الإنزال الأميركي لغزة.. قطرة مساعدات "مكلفة" في بحر جوع

بعد أن قُتل ما يزيد عن ١٠٠ شخص أثناء انتظار شاحنة مساعدات في شمال قطاع غزة بشارع الرشيد الخميس الماضي.

ذكرت المأساة، التي طالبت دول حول العالم بفتح تحقيق فيها، الولايات المتحدة بأزمة دخول المساعدات للقطاع المحاصر، وربما دفعت إدارة بايدن في سبيل اتخاذ قرار تنفيذ أول عملية إنزال جوي لمساعدات على القطاع المحاصر.

نفذت الولايات المتحدة عمليتها الأولى بمشاركة قوات أردنية، وبواسطة طائرات سي - 130، ومن المفترض أن عملية الإنزال قدمت ٣٨ ألف وجبة على ساحل القطاع، ولم يتم تنسيق عملية الإنزال الأميركية مع أي فصيل في الميدان.

إلا أن الوجبات المحدودة التي تقدمها المظلات لا تُقارن بحجم الاحتياج داخل القطاع.

فقبل بدء الحرب، اعتاد قطاع غزة الذي يبلغ عدد سكانه نحو ٢.٢ مليون نسمة، أن يستقبل ٥٠٠ شاحنة إمدادات يوميا.

في يناير الماضي، انخفض عدد تلك الشاحنات إلى ١٥٠ شاحنة يوميا، ولكن في فبراير انخفض المعدل مرة أخرى إلى ٩٧ شاحنة يوميا.

أما طاقة طائرات C-130 الاستيعابية، فتصل إلى طاقة سيارة شحن واحدة فقط تسلك الطريق البري، ما يعني أن استبدال الطريق البري بإمدادات المظلات لن يكون عمليا في حين يبلغ احتياج غزة اليومي إلى حمولة ٥٠٠ شاحنة على الأقل بشكل يومي.

كذلك تعتبر الإنزالات الجوية أكثر تكلفة بسبع مرات عن تلك الإمدادات التي تسلك الطرق البرية، وفقا لصحيفة الغارديان البريطانية.

غالبا ما تختلف مجريات إنزال المساعدات الطبية عن تلك الغذائية، أو الموجهة للمدنيين، وذلك بحسب تقرير حديث نشرته صحيفة واشنطن بوست بعد مرافقة أحد صحفييها لطائرة مساعدات في رحلتها لقطاع غزة.

ففيما تزود المظلات التي تتضمن شحنات مساعدات طبية للمستشفيات الميدانية بأجهزة جي بي إس، ويتم إنزالها بتنسيق مع أفراد في الميدان، عادة ما تهبط مساعدات المدنيين بلا إعلان مسبق، ودون تنسيق مع جهات على الأرض، ويتم إنزال تلك المساعدات بمحازاة الشاطئ، فيما يستخدم الأهالي لاحقا الزوارق لجلبها إلى اليابسة.

هناك أصوات معارضة لتلك العملية، من بينها صوت رئيسة منظمة أنقذوا الأطفال، جانتي سويريبتو، التي تظن أن عمليات الإنزال تلك تغذي الفوضى على الأرض، مؤكدة أنه لا يمكن ضمانة من يحصل في النهاية على تلك المساعدات ومن لا يحصل عليها، كما رجحت أن تلك المساعدات قد تعرض الأفراد للخطر، كأن يحاول أطفال السباحة لاستعادة طرود المساعدات الثقيلة من البحر.

قال سويريبتو أيضا أنه من الصعب تتبع أين تصل المساعدات، مؤكدة أنه تم العثور على بعض المورفين المخصص بالأصل للمستشفيات في أماكن أخرى.

بالرغم من كل تلك المخاطر، قررت الولايات المتحدة أن تلجأ أخيرا للمظلات، الأمر الذي يرى فيه مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني، كريس دويل رسالة سياسية، بحسب حديثه إلى صحيفة الغارديان، إذ يرى أن الولايات المتحدة "فقدت ثقلها" وذلك لأنها لم تستطع إقناع حليفتها إسرائيل حتى الآن بدخول المساعدات إلى القطاع.

يرى دويل أن تلك علامة ضعف قصوى، حيث لا تستطيع واشنطن "الوقوف في وجه إسرائيل".

أما الدبلوماسي الأميركي السابق روبرت. إس فورد قال على حسابه بمنصة إكس، إنه يعتبر إجبار إسرائيل الولايات المتحدة على إنزال المساعدات جوا "يعتبر إذلالا لها".

من وجهة نظر فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأونروا، فإن الإنزال الجوي قد يكون الملجأ الأخير، لكن الحل المستدام هو فتح المعابر إذ يقول لواشنطن بوست: "الجواب الحقيقي هو: افتحوا المعابر وأدخلوا القوافل والمساعدات الطبية إلى قطاع غزة".