"داعش" يتمدد حول العالم.. لماذا هاجم روسيا؟

بأيديولوجية القوة العسكرية التي تشن حروبا تقليدية بهدف السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي وحكمها، ظهر تنظيم داعش ولاية خراسان في شرق أفغانستان أواخر 2014، وسرعان ما ذاع صيته بسبب وحشيته الشديدة، واستمد اسم خراسان من كلمة قديمة أطلقت على منطقة شملت أجزاء من إيران وتركمانستان وأفغانستان.

وشهد عدد أعضاء التنظيم -وهو أحد أكثر التنظيمات الإقليمية التابعة لـ"داعش" نشاطا- انخفاضا منذ تسجيله أعلى مستوياته في 2018 تقريبا. وألحقت حركة طالبان والقوات الأميركية خسائر فادحة به.

فرع التنظيم في أفغانستان المعروف بـ"ولاية خراسان"، تأسس في عام 2015 على يد أعضاء مستائين من حركة طالبان باكستان، واعتنقوا بعد ذلك مذهبا أكثر عنفًا، بحسب نيويورك تايمز.

شهدت المجموعة تقليصًا يقارب النصف تقريبًا من تعدادها، لتصل إلى نحو 1500 إلى 2000 مقاتل في عام 2021، وذلك بعد ضربات جوية أميركية بالتعاون مع القوات الأفغانية.

بعدما أسقطت طالبان الحكومة الأفغانية في العام نفسه، وما تبعه من انسحاب الجيش الأميركي من كابول، أعلن التنظيم عودته القوية بتفجير انتحاري في مطار كابول الدولي في أغسطس 2021، أسفر عن مقتل 13 جنديًا أميركيًا وما يصل إلى 170 مدنيًا.

أثار الهجوم انتباه المجتمع الدولي إلى ما يُعرف بولاية خراسان، ما جعلها تشكل تهديدا كبيرا لقدرة طالبان على الحكم.

منذ ذلك الحين، خاضت طالبان معارك عنيفة ضد التنظيم في أفغانستان. وحسب نيويورك تايمز، فإنه حتى الآن، نجحت طالبان في منع التنظيم من الاستيلاء على الأراضي أو استقطاب أعداد كبيرة من مقاتليها السابقين المملوئين بالملل في زمن السلام.

على الرغم من أن الهجوم الذي نفذته ولاية خراسان في روسيا يمثل تصعيدا كبيرا، فإن خبراء قالوا إن التنظيم عارض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في السنوات القليلة الماضية.

وقال كولين كلارك، من مركز سوفان، وهو مجموعة بحثية مقرها واشنطن: "ركز تنظيم داعش- ولاية خراسان اهتمامه على روسيا على مدى العامين الماضيين وتضمنت دعايته مرارا انتقادا لبوتين".

من جهته أشار مايكل كوجلمان، من مركز ويلسون مقره واشنطن إلى أن التنظيم "يرى أن روسيا متواطئة في أنشطة تضطهد المسلمين باستمرار، خاصة تدخلات موسكو في أفغانستان والشيشان وسوريا".

وأضاف أن التنظيم يضم أيضا بين أعضائه عددا من المسلحين القادمين من آسيا الوسطى الذين لديهم مظالمهم الخاصة حيال موسكو.

وقبل يوم واحد فقط من تفجيرات موسكو قال رئيس القيادة الوسطى العسكرية، الجنرال مايكل إريك كوريلا، وهو أكبر جنرال أميركي في الشرق الأوسط، إن تنظيم داعش ولاية خراسان يمكن أن يهاجم مصالح أميركية وغربية خارج أفغانستان "خلال أقل من 6 أشهر ودون سابق إنذار".

وتابع في لجنة بمجلس النواب يوم الخميس: "ولاية خراسان ما زالت لديها القدرة والإرادة لشن هجمات دون أي تحذير".

وقالت الولايات المتحدة، إن قدرتها على زيادة النشاط الاستخباراتي ضد الجماعات المتطرفة في أفغانستان مثل "داعش- ولاية خراسان" تراجعت منذ انسحاب القوات الأميركية من البلاد في 2021.

تصنف الأمم المتحدة تنظيم داعش ضمن الكيانات الإرهابية، وتضيف إلى قائمتها الموحدة أي كيان يقدم أي أشكال أخرى من الدعم للأعمال أو الأنشطة التي يقوم بها التنظيم، أو أي خلية أو جماعة مرتبطة به أو منشقة أو متفرعة عنه.

بعد فترة من إعلان داعش عن نفسه، تَشكل التحالف الدولي ضد التنظيم، وتحديدا في سبتمبر 2014، وتميز منذ اللحظة الأولى بتفرد عضويته ونطاق عمله والتزاماته، إذ وضع على عاتقه مهمة دحر التنظيم وإلحاق الهزيمة به.

تشكل التحالف من 86 عضواً، وتعهد بالتصدي لتنظيم داعش على جميع الجبهات، والعمل على هدم شبكاته والوقوف أمام طموحاته بالتوسع العالمي.

ودشن التحالف حملة عسكرية ضد التنظيم في كُلٍ من العراق وسوريا، وتعهد بمواجهة البنية التحتية المالية والاقتصادية لداعش وعرقلتها حول العالم، والتصدي لتدفق المقاتلين الأجانب عبر الحدود، ودعم الاستقرار وإعادة الخدمات العامة الأساسية للمناطق المحررة من التنظيم ومواجهة دعايته.

في الآونة الأخيرة أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن عدد من العمليات الإرهابية حول العالم.

منذ مارس 2023، وحتى قبل هجوم موسكو، أعلن "داعش" مسؤوليته عن 1121 هجوماً حول العالم، وفق إحصاء معهد واشنطن.

وصدرت معظم هذه الإعلانات عن "تنظيم داعش- ولاية غرب أفريقيا" (المتمركز بشكل أساسي في نيجيريا وجنوب شرق النيجر)، تليه ولايات "داعش" في سوريا والعراق وأفريقيا الوسطى (مقرها في جمهورية الكونغو الديمقراطية) وموزمبيق.

ووفقاً للبيانات الصادرة، أدت هذه الهجمات إلى مقتل أو إصابة نحو 4 آلاف و770 شخصاً، ومن أبرزها حول العالم:

• الهجوم على قاعة حفلات كروكس سيتي قرب العاصمة الروسية موسكو بتاريخ 22 مارس 2024 وخلف نحو 62 قتيلا وأكثر من 100 مصاب، بعضهم إصابته خطيرة.

• تفجير بنك في قندهار عاصمة القرار الطالباني في أفغانستان، بتاريخ 20 مارس 2024، ما خلف 26 قتيلا، ونحو 38 مصابا.

• هجوم على قرويين يجمعون الكمأ شرق سوريا بتاريخ 6 مارس 2024 أسفر عن مقتل 18 وإصابة 16، فضلا عن اختفاء 50 شخصا ربما يكون مسلحو داعش قد اختطفوهم، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

• انفجاران في مراسم أقيمت بإيران لإحياء ذكرى مقتل قاسم سليماني، بتاريخ 3 يناير 2024، أسفرا عن مقتل ما يقرب من 100 شخص وإصابة العشرات.

• هجمات متزامنة على قوات سورية على حواجز ونقاط عسكرية في البادية، بتاريخ 8 نوفمبر 2023، أسفرت عن مقتل 4 عسكريين و26 عنصرا من قوات الدفاع الوطني.

• تفجير انتحاري تسبب في سقوط 6 قتلى بالسفارة الروسية في كابول، بتاريخ 5 سبتمبر 2022.

• هجوم على حافلة للجيش السوري في شرق سوريا بتاريخ 12 أغسطس 2023، أسفر عن مقتل 33 شخصا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.