خطة إسرائيل لفتح معبر كارني.. الغذاء مقابل إضعاف حماس

معبر كارني تم بناؤه عام 1994 بعد توقيع اتفاق أوسلو وبالتزامن مع بناء إسرائيل لجدار عازل حول غزة. وكان هدف المعبر هو اتاحة نقل البضائع من وإلى غزة لخلق حركة استيراد وتصدير محلية، ولم يكن يسمح للفلسطينيين بالسفر من خلال كارني، ولكن كان يسمح للمستوطنين في مستوطنة نتسريم في غزة آنذاك أن يعبروا من خلال كارني للتنقل إلى خارج القطاع وداخله.

تم تسمية المعبر على اسم جوزيف كارني، وهو مستوطن إسرائيلي كان قد أنشأ مستودع تعبئة في قطاع غزة بعد وقت قصير من احتلال إسرائيل للقطاع في عام 1967. وقد أطلق عليه الفلسطينيون اسم المنطار لقربه من تلة المنطار.

معبر كارني كانت تديره سلطة المطارات الإسرائيلية، على عكس معبر إيريز للأفراد، والذي يديره الجيش الإسرائيلي.

وفي عام 2006، أغلقت السلطات الإسرائيلية معبر كارني لأكثر من 100 يوم احتجاجاً على هجمات مزعومة لحركة حماس، وأعادت إسرائيل فتح المعبر لبضعة أشهر إلى أن قامت بإغلاقه مرة أخرى لأجل غير معلوم في 2007 بعد سيطرة حماس بالكامل على قطاع غزة.

وبعد فترة على إغلاق كارني، انتقل دخول الشاحنات التجارية والإنسانية لمعبر كرم أبو سالم في جنوب القطاع في مدينة رفح.

عام 2011 أعلنت إسرائيل التخلي عن معبر كارني بشكل رسمي وإغلاقه بشكل دائم، وجرى تفكيكه بالكامل تدريجياً حتى العام 2022 عندما قام الجيش بهدم آخر المباني المتبقية من المعبر.

منذ بداية الحرب، وإسرائيل تعرقل وصول المساعدات الإنسانية لغزة بشكل كبير ما أدى لظهور أزمة غذائية حادة وصلت لحد المجاعة في بعض مناطق القطاع.

الجيش الإسرائيلي يسمح يومياً بإدخال أقل من 100 شاحنة مساعدات من معبر رفح ومعبر كرم أبو سالم، بينما اعتاد القطاع قبل الحرب على دخول أكثر من 500 شاحنة يومياً.

وتقول الحكومة المحلية إن غزة حالياً تحتاج لألف شاحنة يومياً لمعالجة الأزمة الصحية والغذائية الحادة.

أما في النصف الشمالي من القطاع، فالوضع كارثي، إسرائيل تمنع وصول المساعدات بشكل شبه كامل باستثناء بضع شاحنات بين الحين والآخر، ولا يوجد في الشمال طاقم لأي منظمة دولية مثل الأونروا أو غيرها ليقوم بمهمة توزيع المساعدات.

لذلك، عندما تدخل أي شاحنة لنصف غزة الشمالي قادمة من الجنوب، يسارع آلاف المواطنين الجائعين للانقضاض عليها أملاً في تأمين كيس طحين، ويقوم الجيش الإسرائيلي في بعض الأحيان بإطلاق النار على الحشود.

ويوم الثلاثاء، قالت الأمم المتحدة إن جهودها لإدخال مجرد عشرة شاحنات غذائية لمئات آلاف المواطنين في الشمال بائت بالفشل بعد منع الجيش الإسرائيلي دخول تلك المساعدات لأكثر من ٧ أيام.

وتعرضت بعض شاحنات المساعدات للقصف من البحرية الإسرائيلية في طريقها للشمال على الرغم من التنسيق المسبق مع الجيش للسماح بإدخال تلك الشاحنات.

الآن، فكرة فتح معبر كارني مجدداً في شمال القطاع قد تساعد على وصول المزيد من المساعدات الإغاثية لهذا النصف من غزة، لكنه من المتوقع أن يكون الأمر محدوداً جداً.

فمعبر كارني فعلياً غير موجود على الأرض وتمت إزالة مبانيه، لذا سيقيم الجيش الإسرائيلي حاجزا عسكريا بدائيا يتم فيه تفتيش كل شاحنة يدوياً من قبل الجنود.

كما تستمر مشكلة عدم وجود جهة منظمة في شمال غزة للقيام بتوزيع تلك المساعدات.

صحيفة "إسرائيل هيوم" تقول إن نية فتح معبر كارني الآن متعلقة بتخطيط الجيش الإسرائيلي لإنشاء جهة جديدة في شمال غزة بحكم الأمر الواقع لا علاقة لها بحركة حماس لتتولى استلام وتوزيع تلك المساعدات وبالتالي ترسيخ دور تلك الجهة في "اليوم التالي" للحرب.

الحكومة الإسرائيلية تتوقع أن تجبر المجاعة الشديدة في الشمال حكومة حماس المحلية على القبول بإنشاء إسرائيل لتلك الجهة المدنية الجديدة.

وظهرت بعض من المقترحات الإسرائيلي حول ماهية تلك الجهة، كأن تكون مكونة من عائلات وعشائر معروفة أو لجان دولية وعربية مشتركة، بينما يرفض بنيامين نتنياهو عودة السلطة الفلسطينية لغزة.

حركة "تفاز 9" هي حراك إسرائيلي يعمل أفرادها على منع دخول الشاحنات الإغاثية لقطاع غزة بهدف استخدام التجويع كسلاح ضد أهل غزة.

الحركة سارعت لإدانة خطة فتح معبر كارني ووصفها بالأمر الخطير الذي يمنع عودة الرهائن ويقوي حركة حماس، على حد زعمهم.

"يجب على الحكومة الإسرائيلية أن تتوقف وتتحمل مسؤوليتها في النهاية. المعنى الواضح لإدخال شاحنات المساعدات هو ترسيخ وتعزيز حكم حماس. وهذه جريمة خطيرة ومستمرة ضد جنود الجيش الإسرائيلي الذين يقاتلون في قطاع غزة وتبعد المسافات بشكل رهيب عن عودة الرهائن لمنازلهم".

وانضم رئيس حزب إسرائيل بيتنا ووزير الدفاع السابق، أفيغدور ليبرمان للهجوم على الفكرة قائلاً: "لا أتذكر أن أحداً سهل الأمور على مختطفينا الذين يمرون بالجحيم في قطاع غزة. تسهيل إنساني مقابل تسهيل إنساني".