رئة شمال غزة تنتعش.. طحين بعد 4 أشهر من "علف الحيوانات"

تجمهر مئات من سكان قطاع غزة في منطقة الشمال، حول مركز توزيع للمساعدات يتبع وكالة "أونروا"، من أجل الحصول على 5 كيلوغرامات من الدقيق لكل أسرة، وساهمت لجان شعبية في عمليات التنظيم والتأمين.

ضجيج السكان الذين انتظروا الحصول على بضعة كيلوغرامات من الطحين كان مبهجا بعكس ما تُخلفه الغارات الإسرائيلية التي لا تتوقف في سماء غزة شمالا وجنوبا وغربا وشرقا منذ السابع من أكتوبر الماضي.

ولم تصل أي مساعدات إلى البلدات الواقعة في شمال غزة، منذ نوفمبر الماضي، ما تسبب في وقوع مجاعة لدى كثير من الأماكن والأسر، أودت بحياة البعض، خاصة الأطفال.

وتعلن وزارة الصحة في قطاع غزة يوميا العديد من الأخبار حول وفاة أطفال وكبار سن بسبب سوء التغذية، وذلك بسبب قيود الحرب الإسرائيلية التي قطعت كل إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود.

وبالإضافة إلى الخسائر البشرية تسببت الحرب الإسرائيلية بكارثة إنسانية غير مسبوقة وبدمار هائل في البنى التحتية والممتلكات، ونزوح نحو مليوني فلسطيني من أصل نحو 2.3 مليون في غزة، بحسب بيانات فلسطينية وأممية.

واعتاد أهالي الشمال في الأيام الماضية في أثناء تسلمهم للمساعدات، استهداف الجيش الإسرائيلي لهم بإطلاق النار والقذائف، ما يوقع بينهم قتلى وجرحى بأعداد كبيرة.

وقبل يومين، قُتل 20 فلسطينيا، وأصيب 155 شخصا، في أثناء تجمع للحصول على مساعدات في منطقة "دوار الكويت" في غزة، ونفت إسرائيل استهدافهم.

وتُعتبر هذه المرة الأولى التي تم فيها تقديم المساعدات بشكل منتظم للسكان، بالتعاون مع أجهزة أمنية تابعة لحكومة غزة والعشائر الفلسطينية.

خبر وصول شحنات من الدقيق كان سعيدا للغاية لكثير من الآباء، الذين سيتمكنون أخيرا من إطعام أبنائهم خبزا ساخنا شهيا لأول مرة منذ أسابيع.

وقال الفلسطيني يحيى أبو ريالة، (37 عاما)، الذي حصل على 5 كيلوغرامات حصة أسرته من الدقيق، إنه يشعر بالسعادة والارتياح، لأنه سيعود لأسرته بشيء يمكنهم أن يأكلوه.

وأضاف يحيى لوكالة الأناضول: "منذ 40 يوما لم يأكل أطفالي الأربعة الخبر الأبيض، سعيد لأن لدينا الآن طعام بدلا من الاعتماد على طعام الحيوانات الذي نتغذى عليه".

ويعيش الفلسطيني أبو ريالة، أوضاعًا إنسانية صعبة جراء نزوحه من المناطق الشرقية لبلدة بيت لاهيا إلى مخيم جباليا بعد قصف منزله.

بينما احتفل البعض بحصته من الدقيق، تعرض البعض الآخر لخيبة أمل كبيرة، بعد انتهاء الكمية قبل أن يصل بدوره إلى منفذ التوزيع في طابور انتظار طويل للغاية.

وكشفت الفلسطينية "أم محمد مفتاح"، البالغة 40 عاما، عن حزنها بسبب انتهاء كميات الدقيق من المخازن قبل أن يأتي دورها في الحصول على حصة لإطعام أبنائها.

وقالت السيدة الفلسطينية، إنها سمعت بنبأ وصول الطحين لتتجه إلى منفذ توزيع مساعدات الأونروا، لكنها لم تحصل على شيء في النهاية بسبب تأخرها.

وتتمنى مفتاح، الحصول على الدقيق لإطعام عائلتها، بعد أن نفد مخزونه منذ أكثر من شهرين، لم تنجح خلالهما في تقديم الخبز لأبنائها على مائدة الطعام.

أعلنت الجبهة الداخلية التابعة لحكومة قطاع غزة، الأحد، وصول قافلة من المساعدات الإنسانية تضم 12 شاحنة إلى شمال القطاع ومدينة غزة.

وقالت: "وصلت المساعدات بجهود اللجان الشعبية وتعاون الأهالي من أبناء شعبنا العظيم إلى محافظتي غزة والشمال، 6 شاحنات منها وصلت إلى منطقة جباليا، فيما الباقي لمدينة غزة".

ودعت اللجنة "التعاون مع اللجان الشعبية لاستمرار وصول المساعدات إلى الصامدين في محافظة الشمال".

وأشارت إلى أن "استمرار التعاون المجتمعي سيفضي لكسر الحصار الظالم المفروض على شعبنا، ويضمن العدالة الاجتماعية بوصول المساعدات لكل أبناء شعبنا".