ذرائع اقتحام "الشفاء".. ما أعلنته إسرائيل وما لم تعلنه

منذ بدء الحرب على غزة، قصف الجيش الإسرائيلي ودمّر بصورة ممنهجة المباني والمقار الحكومية والأمنية المختلفة في جميع أرجاء القطاع، بما في ذلك مراكز الشرطة والوزارات والأرشيف، والبلدية والمحاكم وغيرها.

هذا الأمر دفع حكومة غزة إلى إنشاء مقار مؤقتة لمتابعة العمل الحكومي وتنظيم الشؤون المدنية على الأرض مثل تنسيق عمل المستشفيات أو عمليات الإنقاذ والطوارئ أو دفع أجزاء من رواتب الموظفين.

وعلى الفور، استهدفت إسرائيل وقصفت الأماكن التي جرى منها توزيع الرواتب أو إدارة شؤون الحكومة.

هذا الأمر دفع لجنة العمل الحكومي إلى الانتقال لمجمع الشفاء الطبي، لعدم وجود أماكن آمنة أخرى، بحسب مصادر مطلعة أفادت لبلينكس بأنه حتى يوم الإثنين، كانت اللجنة تمارس أعمالها في تنظيم شؤون الحياة المدنية في الشمال من قلب أحد أقسام المستشفى.

بعض المسؤولين الذين كانوا في المستشفى وقت الهجوم الإسرائيلي كانوا من أصحاب الرتب العالية والمتوسطة، مثل العميد فايق المبحوح مدير عمليات الشرطة الذي تم اغتياله يوم الإثنين، والمهندس إيهاب العيسوي من لجنة العمل الحكومي، وراجي الهمص مدير البرامج في قناة الأقصى الفضائية.

أحد ضباط الجيش الإسرائيلي أقر بأن حماس كانت تحاول إعادة "إنشاء المؤسسات الحكومية في شمال قطاع غزة" من داخل مجمع الشفاء الطبي، بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت.

إسرائيل كانت على علم بوجود لجنة العمل الحكومي داخل المستشفى لفترة من الوقت.

فبحسب معلومات موثقة حصلت عليها بلينكس، كان مجمع الشفاء الطبي موقعاً لعقد اجتماعات بعلم إسرائيل بين ممثلي الأمم المتحدة وممثلي لجنة الطوارئ والشرطة والحكومة المحلية والمخاتير لتنسيق دخول المساعدات إلى الشمال.

وكان أبرز تلك الاجتماعات يوم 13 مارس، للاتفاق على التنظيم لحماية وتأمين المساعدات الواصلة من الجنوب ومنع السرقة والفوضى.

ممثلو الحكومة المحلية طلبوا من مسؤولي الأونروا والأمم المتحدة في ذلك الاجتماع أن يطلبوا من الجيش الإسرائيلي الامتناع عن استهداف عناصر الشرطة، لكي تتمكن من القيام بدورها في الحفاظ على النظام والهدوء، ومنع اقتراب المواطنين من دوار الكويت الذي توجد بالقرب منه آليات الجيش الإسرائيلي.

ما يعني أن إسرائيل كانت على علم ومعرفة كامليْن بوجود كبار موظفي حكومة غزة داخل مستشفى الشفاء.

الهجوم الإسرائيلي على المستشفى جاء بعد يومين من نجاح عبور شاحنات المساعدات بأمان إلى جباليا في شمال مدينة غزة دون تعرضها لسرقة أو نهب للمرة الأولى على الإطلاق.

وتزامن مع اقتحام المستشفى واغتيال الضابط المسؤول عن تأمين المساعدات، العميد فايق المبحوح، سلسلة من الاغتيالات الأخرى ضد مسؤولين كبار كان لهم دور بارز في تلك العملية، وهو ما قد يشير إلى وجود رابط بين اختيار توقيت الهجوم على المستشفى ونجاح إدخال المساعدات.

الجيش الإسرائيلي نشر مقطع فيديو زعم فيه توثيق عثوره على مبالغ مالية بالدولار والشيكل والدينار الأردني، تجاوزت قيمتها بما يعادل 11 مليون شيكل، داخل خزينة في أحد مباني المستشفى.

لكن مقطع الفيديو الإسرائيلي نفسه يوثق أن تلك المبالغ كانت موجودة في طرود ورقية تحمل شعار "دولة فلسطين" والحكومة الفلسطينية في غزة بالإضافة إلى مستندات وقوائم أسماء عليها وسم الحكومة.

وبحسب مصدر مطلع فإن تلك الطرود كانت تحمل أموالا تابعة لميزانية ومصاريف لجنة العمل الحكومي ولجنة الطوارئ، لتغطية رواتب الموظفين والنفقات الميدانية والمساعدات.

الجيش الإسرائيلي اجتزأ الفيديو المصور ذاك، وأضاف إليه مقطعا يصور العثور على بضعة مظاريف مكتوب عليها "هدية مقدمة من حركتي حماس والجهاد الإسلامي" وعبارة "سلاماً عليكم بما بذلتم".

كل من تلك الطرود احتوى على مبلغ 200 شيكل (60 دولارا)، وهو ما يرجح كونها مساعدات إغاثية، لكن مقطع الفيديو لا يظهر العثور على تلك الطرود بجوار المبلغ المالي التابع للحكومة.

إسرائيل ادعت بأنها اعتقلت القيادي البارز في تنظيم الجهاد الإسلامي خالد البطش "أبو عاشور" من داخل مستشفى الشفاء، لكن تقارير إخبارية نفت ذلك الأمر.

وفي مساء يوم الخميس، نشر الجيش الإسرائيلي صور بطاقات هوية لنحو 358 شخصا زعم اعتقالهم في مستشفى الشفاء وأنهم جميعاً "إرهابيون" ينتمون لحماس.

لكن قال نشطاء بأن تلك الصور تظهر أناسا ليسوا قيد الاعتقال، وأن العديد منهم هم من المدنيين العاملين في الحقل الحكومي والمدني، وأن بعضهم أطباء من طاقم المستشفى أو نازحون من سكان المناطق المحيطة بمستشفى الشفاء.