مسيرات أوكرانيا.. صناعة أنعشتها الحرب

يعمل أندريه فيالكوفسكي مديرا لشركة "سكايتون"، ويرى بشكل ما أن الحرب التي انخرطت فيها بلاده منذ عامين يمكن أن تعتبر "حرب طائرات مسيرة"، ومن ثم يعتقد أنه لا مفر أن تتفوق بلاده في سؤال التكنولوجيا.

ويقول فيالكوفسكي: "الروس يتمتعون بتفوق هائل في الدبابات والطائرات والأموال.. بالنسبة لنا، الطريقة الوحيدة للفوز هي الحصول على تفوق التكنولوجيا".

تسعى الشركة للاستفادة من خبرات المحيطين، وتعمد إلى توظيف المحاربين القدامى للاستفادة من خبراتهم في ساحات القتال، فيعتبر فيالكوفسكي أن أوكرانيا أصبحت أكبر ساحة في مجال التسلح، والجبهة تتطور من وجهة نظره باستمرار، مما يجعل الأوكرانيون هم الأفضل في فهم ما الذي يحتاج إليه الجنود.

تميز الصناعة لا يجعل مجال إنتاج المسيرات آمنا تماما، فقبل توظيف أي شخص، تدقق الشركة في ملفه الشخصي للحد من مخاطر تسرب معلومات.

وهذه الخشية الأمنية حتمية لدى منتجي الطائرات المسيرة الأوكرانية الذين يشكلون هدفا للهجمات الروسية.

ويعتبر ماكسيم ليفكيفسكي، وهو عسكري سابق، يعمل الآن في سكايتون، أن الأمن من التحديات الرئيسية التي تواجه صناعة المسيرات في أوكرانيا فيقول: "نحن معرضون دائما لاحتمال الاستهداف بضربات".

إلا أن الشركة تتحايل على مثل تلك المخاطر، فمقرها في كييف، لا يتضمن سوى جزء من خط الإنتاج، بينما توزع عملية الإنتاج على مواقع متعددة لتقليل المخاطر.

منذ الأشهر الأولى للغزو الروسي في 2022، تضاعف عدد الشركات الأوكرانية المصنعة للطائرات المسيرة، وتقدر السلطات عددها بنحو ٢٠٠ شركة.

الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، يضع شخصيا الطائرات المسيرة نصب عينيه، حتى أنه وضع هدف إنتاج مليون طائرة مسيرة خلال العام ٢٠٢٤.

ويقول فاديم إيونيك، رئيس الرابطة الوطنية لمصنعي الطائرات من دون طيار والمؤسس المشارك لشركة "آي اس آر ديفنس" أن العام الماضي شهد طفرة في صناعة الطائرات المسيرة، لكنه يعترف في الوقت نفسه بأنه من المستحيل حاليا تجميع طائرة مسيرة أوكرانية بنسبة 100٪، لأنه يجب استيراد البطاريات أو الدوائر الدقيقة أو الرقائق.

ويقول المنتجون الأوكرانيون إنهم يخوضون سباقا مع نظرائهم الروس.

تنتج جميع هذه الشركات أجهزة ذات وظائف متنوعة، من الطائرات المسيرة الهجومية الرخيصة إلى الأجهزة المتطورة التي تتمتع بالقدرة على التكيف مع أوضاع مختلفة.

أبرز هذه الطائرات "آر18" التي تنتجها "آي اس آر ديفنس"، ويمكنها إسقاط متفجرات ونقل ذخيرة أو إمدادات للجنود عندما يكون النقل برا ينطوي على خطر كبير.

أما "فامباير" وهي مسيرة قتالية قوية تنتجها شركة أوكرانية تحمل الاسم نفسه، فقد تمكنت من إيصال أدوية ومواد غذائية لسكان المناطق التي غمرتها الفيضانات بعد انفجار سد كاخوفكا في يونيو 2023 في جنوب أوكرانيا.

لكن تلك الشركات تلتفت للمنافسة مع الجانب الروسي أيضا، فيقول الناطق باسم شركة "فامباير"الذي طلب عدم كشف اسمه: "إنهم يتعلمون كيفية إخفاء طائراتهم المسيرة بشكل أفضل، ونحن نتعلم كيفية التعرف عليها وتحييدها بشكل أفضل".

بعيدا عن عالم الصناعة، تواجه القوات الأوكرانية تحديا، بعد فشل هجومها المضاد الصيف الماضي.

ويعرقل الكونغرس الأميركي حزمة مساعدات لأوكرانيا بقيمة ٦٠ مليار دولار، ما يدفع بأوكرانيا إلى أزمة نقص في الذخيرة.

وفي فبراير الماضي، تقدمت القوات الروسية وأعلنت سيطرتها مدينة أفدييفكا في الدونيتسك، كما أعلنت القوات الروسية السيطرة على عدد من القرى الشرقية بعد انسحاب القوات الأوكرانية منها.

وأعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أواخر فبراير الماضي أن القوات الروسية ستتوغل داخل أوكرانيا للاستفادة من الزخم في ساحة المعركة بعد سقوط بلدة أفدييفكا.