سياسة
.
في أحدث استطلاعات الرأي الإسرائيلي، كانت نسبة الإسرائيليين الذين يفضلون دونالد ترمب على جو بايدن لرئاسة الولايات المتحدة 44% مقابل 30%، بينما قال 26% بأنهم لا يعرفون أي الرجلين أفضل، بحسب القناة 12 الإسرائيلية.
يذكر الإسرائيليون لبايدن دعمه المطلق عقب ٧ أكتوبر وشن الحرب الإسرائيلية على غزة، بينما اعترف ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر 2017.
أما بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فلديه ما يخشاه من الرئيس بايدن في ظل ازدياد التوتر العلني بينهما.
لكن صحيفة معاريف الإسرائيلية تقول إن نتنياهو لديه أسبابه التي تجعله يخشى ترمب أكثر من بايدن. فما السبب؟ ومن المرشح الأفضل لإسرائيل؟ وأي الرئيسين قادر على كبح جماح اليمين الإسرائيلي؟
الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترمب يقول إنه لو كان رئيساً لما حدث هجوم 7 أكتوبر أو ما تلاه من حرب إسرائيلية على غزة، مستشهداً بعقوباته على إيران التي جعلتها "مفلسة" وغير قادرة على دعم حماس.
في المقابل، يرى وزير الأمن الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير أنه لو كان ترمب رئيساً لكانت أميركا أكثر دعماً لحرب إسرائيل على غزة.
لكن بخلاف ذلك، لم يعلن ترمب نفسه موقفاً صريحاً من الحرب أو سياسته تجاه استمرارها أو توقفها، وهو ما يقلق الإسرائيليين الذين حاولوا إقناعه بلا جدوى بزيارة مستوطنات غلاف غزة بحسب صحيفة معاريف.
في عهد ترمب وبمباركته، أبرم نتنياهو تفاهمات التهدئة مع حماس برعاية مصرية قطرية بما تضمن وقتها إرسال مساعدات مالية قطرية شهرياً لغزة عبر إسرائيل.
لذلك، تخشى إسرائيل من ردود الفعل غير المتوقعة لترمب، فقد تكون من مصلحته الآن مغازلة التيارات الساخطة على دعم بايدن المطلق للحرب الإسرائيلية، وخاصة في الولايات المتأرجحة، أو على الأقل عدم إخافتهم ودفعهم للتصويت لبايدن في حال أعلن موقفا أكثر تسامحا من بايدن تجاه الحرب في غزة.
لذلك، تفسر معاريف موقف ترمب بالتزام الصمت تجاه الحرب، لأنه يرى أن هناك ملفات ساخنة أفضل للهجوم على بايدن مثل الهجرة.
علاوة على ذلك، فإن عداوة النخب السياسية والإعلامية لترمب، تدفعه للتدقيق في سياساته الخارجية.
وهو ما تفعله الصحف والقنوات الليبرالية التي تتجنب الهجوم على بايدن خوفاً من أي يؤدي ذلك لعودة ترمب إلى البيت الأبيض.
على سبيل المثال، عندما سخر الكوميدي الأميركي الشهير جون ستيوارت من سنّ بايدن مؤخراً، تعرض لسيل من الانتقادات من نخب واشنطن بدعوى أن سخريته تلك تقوي موقف ترمب في انتخابات نوفمبر 2024.
خلال فترة رئاسة ترمب، كان نتنياهو أقرب حلفائه السياسيين، لكن في نهاية عام 2021، أخبر ترمب الصحافي باراك رافيد أنه لم يتحدث مع نتنياهو منذ مغادرة البيت الأبيض، مضيفاً: "اللعنة عليه".
ترمب أخبر رافيد "لقد أحببت بيبي. ما زلت أحبه، لكني أحب الولاء أيضاً. بيبي كان أول من هنأ بايدن. لم يقم بتهنئته فحسب، بل فعل ذلك على شريط مسجل".
كان ذلك في إشارة لتهنئة نتنياهو بايدن على الفوز في انتخابات نهاية عام 2020 ضد ترمب في الوقت الذي كان فريق ترمب يدّعي أن النتيجة لم تحسم بعد وأن الانتخابات شابها التزوير.
ترمب رأى أن تلك الخطوة طعنة في الظهر بعد كل ما قدمه لإسرائيل ونتنياهو من هدايا سياسية غير مسبوقة.
لذلك، يعتبر العميد المتقاعد آبي بنياهو أن "ترمب هو كابوس نتنياهو الأسوأ وليس بايدن على الرغم من انتقاد الأخير العلني لنتنياهو وتوعده بلقاء المسيح"، حسب ما أخبر صحيفة معاريف.
آبي بنياهو يفسر موقف نتنياهو السلبي من ترمب، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي يخاف "انتقام ترمب، أكثر مما يخاف يحيى السنوار".
وأضاف المتحدث السابق باسم الجيش بأنه قيل له إن نتنياهو "يأمل أن تترشح ميشيل أوباما للرئاسة وتمنع ترمب الذي ترتفع أسهمه في استطلاعات الرأي".
وكشف بنياهو أن هناك محاولات لإحضار ترمب إلى إسرائيل في زيارة سريعة لإبداء التعاطف مع الإسرائيليين وإلقاء خطاب دعم وتأييد يبدد مخاوف نتنياهو، لكن الأمر لم ينجح حتى اللحظة بعد أكثر من 160 يوما على بداية الحرب.
في شهر أكتوبر الماضي، زار الرئيس الأميركي الديمقراطي جو بايدن إسرائيل في زيارة تضامنية داعمة للحرب على غزة وقال أثناء اللقاء "لا أعتقد أن عليك أن تكون يهودياً لتكون صهيونياً. أنا صهيوني".
بايدن أضاف في تصريحات سابقة أنه لو لم تكن إسرائيل موجودة، لكان لزاماً على العالم خلق إسرائيل.
دعم الرئيس الأميركي المطلق لإسرائيل في أعقاب هجوم 7 أكتوبر وإمدادها بالسلاح والمال والفيتو في مجلس الأمن أكسبه لقب "الرئيس الأميركي الأكثر مناصرة لإسرائيل على الإطلاق" بحسب مجلة التايم الشهيرة.
فاز بايدن بهذا اللقب ليس فقط لدعمه السخي، بل بسبب توقيت الدعم والثمن الذي قد يتكبده مقابل هذا الدعم غير المنقطع.
العديد من المراقبين توقعوا أن يخفف بايدن من دعمه لإسرائيل مع اقتراب موعد الانتخابات، نظراً لأن هناك شريحة لا بأس بها من ناخبيه ترفض استمرار الحرب على غزة.
وقد أبدى مناصرو حقوق الفلسطينيين غضبهم على سبيل المثال في انتخابات ميشيغان التأهيلية، عندما صوت أكثر من 100 ألف شخص بـ"غير ملتزم" في تصويت احتجاجي ضد بايدن، وهو ما ينذر بخسارته تلك الولاية في الانتخابات المقبلة.
مع ذلك، يرفض بايدن الضغط لإيقاف الحرب بشكل كامل، ويستمر في إرسال السلاح والمال لإسرائيل واستخدام حق النقض في مجلس الأمن.
تلك الخطوات عرَّضت بايدن للمزيد من الانتقادات، فهو لم يستطع أو لم يضغط بشكل كافي على الإسرائيليين لإدخال المساعدات براً لذلك لجأ للبحر والجو.
لذلك، احتفاظ بايدن بكرسي الرئاسة يعد أمراً إيجابياً للإسرائيليين، باعتباره الرئيس الديمقراطي الذي دعمهم بشكل غير مسبوق، ومغامرا بحظوظه في الانتخابات الرئاسية مقابل مساعدتهم.
في تصريح مفاجئ، وصف زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، السيناتور تشاك شومر، بنيامين نتنياهو بأنه "عقبة" في طريق السلام ورجل لديه "رؤية عالقة في الماضي تخنق الشعب الإسرائيلي" وأنه يجب عقد انتخابات إسرائيلية مبكرة لإزاحته.
شومر من أشد مناصري إسرائيل، باعتباره اليهودي صاحب أرفع مركز سياسي في الولايات المتحدة، لذلك يشكل تصريحه صدمة كبرى للإسرائيليين.
وتزامن هذا التصريح مع نشر الصحافي الشهير توماس فريدمان مقالا في صحيفة نيويورك تايمز قال فيه إن نتنياهو "يجعل إسرائيل منبوذة"، وأضاف فريدمان في مقال آخر إن نتنياهو "أسوأ زعيم يهودي في التاريخ".
تغير موقف شومر يعني تغير موقف المنظومة السياسية الحاكمة في أميركا تجاه نتنياهو وإسرائيل، بحسب السفير الإسرائيلي السابق لأميركا ألون بينكاس.
لكن مع ذلك، يقول بينكاس إن إدارة بايدن "تبدو غير مبالية إلى حد ما، وتبدو بطيئة في استيعاب مدى تحدي نتنياهو وعناده وتجاهله الصارخ للمصالح الأميركية".
ويضيف الدبلوماسي الإسرائيلي المخضرم أن موقف بايدن من إسرائيل ما زال متراخياً ولا يرقى لقوة اللحظة التي يقف أمامها الرئيس الأميركي.
بينكاس يفسر ذلك بأن بايدن يعتقد أنه يعرف نتنياهو جيداً منذ ثلاثين عاماً وأنه يستطيع التنبؤ بتصرفاته.
لكن الدبلوماسي الإسرائيلي يقول إن بايدن عالق في الماضي مع إسرائيل قديمة "لم تعد موجودة"، وأن إسرائيل اليوم مختلفة تماماً عما يتصوره الرئيس الأميركي.
ويضيف بأن بايدن "يتجاهل التجارب السلبية المتراكمة لأسلافه وأصدقائه، بيل كلينتون وباراك أوباما، وحتى تجربته الشخصية" مع نتنياهو.
وأنه مهما ظن الرئيس الديمقراطي أنه قادر على السيطرة على نتنياهو، فإن موهبة رئيس الوزراء الإسرائيلي في التلاعب والازدواجية تفوق بكثير قدرة بايدن.
بهذا الشكل يأمل نتنياهو كسب دعم الإسرائيليين مرةً أخرى بعدما خسر ثقتهم في أعقاب هجوم 7 أكتوبر، وفقاً لمحللين سياسيين إسرائيليين.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة