بطاقة مساعدات بايدن العسكرية تُقلق إسرائيل

الشقاق بين بايدن و"بيبي" عميق الجذور، لا يتجلى في المقابلات الصحفية فحسب، وإنما يثير مناقشات وزخم داخل الإدارة الأميركية نفسها، إذ يقول مسؤولون أميركيون إن إدارة بايدن تضع مسألة استخدام نفوذها مع إسرائيل تحت المجهر، وذلك لإقناعها أولا ببذل المزيد من الجهد لتسهيل وصول المساعدات الإغاثية للقطاع، وتجنب وقوع المزيد من الخسائر الفادحة في صفوف المدنيين.

لدى هذه النقطة، يتمثل نفوذ بايدن على إسرائيل في الأسلحة الأميركية، وقاوم الرئيس الأميركي سابقا استخدام تلك البطاقة، ولكن مع خيبات أمل بايدن المتتالية من نتنياهو، لا يستبعد المسؤولون الأميركيون احتمالية حدوث تحول في السياسة، ربما يشمل وضع شروط على المساعدات العسكرية إذا نفذت إسرائيل تهديدها باجتياح رفح في جنوب غزة.

وسيتعارض أي قرار متشدد يتخذه بايدن تجاه إسرائيل مع تاريخه الممتد لعقود كمؤيد متحمس لها.

من المحتمل أن يكون بايدن قد ألمح إلى ما يفكر فيه خلال مقابلة مع شبكة إم.إس.إن.بي.سي، السبت الماضي، عندما قال بعد تأكيده أن اجتياح رفح سيكون "خطا أحمر" إنه لن يتخلى "عن إسرائيل قط. الدفاع عن إسرائيل لا يزال أمرا بالغ الأهمية. لذلك لا يمكن أن أقطع كل الأسلحة حتى لا يكون لديهم القبة الحديدية لحمايتهم".

لم يقدم بايدن مثل هذه الضمانات بشأن الأسلحة الهجومية، مما عزز التكهنات في تقارير إعلامية بأن مثل هذه الأسلحة يمكن أن تكون متضمنة إذا فرض شروطا على إسرائيل، التي تعتمد بشكل كبير على المعدات أميركية الصنع.

ولكن من الممكن أن تعرض أي قيود على الأسلحة الهجومية إسرائيل لخطر أكبر، إذا اندلعت حرب شاملة مع جماعة حزب الله اللبنانية على الحدود الشمالية أو تدخلت إيران، المتحالفة مع كل من حماس وحزب الله، في الصراع.

وردا على سؤال حول القيود المحتملة على الأسلحة، قال مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، للصحفيين، الثلاثاء، إنه لن ينخرط في "افتراضات"، وإن التقارير الإخبارية حول تفكير بايدن بهذا الشأن "تكهنات غير مدروسة".

لكن مسؤول آخر أشار إلى أن محادثات مغلقة أجريت في وزارة الخارجية الأميركية بشأن ما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تحد من المساعدات العسكرية لإسرائيل، وأضاف أن الفكرة لم تحظ بدعم من القيادة العليا.

وقال معظم المحللين إنه بالنظر إلى اعتبارات عام الانتخابات بالنسبة لبايدن، فمن المتوقع أن يتعامل بحذر شديد في تقرير ما إذا كان سيضغط على نتنياهو باستخدام النفوذ المتعلق بالأسلحة أو سحب الحماية الدبلوماسية التي توفرها الولايات المتحدة لإسرائيل في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

لكن لورا بلومنفيلد، محللة شؤون الشرق الأوسط، في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة في واشنطن تقول: "بايدن يقوم بعملية بتر سياسية – ببتر بيبي لإنقاذ إسرائيل المريضة".

تفاقمت الأمور في الشرق الأوسط، في توقيت كان الأحرى لبايدن أن يصُب تركيزه على الانتخابات الرئاسية، إذ يسعى للفوز في نوفمبر المقبل بولاية جديدة.

إلا أن ثنائية الحرب والانتخابات، زادت من تعقيد جهوده لصياغة استراتيجيته.

فمن جهة، بايدن بحاجة لتجنب إعطاء الجمهوريين ذريعة لاستغلالها مع الناخبين المؤيدين لإسرائيل، ولكن على الجهة الأخرى عليه أن يحارب تآكل دعم بعض الديمقراطيين المنزعجين من دعمه القوي لإسرائيل.

ويقول هارون ديفيد ميلر، وهو مفاوض سابق لشؤون الشرق الأوسط في إدارات مختلفة بقيادة الجمهوريين والديمقراطيين: "بغض النظر عن كيفية حل المشكلة، فإن بايدن في مأزق بشأن كيفية التعامل مع هذه الأزمة".

لا يجعل رئيس الوزراء الإسرائيلي الأمر أكثر يسرا على بايدن، فقد تعهد على سبيل المثال أن يمضي في حملته العسكرية حتى رفح، وهي المنطقة الأخيرة في غزة التي لم يصلها بعد الاجتياح البري.

ووفقا لمصدر مطلع في واشنطن، أوضحت إسرائيل للولايات المتحدة أنها مستعدة لتحمل التنديد الدولي الذي كانت تتوقع أن تواجهه بسبب ردها العسكري على هجوم حماس.

وتصر إسرائيل على أنها تتخذ الاحتياطات اللازمة لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين.