موائد خاوية.. كيف يقضي أهالي غزة إفطار رمضان؟

لا تحظى كل الأسر في قطاع غزة المحاصر بظروف الإفطار ذاتها، فالبعض يتناول وجبته في ساعة المغيب داخل خيمة بلاستيكية متواضعة بعد النزوح، والبعض يحظى بوجبته داخل منزل نجى بأعجوبة من القصف.

عائلة أبو رزق ليست بين أي من هؤلاء، فمع رفع أذان المغرب، تتناول الأسرة الطعام بين أنقاض منزلهم، بعد أن طاله القصف المستمر على القطاع.

إلا أن تحدي إعداد الإفطار لم يتمثل فقط في غياب سقف المنزل، وإنما أيضا في جمع ما يكفي من طعام لوجبة إفطار لأفراد الأسرة، إذ تلوح المجاعة في الأفق في قطاع غزة، في ضوء شح المساعدات ومن ثم الغذاء في القطاع المحاصر.

يتذكر بعض أفراد الأسرة رمضان الماضي بأسى، فتقول أم محمود أبو رزق، التي تجلس بين الجدران الخرسانية العارية لتعد الطعام على نار أشعلتها: "رمضان اللي فات كان كتير حلو، بس رمضان هذا لأ. رمضان راح منه حاجات كتير، إخواتي، أهلي، كلهم راحوا، بيتنا اتهدم، ولسه كمان في تحت الأنقاض لسه ما انطالوا".

تعاني أم محمود من أزمة يومية، متمثلة في العثور على طعام لأسرتها، إذ تؤكد أن مائدتها هذا العام خالية من اللحوم، ولا تكاد تضمن سوى الحساء والمعلبات، فتقول: "مفيش حاجة في رمضان أقدمها للعيال، لا أكل، لا لحوم، لا زفر، أي حاجة نقدمها للعيال حتى يتقوتوا فيها مفيش".

تشرح أم محمود أيضا، أن الصغار سرعان ما يضيقون ذرعا بالبقوليات في المعلبات المتوفرة فتقول: "البقوليات هادي كلها تعبنا منها، عندي ابني قاعد بيصيح بيقول لي، أنا يا ماما تعبت بطني بتوجعني".

بعض الأسر أقل حظا من عائلة أبو رزق، إذ لا تستطيع أن توفر وجبة خاصة لأفرادها، ويلجأ هؤلاء إلى تناول طعامهم وحتى إفطار رمضان في مطابخ الحساء الجماعية.

ويحتشد أهالي غزة حول تلك المطابخ الجماعية في رفح، حاملين أوعية بلاستيكية مختلفة الأحجام، يأملون في ملئها بالطعام.

يعمل عدنان شيخ العيد متطوعا في أحد تلك المطابخ، يؤكد أنها تقدم يوميا نحو ٣٥ قدرا من الطعام، إلا أنها لا تكفي غالبا لحاجة النازحين فيقول: "نحن في أول شهر رمضان المبارك، وها هنا نعاني من قلة الإمكانيات ومن قلة ما نصنع من طعام.. ناس كتير نزحت إلى مدينة رفح، مدارس، مخيمات، نازحون لا يجدون الطعام ولا الشراب".

يأمل شيخ العيد في أن يتمكن من إطعام المزيد من النازحين اليائسين المصطفين في الطوابير.

ويستعيد شيخ العيد فرحة رمضان الماضي بغصة، قائلا: "كل عام الناس في فرح، زينة، طعام، شراب، ولكن هذا العام حزن وبؤس".