الجماعة الإسلامية في لبنان.. "حزب الله الثاني" بنكهة بيروتية

مع تغيير القيادة داخل الجماعة الإسلامية، حيث أصبحت تابعة لتحالف حركة حماس بعد نتائج الانتخابات الداخلية عام 2022، ركّزت الجماعة على ملف واحد بشكل أساسي، وهو الملف العسكري المرتبط بقوات الفجر، حسب ما أكد مصدر مقرّب من الجماعة.

وأضاف المصدر في حديثه مع بلينكس أن هذه الاستعراضات ليست سوى تجسيد للسياسة الجديدة التي اعتمدها الجماعة الإسلامية، والتي تركّز على توحيد الجهود في ملف فلسطين.

يبدو أن حزب اللّه لم يعارض مشاركة قوات الفجر، حيث كان بإمكانه وقف هذه المشاركة، لكنه اختار عدم القيام بذلك، بحسب المصدر.

مضيفا "يتضح أن هذا القرار يعكس استراتيجية حزب اللّه في الاستفادة من وجود قوات الفجر لتوفير غطاء طائفي سني في حال اندلاع الحرب في لبنان".

أما الأسلحة التي تستخدمها قوات الفجر فتعتبر بدائية مقارنة بتسليح الحزب، وهي تشمل صواريخ غراد وكورنيت وكاتيوشا، وهذه الأسلحة يمكن الحصول عليها بسهولة خصوصاً من مراكز حماس داخل المخيّمات.

عبّر النائب عن مدينة بيروت، إبراهيم منيمنة، عن استغرابه من الاستعراض، وأدانه معتبراً أنه لا يعكس مزاج أهالي بيروت الذين طالما رفضوا هذه المشاهد، بحسب قوله.

وشدّد منيمنة، في حديثه مع بلينكس، على أن الخطورة تكمن في ما وراء الاستعراض، مضيفاً أن الموضوع خطير لأنه قد يتمدّد، وبالتالي تصبح الأمور أكثر تعقيداً من جانب الدولة.

وكذلك، رأى نائب مديرة المركز لشؤون الأبحاث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، مهند الحاج علي، أن الخطورة تكمن في اختراع خطاب سنّي مماثل لحزب اللّه، وفرضه عبر إنشاء ثنائية الدولة والسلاح بحجّة الدفاع عن لبنان والمقاومة.

من هنا، أشار المصدر المقرّب من الجماعة الإسلامية إلى أن القيادة تسعى إلى اعتماد سياسة عسكرية جديدة تمثّلت بالاستعراض العسكري الذي شهدته بيروت منذ أيام.

الأمر الذي أكدته أيضاً الباحثة اللبنانية ريتا فرج، ونوّهت إلى أن قوّات الفجر كانت موجودة منذ ثمانينات القرن الماضي وتضع نفسها في مقدّمة الصراع "اللبناني-الإسرائيلي"، لكن اليوم تسعى إلى فرض قوّتها العسكرية عبر الاستعراض، بذريعة الدفاع عن غزة.

بالرغم من ذلك، أكّد المصدر أن هناك انقسام داخلي كبير بعد المشهد العسكري، حيث يعتبر القسم الأول أن فتح الجبهة كلياً في الجنوب بيَد حزب اللّه فقط، بينما يرى القسم الثاني أن توحيد الساحات والمشاركة في سبيل دعم فلسطين، أمر ضروري ولا بد من إعطاء حزب اللّه الغطاء السّني.

تسعى الجماعة الإسلامية، وفقًا للباحثة ريتا فرج، إلى ملء الفراغ في "الزعامة السنية" على الرغم من عدم نجاحها في جذب هذا المزاج سابقًا، كما يظهر من عدم حصولها سوى على نائب واحد في الانتخابات النيابية الأخيرة.

ومنذ اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية، رفيق الحريري، في 14 فبراير 2005، والطائفة السنية تفتد لزعيم فعليّ يمثّلها، "لذلك، تسعى الجماعة الإسلامية إلى استغلال الموقف الراهن"، بحسب الباحثة.

ولم ينف المصدر المقرب من الجماعة ما اتفق عليه فرج والحاج، إذ أكّد أن الجماعة الإسلامية تسعى بشكل حثيث لجذب شريحة واسعة من الشبان في بعض المناطق السنية، لا سيّما المخيمات، حيث تكون الانتماءات الفلسطينية أقوى، بهدف إشراكهم في صفوف قوّات الفجر.

يخشى الحاج علي أن يكون للاستعراض المسلّح ومحاولة تكريس التسلّح بين الطوائف، تأثيرًا سلبيًا على المسيحيين في لبنان، وقد يثير هذا المخاوف لديهم.

يرى الحاج علي أن أي تقسيم للسلاح بين الطائفيتيْن، الشيعية من خلال حزب اللّه، والسنية من خلال الجماعة الإسلامية، يعزّز مبدأ اللامركزية والفيدرالية، وبالتالي، يزيد من الانقسامات الداخلية في لبنان.