عودة صدام والقذافي على يد الـGen z

تكمن جاذبية بعض الشخصيات التاريخية في قدرتهم على جذب الانتباه، الكاريزما والسمعة السيئة تجعلهم النسخة القديمة من فكرة الـ"باد بوي يُصلي".

يعتقد علي كركجي، 21 عاما، أن أمثال صدام والقذافي "عادة ما يجذبون الجماهير بشخصياتهم المختلفة عن السائد"، يستدرك الشاب العراقي كركجي في حديثه مع بلينكس: "لكن سياساتهم تعتمد إلى حد كبير على أجنداتهم الشخصية، ولا تولد أي استقرار سياسي طويل الأمد".

حاليا تثبت دراسة أن 1 من كل 5 بالغين في الجيل Z، وجيل الألفية (مواليد الثمانينات وأوائل التسعينات) أن "الديكتاتورية يمكن أن تكون جيدة في ظروف معينة".

ولأن الـgen z أول جيل يكبر مع نهضة تطبيقات السوشيال ميديا، فهم مهتمون أكثر بالبحث عن الشخصيات القديمة التي سمعوا أسمائهم تتكرر في منازلهم، ما يسمح لهم بالتشكيك في الروايات التاريخية السائدة، "التي عادة ما تقوم صياغتها الإعلام الغربي" بحسب راغب حلاوة، ٢٢ عاما.

وبالنسبة للشاب العراقي فإنه "عندما سمعت لأول مرة عن كلمة دكتاتورية، كنت مهتما بمعرفة من هم هؤلاء الأشخاص وقصصهم".

يضيف لبلينكس "بالنسبة لي، تمكن قادة مثل صدام ومعمر القذافي من خلق أفضل نسخة من بلدانهم مقارنة بالأوضاع الحالية، بغض النظر عن أعمالهم السياسية".

يفسر علي كركجي هذا الشعور بأن "غالبية الطبقة الوسطى والعليا في الشرق الأوسط من جيل الشباب لم يعيشوا تحت حكمه، وإذا عاشوا تحت حكمه لاختلف الوضع"، بحسب تقديره.

بالإضافة إلى ذلك، تقول دراسة إن "استخدام الفكاهة والسخرية عبر الإنترنت تدفع بعض الأفراد إلى التعامل مع الشخصيات الديكتاتورية بطريقة تبدو منفصلة عن خطورة أفعالهم، ما يساهم في خلق تصور مختلف عن الحقيقة".

واقعيا، جيل زد أكثر جيل متشائم بشأن المستقبل، لذلك يقول الباحث مارك ترافرز، "كلما زاد عدد الناس الذين ينظرون إلى العالم باعتباره مكانا خطيرا، كلما زاد استعدادهم لقبول زعيم تاريخي مستبد".

يشرح: "على الرغم من أنه قد يكون هذا الشخص مزعجا وربما ضارا للأفراد، إلا أنه سيكون قادرا على الحفاظ على البلد بأكمله آمنا".

يؤكد الشباب هذه النظرية، فيستطيع أن يفهم علي كركجي سبب تعظيم حكام سابقين مثل صدام والقذافي وغيرهما، "الأمر بسبب مشاعرهم المعادية للولايات المتحدة وإسرائيل، هذه المشاعر قد تساعد في خلق فقاعة وهمية حول طيبتهم وولائهم لبلدانهم".

يشرح الشاب العراقي: "من خلال مقارنة العراق الآن مع عهد صدام، فالاستنتاج عادة ما يساوي أن العراق تحت عهده كان أفضل"، يعتبر علي كركجي هذا "الاستنتاج سطحيا للغاية، ولا يتطلب الأمر الكثير من البحث لفهم أنه فعل أشياء فظيعة ضد شعبه".

أما بالنسبة لرهف الخادم، ٢١ عاما، فهي تنظر إلى الأمر بطريقة مختلفة بعيدة عن السياسة والشخصيات التاريخية: "أعتقد أن هذا الجيل لديه اهتمام أكبر بالأشياء المضطربة، مثل الاهتمام الزائد بمتابعة قصص القتلة المتسلسلين".

تفسير الاهتمام بالأعمال الدرامية التي تتناول حياة القتلة المتسللين والجرائم العنيفة، تفسّره دراسة تثبت أن الجيل Z بات أقل "حساسية، desensitized، أي لم يعودوا يتأثرون بالمشاهد العنيفة مثلما كان يحدث للأجيال السابقة، بل يتقبلونها كجزء من الحياة اليومية.

وجود صورة صدام على قبعة تخرّج الفتاة العراقية أثار غضب عراقيين، حيث ينص الدستور على "حظر الكيانات التي تمجد أو تروج لعهد حزب البعث، ورموزه".

امتد حكم صدام حسين في الفترة من 1979 إلى 2003،وهذا جزء من سجلّه في السلطة:

• اتسم عهده بانتهاكات حقوق الإنسان، وقمع المعارضة السياسية، واستخدام الأسلحة الكيميائية ضد مدنيين من الأكراد.
• أدى غزوه للكويت عام 1990 إلى حرب الخليج.

أما بالنسبة لمعمر القذافي، فهذا جزء من تاريخه:

• اتسم نظامه الذي بدأ في العام 1969 وحتى مقتله في عام 2011، بقمع المعارضة السياسية، واستخدام القوة للحفاظ على السلطة.

• شاب حكمه انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك القمع العنيف للانتفاضات مثل الحرب الأهلية الليبية في عام 2011.

فمن أين جاء كل هذا الحب؟

يعتقد البعض أن الشباب العربي يريد تذكر الخير، ولطالما وصف الباحثون معاداة الاستعمار الغربي في العالم العربي كـ"حلم"، وهذا الحلم الذي عاش عليه كل من صدام والقذافي.

كلاهما استثمر، خلال فترات معينة من حكمهما، في مشاريع البنية التحتية والتنمية في بلديهما، وشمل ذلك بناء الطرق والمدارس والمستشفيات.

وكلاهما عبر عن مساندته للقضايا القومية، فصدام يقول عن فلسطين: "ستبقى في قلوبنا وعيوننا مهما استدرنا إلى الجهات الأربع"، والقذافي نصّب نفسه كزعيم مناهض للغرب، ومتحديا لنفوذه.