حماس تضرب بصواريخ إسرائيلية الصنع

في السابع من أكتوبر، أطلقت حماس خلال 20 دقيقة نحو 5 آلاف صاروخ محلي الصنع باتجاه مدن إسرائيلية مختلفة لتوفير غطاء للهجوم الميداني، ما اعتُبر أكبر إطلاق صواريخ تقوم به الحركة في يوم واحد منذ بداية الصراع.

وبعد اندلاع الحرب، استمرت حماس وغيرها من الفصائل في إطلاق صواريخ بشكل يومي باتجاه تل أبيب وغيرها من المناطق في إسرائيل.

لكن كانت عمليات إطلاق الصواريخ تلك بكميات أقل بكثير تناقصت تدريجيا إلى أن توقف وصول الصواريخ للأهداف البعيدة في إسرائيل مثل تل أبيب وإشدود وعُوض عن ذلك بإطلاق صواريخ من لبنان بدلا من غزة لمشاغلة الجيش الإسرائيلي.

أفادت مصادر خاصة منصة بلينكس بأن الهدف من تقليل كمية الصواريخ المطلقة من غزة كان تكتيكيا تحضيرا لحرب استنزاف ربما تدوم 6 أشهر فأكثر، للمحافظة على القدرات الهجومية وعدم استنزافها في فترة قصيرة.

بعد ذلك، أصبح إطلاق حماس لتلك المقذوفات محلية الصنع استراتيجيا. فمثلا في يوم 3 مارس، أعلنت إسرائيل إعادة فتح المدارس في سديروت بشكل تدريجي بعد ٥ أشهر من الحرب وزعمت تأمين المدينة، لتقوم حماس في نفس اليوم بإطلاق صواريخ باتجاه سديروت لإيصال رسالة ضغط.

وفي شهر يناير بالتزامن مع انسحاب الجيش الإسرائيلي من مناطق عدة في شمال غزة، وأطلقت حماس رشقة صواريخ يوم 13 يناير من تلك المناطق باتجاه بلدة نتيف هعسراه في غلاف غزة، ثم أطلقت رشقة أخرى باتجاه أسدود في 15 يناير، ورشقة ثالثة باتجاه نتيفوت في 16 يناير.

مصادر خاصة أفادت بلينكس بأن كتائب القسام استفادت مع غيرها من الفصائل في غزة من الصواريخ والقذائف الإسرائيلية غير المنفجرة، وتعمل بشكل مستمر في هذه الأيام على إعادة تدويرها لتصنيع صواريخ وقذائف جديدة لاستخدامها في المعركة ضد إسرائيل، وأن هناك بعض الورش للتصنيع ما زالت قائمة لهذا الغرض رغم اجتياحات الجيش.

وبحسب نائب مدير العمليات الدولية في منظمة هانديكاب إنترناشونال، جان بيار ديلومييه، فإن هناك على الأقل نحو 3 آلاف صاروخ وقذيفة إسرائيلية سقطت على غزة ولم تنفجر، وهو ما يشكل كنز استراتيجي لحماس.

صحيفة هآرتس قالت إن نحو 15% من الذخائر التي يستعملها الجيش الإسرائيلي في غزة لا تنفجر، وإنه خلال الحرب الجارية على غزة، تستخدم إسرائيل الذخائر بشكل مسرف وسخي للغاية لدرجة أن تكلفة الذخائر وحدها تتجاوز 2 مليار دولار.

وتقر الصحيفة بأن هذا الأمر يزيد من كمية المواد المتفجرة والمعادن التي ستستخدمها حماس في تصنيع صواريخ إسرائيلية الأصل لتضرب بها إسرائيل، وهو ما اعتبرته الصحيفة "شارة عار" في جبين المنظومة الإسرائيلية الأمنية.

وتنقل هآرتس عن ضابط كبير سابق في الجيش الإسرائيلي بأن إسرائيل كانت قادرة على "تحقيق إنجازات مماثلة لما حققته بنسبة 10% فقط من الدمار الذي سببناه" مضيفاً بأن أسلوب القتال الذي يتبعه الجيش حاليا مسرف على نحو غير عادي.

وأشار الضابط إلى أن الحرب الحالية يمكن وصفها بـ"حرب الأغنياء القساة. فنحن نهاجم عددا لا يحصى من الأهداف، من دون أن نسأل ما إذا كان الأمر يستحق مهاجمتها، ويتم استخدام المدفعية في أماكن ليس فيها الأمر إلزاميا حقا".

هذا الأمر يعود بالوبال على إسرائيل لإنه كلما ازدادت كمية الذخيرة المستخدمة، كلما ارتفع عدد الصواريخ غير المنفجرة التي ستقع في يد حماس وغيرها من الفصائل.

الملف للنظر أن حماس تتعمد إطلاق الصواريخ على إسرائيل من شمال غزة أو خانيونس أو المناطق الوسطى كالنصيرات والبريج والمغازي، وهي جميعاً مناطق زعم الجيش الإسرائيلي تمكنه من السيطرة عليها والقضاء على مراكز التحكم والسيطرة التابعة لحماس فيها.

أطلق حماس صواريخ أيضا من مدينة دير البلح الصغيرة في المنطقة الوسطى، والتي وصلت الجيش الإسرائيلي بتطويقها واجتياح مشارفها في شهر يناير الماضي.

الهدف هنا في اعتقاد إسرائيل نفسها هو أن حماس تحاول تأكيد فشل الجيش الإسرائيلي القضاء على تواجدها في غزة وإثبات أنها ما زالت قادرة على القتال.

وتحاول حماس وغيرها من الفصائل، في الوقت نفسه، تجنب إطلاق أي صواريخ أو شن هجمات ضد إسرائيل من مدينة رفح بحسب مصدرين مقربين من الحركة أضافا لبلينكس بأن هدف ذلك هو عدم إعطاء أي حجة لنتنياهو لاجتياح المدينة الجنوبية التي يتواجد بها الآن أكثر من 1.4 مليون نازح وساكن.

رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول تصوير رفح على أنها المعقل الأخير لحماس وأن احتلالها برا ضروري للقضاء على الحركة، لذلك، تسعى حماس للتأكيد على أنها ما زالت موجودة في مختلف أنحاء قطاع غزة وليس رفح فقط وتحاول التزام الصمت في المدينة الجنوبية المحاذية لمصر لسحب تلك الذريعة من إسرائيل بحسب المصدرين.

على سبيل المثال، نشرت كتائب القسام يوم الثلاثاء مقطعا مصورا يظهر استهداف ناقلات ومدرعات للجيش الإسرائيلي في منطقة بيت حانون في أقصى شمال غزة رغم مرور 171 يوما على الحرب وأكثر من ٤ أشهر على احتلال إسرائيل لتلك البلدة ومسح غالبية المباني فيها وتهجير كامل سكانها.