أسرار الفاتيكان تُكشف

في مقابلة جديدة، كشف باجانو عن بعض التفاصيل غير المعروفة والأقل شهرة والتي تقع خلف الكواليس لملاحم شهيرة عن الكرسي الرسولي، حكومة كنيسة الروم الكاثوليك التي يقودها البابا باعتباره أسقف روما، وعلاقاته الخارجية في جميع أنحاء العالم، وعلى مدار القرون الـ12 الماضية.

يتعمق باجانو في كل شيء بداية من نهب نابليون للأرشيف في عام 1810 وحتى قضية جاليليو والاجتماع السري الغريب، واجتماع الكرادلة لانتخاب البابا عام 1922، الذي تم تمويله من قبل الحكومة بتبرعات من الكاثوليك الأميركيين.

وقال باجانو، 75 عاما، في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس في مكتب الأرشيف الخاص به قبل تقاعده المتوقع في وقت لاحق من هذا العام: "إنها المرة الأولى وستكون الأخيرة أيضا لأنني على وشك المغادرة".

فتح البابا لاوون الثالث عشر الأرشيف لأول مرة أمام العلماء في عام 1881، بعد أن تم استخدامه حصريا لخدمة البابا والحفاظ على وثائق مكاتب الفاتيكان التي يعود تاريخها إلى القرن الثامن.

رفوف كثيرة، يحتاج الشخص نحو 17 ساعة للتجول بينها، ومعظمها تحت الأرض في مخبأ خرساني مقوى مقاوم للحريق، ومكون من طابقين.

يضم الأرشيف وثائق من سفارات الفاتيكان حول العالم، بالإضافة إلى مجموعات محددة من العائلات الأرستقراطية والطوائف الدينية. ويبلغ طول الرفوف 85 كيلومترا.

على الرغم من أنه غالبا ما يكون مصدرا لمؤامرات كاتب ذا دافينشي كود، دان براون، فإنه يعمل مثل أي أرشيف وطني أو خاص، يطلب الباحثون الإذن بالزيارة ثم يطلبون مستندات محددة لمراجعتها في غرف القراءة المخصصة. ويراقبهم باجانو عن كثب من خلال شاشة تلفزيون عملاقة موضوعة بجانب مكتبه.

في الآونة الأخيرة، توافد العلماء على الأرشيف لقراءة وثائق البابا بيوس الثاني عشر، البابا في زمن الحرب العالمية الثانية، الذي تعرض لانتقادات لأنه لم يتحدث بما فيه الكفاية عن الهولوكوست.

أمر البابا فرانسيس بفتح الوثائق قبل الموعد المحدد، في عام 2020، حتى يتمكن العلماء من الحصول على الصورة الكاملة لمكتب البابا.

ودافع الفاتيكان منذ فترة طويلة عن بيوس قائلا إنه استخدم الدبلوماسية الهادئة لإنقاذ الأرواح ولم يتحدث علنا عن الجرائم النازية لأنه يخشى الانتقام، بما في ذلك ضد الفاتيكان نفسه.

وقال باجانو إنه لا يستطيع الدفاع عن تردد بيوس المستمر عن إدانة الفظائع النازية علنا حتى بعد انتهاء الحرب. مضيفا: "أثناء الحرب نعلم أن البابا اتخذ خيارا: لم يكن قادرا على الكلام ولم يرغب في ذلك. وكان مقتنعا بأن مذبحة أسوأ كانت ستحدث.. بعد الحرب، كنت أتوقع كلمة أقوى من ذلك، لكل هؤلاء الأشخاص الذين ذهبوا إلى غرف الغاز".

يعزو باجانو صمت بابا بيوس المستمر بعد الحرب إلى مخاوفه بشأن إنشاء دولة يهودية. فكان للفاتيكان تقليد طويل في دعم الشعب الفلسطيني وكان قلقا بشأن مصير المواقع الدينية المسيحية في الأراضي المقدسة إذا تم تسليم الأراضي إلى دولة إسرائيل المنشأة حديثا.

وقال باجانو إن أي كلمة من بيوس عن المحرقة حتى بعد الحرب "كان يمكن قراءتها من الناحية السياسية على أنها دعم لتأسيس دولة جديدة".

بصرف النظر عن القصص المعروفة عن مؤامرات الفاتيكان، يكشف باجانو أيضا عن بعض المستجدات، بما في ذلك أصول العلاقة المالية المهمة بين الكنيسة الأميركية والفاتيكان والتي يعود تاريخها إلى المجمع السري عام 1922 وتستمر حتى اليوم.

وقال باجانو إنه بعد وفاة البابا بنديكتوس الخامس عشر، ذهب الكاميرلينجو، الكاردينال المسؤول عن الخزنة والحسابات، إلى خزنته، ليكتشف أنها "فارغة حرفيا. لم يكن هناك ورقة أو ورقة نقدية أو عملة معدنية".

اتضح أن بنديكتوس لم يكن مسؤولا بشكل كبير عن الناحية المالية.

وكانت الصناديق البابوية تستخدم دائما لتمويل المجمع السري لانتخاب بابا جديد، مما يعني أن الكرسي الرسولي كان يعاني من أزمة نقدية في وقت كانت أوروبا لا تزال تعاني ماليا من الحرب العالمية الأولى.

ولاستدراك الأمر، يكشف باجانو للمرة الأولى عن وثائق ورسائل طلب فيها وزير خارجية الفاتيكان من سفيره في واشنطن أن يرسل على وجه السرعة "ما لديك في الخزنة" حتى يمكن إجراء التصويت.

ووفقا للرسائل، أرسلت سفارة الفاتيكان ما جمعته الكنائس الأميركية من المؤمنين الأميركيين، والمبلغ تعدى 210 آلاف دولار. وانتُخب في نهاية المطاف البابا بيوس الحادي عشر.