حماس نفذت ٧ أكتوبر بـ"SIM إسرائيلية"

حظر الرقيب العسكري للنشر عن موضوع شرائح الهواتف الإسرائيلية طيلة الأشهر الأربعة الماضية يدلل على حرص إسرائيل إخفاء تلك القدرة الاستخباراتية بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت.

الحديث هنا يدور عن امتلاك المخابرات الإسرائيلية قدرة تشبه الرادار، قادرة على رصد المواقع الجغرافية لشرائح الهاتف المحمول وتعقبها وتحديد لحظة تشغيلها واختفائها.

في غزة قبل الحرب، كان هناك العديد من الناس الذين يستخدمون شرائح هاتف إسرائيلية، سواء العمال داخل الخط الأخضر أو من يبحثون عن شبكة هاتف أقوى لأن إسرائيل تحرم شركات الاتصال الخلوية الفلسطينية في غزة من خدمة 4G وحتى خدمة 3G.

لكن الصحيفة تقول إن مخابرات إسرائيل كانت تقوم بتعقب تلك الشرائح على وجه التحديد بعد عملية لجهاز الشاباك لم تفصح عن تفاصيلها.

وتضيف يديعوت أن تفعيل تلك الشرائح كان بمثابة دليل على احتمال محاولة مقاتلي النخبة شن هجوم خلف الجدار الفاصل، لإن لجوؤهم لتلك الشرائح هو من أجل استخدامها للتواصل ولأنظمة GPS لتحديد المواقع الجغرافية داخل إسرائيل.

مع ذلك، كان تخمين الجيش بأنه ربما كان تفعيل الشرائح بعد منتصف الليل مجرد تدريب أو استعداد لهجوم محدود النطاق.

من الجدير بالذكر أن إسرائيل تستخدم شرائح الهواتف الفلسطينية في تحديد أماكن الأشخاص المستهدفين في غزة، حيث يمكن للجيش تحديد الموقع الجغرافي لمكان تلك الشريحة واستهدافه بالصواريخ.

الحصول على تصور كامل عن قدرات إسرائيل الاستخباراتية في غزة أمر صعب، لإن إسرائيل تحاول دائماً إبقاء تكنولوجياتها الاستخباراتية طي الكتمان.

الجمهور الإسرائيلي مثلاً، لم يكن على علم بأن طائراتهم المسيرة الاستطلاعية في غزة قادرة على حمل وإطلاق صواريخ موجهة والقيام بمهام اغتيال حتى عام 2022 عندما أزيل أمر حظر النشر الرقابي.

قبل الحرب، كان الخط الاستخباراتي الإسرائيلي الأول المحيط بغزة هو كاميرات الرصد والمراقبة المثبتة على طول الجدار والسياج الفاصل، والتي يقع خلفها عدد من أبراج المراقبة المزودة بأسلحة رشاشة ثقيلة عن بعد.

السياج مزود بمستشعرات دقيقة للغاية قادرة على رصد أي لمس له ومن ثم تنبيه الجنود في القواعد العسكرية المحيطة بالقطاع لفحص الكاميرات أو التوجه للمنطقة مباشرة.

خلف السياج، كان هناك سيارات روبوت 4x4 بتمشيط المنقطة الحدودية باستمرار ورصد أي تحركات.

فوق السياج، نصبت إسرائيل عدد من المناطيد الاستطلاعية الضخمة المزودة بأجهزة استشعار متطورة ورادارات وكاميرات مراقبة معقدة، والتي يمكنها جمع المعلومات الاستخباراتية المختلفة داخل القطاع.

وفي عام 2022، سقط أحد تلك المناطيد داخل غزة ووقع بحوزة عناصر حماس الذين قاموا بدراسته وتحليله.

أما داخل القطاع نفسه، فتستخدم إسرائيل طائرات استطلاع عسكرية متطورة تحوم فوق رؤوس ومنازل المواطنين على مدار الساعة.

الطائرات المسيرة يمكن تزويدها بكاميرات رؤية حرارية ورادارات ومستشعرات، كما يمكنها حمل أبراج هاتف خليوي لتحديد الموقع الجغرافي لحامل هاتف معين أو التنصت على مكالماته ورسائله النصية.

ويمكن أيضاً للطائرات المسيرة حمل أدوات اختراق أجهزة الراوتر Wi-Fi أو أدوات اختراق للهواتف الذكية نفسها للتنصت على البيانات المرسلة والمستقبلة.

من خلال جهاز الواي فاي، يمكن استخدام موجاته اللاسلكية لرسم خريطة ثلاثية الأبعاد للمكان المتواجد فيه، أي الرؤية خلف الجدران، بحسب بحث لجامعة ميونخ التقنية من عام 2017.

علاوة على كل ذلك، لدى إسرائيل القدرة على مراقبة والتنصت على كل هاتف يدخل لغزة أو الضفة الغربية المحتلة عبر المنافذ الحدودية التي تسيطر عليها إسرائيل.

حيث يقوم الجيش بزرع برامج أو أجهزة تصنت في كل جهاز محمول يتم استيراده إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي، بحسب مسؤول أمني.

كما وتتحكم إسرائيل في خطوط الإنترنت الواصلة لقطاع غزة، ما يعني القدرة على رصد ومراقبة حركة البيانات عبر تلك الكابلات.

يضاف إلى ذلك العنصر البشري سواء العملاء على الأرض الذين تجندهم أجهزة الجيش والشاباك الإسرائيلية أو العمليات السرية التي تقوم بها قوات إسرائيلي في داخل غزة.

ففي عام 2018، انكشف أمر خلية إسرائيلية من القوات الخاصة تسللت لداخل غزة بهدف زرع أجهزة تصنت على حركة حماس.

عناصر حماس يلجؤون للعديد من أساليب التمويه والتخفي لتجنب المراقبة الإسرائيلية في غزة، سواء على صعيد أنظمة الاتصال أو في تحركاتهم على الأرض.

فعناصر القسام يحملون أجهزة اتصال لاسلكي قديمة غير ذكية من طراز Senao التيوانية يتم تشغيلها بأبراج اتصال خلوي خاصة، بينما يتركون هواتفهم الشخصية خلفهم.

وتستعمل القسام أيضاً أنظمة اتصال أرضية مدفونة في عمق الأرض في الأنفاق لتجنب التقاط إشارتها والتنصت عليها، كما وتستخدم سيرفارات خاصة سرية ومحمية في تخزين وحفظ البيانات الرقمية.

ويلجأ عناصر القسام للتمويه والسرية في تحركاتهم وتنقلاتهم من منازلهم لأماكن التدريب أو العمل لتجنب رصدهم من قبل طائرات الاستطلاع أو العملاء على الأرض.

كما واعتادت أجهزة حماس الأمنية لإقامة حملات "توبة" لمن جندتهم إسرائيل للإفصاح عن ارتباطهم بأجهزة الأمن الإسرائيلية وتقديم المعلومات عما قاموا به مقابل العفو، بالإضافة لحملات متكررة لاصطياد العملاء.

ثلاثة من المناطيد الإسرائيلية المحيطة بغزة كانت خارج الخدمة في السابع من أكتوبر ولم يقم الجيش باستبدالهم بآخرين بحسب صحيفة الفورورد الأميركية.

وكانت من المفترض أن تقف تلك المناطيد في وسط وشمال وجنوب غزة وهي قادرة على الرصد والرؤية في أعماق القطاع.

بالإضافة لذلك، قام الجيش الإسرائيلي بنقل نحو 100 جندي من فرقة غزة للضفة الغربية قبيل 7 أكتوبر لحماية وتأمين المستوطنين وأعضاء متطرفين من الكنيست في منطقة حوارة بالقرب من نابلس.

إعطاء الضفة أولوية على غزة في تلك الفترة أدى لوضع 23 كتيبة جيش إسرائيلية في الضفة مقابل 3 فقط في منطقة غلاف غزة.

وفي الليلة السابقة لـ٧ أكتوبر طلبت القيادة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي نقل طائرات مروحية مقاتلة لتكون على مقربة من غلاف غزة، لكن ذلك الطلب قوبل بالرفض.

يضاف إلى ذلك تجاهل تقارير المجندات الإسرائيليات في مواقع المراقبة القريبة من غزة والاستهانة بتقديراتهم والثقة المفرطة في إيمان قادة الجيش والحكومة بأن حماس لن تهاجم.

العديد من الأخطاء المتراكمة من هذا القبيل أدت مجتمعة لأكبر فشل استخباراتي وعسكري في تاريخ إسرائيل منذ حرب 1973.