شهر يناير الماضي عن "اليوم التالي" للحرب في غزة، تمنع أيضاً بقاء حماس في الحكم أو عودة السلطة الفلسطينية للقطاع.

وتتكون خطة غالانت المقترحة من 4 نقاط:

1- تتولى لجنة متعددة الجنسيات، بقيادة الولايات المتحدة بالشراكة مع الدول الأوروبية والعربية، مسؤولية إدارة الشؤون المدنية وإعادة التأهيل الاقتصادي للقطاع.

2- الحفاظ على الآليات الإدارية الفلسطينية القائمة، بشرط ألا يكون المسؤولون المعنيون تابعين لحماس. بمعنى أن يستمر بقاء وعمل السلطات المحلية التي كانت تتعامل قبل الحرب مثلاً مع الصرف الصحي والكهرباء والمياه وتوزيع المساعدات الإنسانية، بالتعاون مع اللجنة متعددة الجنسيات.

3- إسرائيل ستتولى دورا رقابيا في الحكم المدني في غزة، وستكون مسؤولة عن تفتيش البضائع الواردة، وتحتفظ بالحرية العملياتية بدخول وخروج قواتها من القطاع وقتما يشاؤون.

4- تتولى مصر المسؤولية عن المعبر الحدودي المدني الرئيسي إلى قطاع غزة بالتنسيق مع إسرائيل.

ولا تملك خطة غالانت أي إجابات عمن سيقوم بمهام حفظ الأمن والأمان والشرطة في غزة.

وبمجرد طرح وزير الدفاع خطته، سارع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إلى مهاجمتها، باعتبارها لا تشمل إعادة استيطان غزة أو طرد عدد كبير من سكانه منه تحت اسم "الهجرة الطوعية".

وتقول صحيفة تايمز أوف إسرائيل، إن تلك الخطة تشوبها ثغرة كبيرة، وهي رفض الدول المقترحة قيادة "اللجنة متعددة الجنسيات" أن تلعب دوراً في القطاع دون استعادة السلطة الفلسطينية الحكم في غزة.

في نهاية شهر يناير الماضي، حضر 12 وزيرا إسرائيليا من حكومة نتنياهو و15 عضو كنيست من التحالف الحاكم وكبار قادة المستوطنين والشخصيات الإعلامية مؤتمراً كبيراً في قلب مدينة القدس حمل اسم "الانتصار"، دعا إلى إعادة استيطان غزة وتهجير أهلها.

المؤتمر الذي نظمته مؤسسة نخالا الاستيطانية ومجلس السمراء الإقليمي للمستوطنين جمع آلاف المشاركين وقدم خرائط وخططا تفصيلية وحججا قانونية واستراتيجيات لبناء مستوطنات إسرائيلية في القطاع المحاصر عشية انتهاء الحرب، بما في ذلك أسماء تلك المستوطنات وأماكنها الدقيقة.

الأمر وصل إلى توزيع منشورات مفصلة لشوارع وأحياء غزة تم تغيير أسمائها العربية إلى أسماء عبرية جديدة.

وناقش المؤتمر أيضاً تهجير سكان غزة تحت اسم "الهجرة الطوعية"، وهي الصيغة الدبلوماسية للمناداة بالطرد والتهجير القسري، لتجنب الاتهام بالتحريض على ارتكاب جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية تحت القانون الدولي.

وزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو كاراي أكد ذلك الأمر، حينما قال بصراحة تامة، إن إسرائيل يجب أن تجبر أهل غزة وتضغط عليهم إلى أن يختاروا ترك القطاع "طواعيةً".

تبقى هذه إحدى الخطط المطروحة على الطاولة على الرغم من تنديد المجتمع الدولي والولايات المتحدة بها والتعبير عن رفض هذا المسار.

في بداية شهر يناير الماضي، قالت صحيفة تايمز أوف إسرائيل، إن قادة الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك الأمني يؤيّدون خطة تسليم السلطة المدنية في غزة إلى كبار العائلات والعشائر المشهورة في القطاع.

الخطة تقترح تقسيم غزة إلى مناطق رئيسية ومناطق فرعية، وكل منطقة تتولى عشيرة فيها توزيع المساعدات الإغاثية على الناس.

وتقول الصحيفة، إن ذلك سيكون إجراء مؤقتا لحين وضوح رؤية إسرائيل الكاملة حول "اليوم التالي" في غزة، وأنه سيتم اختيار العشائر والعائلات التي تعرفها إسرائيل مسبقاً وتثق في ابتعادها عن حركة حماس.

لكن الفلسطينيين في غزة رفضوا تلك الخطة وأعلنت الهيئة العليا للعشائر رفض التعاون مع إسرائيل في هذا المسعى، واصفة إياه بـ"المؤامرة" الرامية لطمس الحقوق الوطنية الفلسطينية.

إسرائيل جربت سابقاً خطة حكم العشائر في غزة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، لكن الأمر باء بالفشل بعد اغتيال الغزيين بعض قادة العشائر المتعاونين معها.