لماذا استخدمت كوريا الشمالية سلاح الاختطاف؟

الرحلة كانت لـ٤ فتيات لبنانيات حلمنّ بالعمل في الخارج، لكن النهاية كانت غير متوقعة، عندما تنكّر عملاء كوريا الشمالية في هيئة رجال أعمال يابانيين في يوليو من عام ١٩٧٨.

كانت حجتهم في زيارة بيروت البحث عن فتيات للعمل لدى شركة هيتاشي اليابانية، حيث أجروا مقابلات وهمية مع عدد من الفتيات ليخترنّ الضحايا.

جاء العرض لهن بالعمل في طوكيو، أو هونغ كونغ بمرتب ١٥٠٠ دولار شهريا، إضافة إلى ٣٠٠٠ دولار سُلفة تشجيعية، وتذاكر الطيران.

في الليلة الموعودة، استقلت الفتيات الطائرة ليتنقلنّ من واحدة إلى أخرى قبل أن يستقر بهن المقام، في مفاجأة، في كوريا الشمالية، بحسب تقرير لجنة حقوق الإنسان في كوريا الشمالية، وهي منظمة أميركية مستقلة.

تمكنت فتاتان من الهرب عن طريق بلغراد، فيما طلبت بيروت من بيونغ يانغ رسميا استعادة الفتاتين وهو ما حدث عام ١٩٧٩، بحسب موقع اتحاد عائلات المختطفين من كوريا الشمالية.

كشفت العائدات عما وجدنّه في كوريا الشمالية، ومن قابلن من نظرائهم من المختطَفين للتدريب على المهمة الموكلة إليهم وهي.. التجسس لصالح كوريا الشمالية.

في مساء 15 نوفمبر 1977، كانت الطفلة ميغومي يوكوتا ذات الـ١٣عاما في طريق عودتها للبيت بعد يوم مدرسي في مدينة نيغاتا شمال العاصمة اليابانية طوكيو، لكنها لم تعد.

بدأت العائلة تبحث، وتبلغ الشرطة وتبدأ رحلة المعاناة في البحث.

تحكي الأم ساكي لمجلة ذا دبلومات أن شرطة نيغاتا كانوا يتصلون بها للتأكد إذا ما كانت ميغومي أحد الجثث التي يعثرون عليها في الثلج، لكن الأمر كان من دون جدوى قبل أن يمر عقدين على تلك الليلة وتكون المفاجأة.

اكتشف آل يوكوتا في يناير ١٩٩٧ أن ابنتهم اختطفها عملاء كوريا الشمالية لتبدأ رحلة أخرى من المطالبة بعودة الابنة، وتصبح العائلة بما فيها أخويها التوأمين تاكويا وتيتسويا، أشهر المدافعين عن قضية المختطفين اليابانيين.

في تلك الأثناء كانت الحكومة في طوكيو تسعى للوصول لمصير مواطنيها المختطفين في كوريا الشمالية، ونجح رئيس الوزراء آنذاك جونيتشيرو كويزومي في عقد قمة مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ إل عام ٢٠٠٢.

انتزع كيوزومي اعتراف بيونغ يانغ بخطف ١٣ يابانيا، وبالفعل عاد ٥ منهم "في زيارة" لكن حكومة طوكيو استطاعت إبقاءهم، أما الـ٨ الآخرين فقد قالت بيونغ يانغ إنهم ماتوا ومن بينهم ميغومي، بحسب وكالة أنباء يونهاب.

في هذه الأثناء، كانت ميغومي تستكمل حياتها فتزوجت وأنجبت لكنها توفيت عام ١٩٩٤ وسلم زوجها رفاتها، إلا أن تحليل الحمض النووي كشف أن الرفات تعود لأشخاص آخرين بحسب ما قالته حكومة طوكيو في ملف عن المختطفين أعدته عام ٢٠١٢ بعدة لغات.

أما الزوج، فقد أظهرت التحليلات أنه يحتمل أن يكون كيم يونغ نام، وهو مواطن كوري مختطَف من كوريا الجنوبية في عام 1978 عندما كان طالبًا في المدرسة الثانوية، بحسب المصدر ذاته.

نتاج الزواج، كانت الطفلة كيم أون كيونغ، التي لم يُعرَف عنها سوى عام ٢٠٠٢، واستطاعت لقاء عائلتها لأمها في دولة منغوليا عام ٢٠١٤، ولكنها لم تكن بمفردها فقد كنت وليدتها بصحبتها وزوجها، بحسب صحيفة ماينيتشي اليابانية.

توفي والد ميغومي، "شيغيرو"، عام ٢٠٢٠ بعد مساع لإعادة ابنته، أما الأم ساكي فلا تزال تسعى من أجل حقيقة مكان ابنتها. وفي آخر ظهور لها الإثنين 25 مارس الجاري، ومع الحديث عن قمة بين كيشيدا وكيم، قالت الأم للإعلام الياباني "آمل أن يتم اتخاذ ولو خطوة صغيرة، ليس لدينا الكثير من الوقت".

شين سانغ أوك وزوجته تشوي أون هي، مخرج وممثلة من كوريا الجنوبية في ستينيات القرن العشرين، لكنهما عادا مرة أخرى بأغرب ما يمكن تخيله.. الاختطاف.

أما سبب الاختطاف هو كيم جونغ إل الزعيم المنتظر لكوريا الشمالية لاحقا (١٩٩٤- ٢٠١١)، الذي كان مولعا بالسينما ويسعى لتطوير صناعة السينما في بلاده وفكر في شين وتشوي فاختطفهما.

القصة تبدأ في السبعينيات بعد تغير ظروف الفن في كوريا الجنوبية وفراق شين وتشوي، وتلقي الممثلة دعوة كاذبة للعمل في هونغ كونغ حيث اختطفت لكوريا الشمالية عام ١٩٧٧ لتجد نفسها أمام الزعيم المرتقب.

المخرج شين، كان لا يزال على تواصل مع تشوي التي اختفت، ولكنه وقع في فخ مماثل ليختطف من هونغ كونغ ويجد نفسه في بيونغ يانغ عام ١٩٧٨، لكنه لم يعلم أن زوجته السابقة أيضا هناك، بحسب موقع إن كيه نيوز المتخصص في شؤون كوريا الشمالية.

خلال السنوات الخمس التالية كانت المحاولات مستمرة لتعليمهما الأيديولوجيا الشيوعية ولم يلتقيا حتى عام ١٩٨٣ في حدث رتبه "جونغ إل" ليعلن أنهما سينتجان أفلام للدولة.

تزوج شين وتشوي مرة أخرى بناء على نصيحة كيم، ليخرج شين ٧ أفلام لكوريا الشمالية وفقا للمصدر السابق بعد أن خصصت له كل الإمكانيات، وكان فيلم "ملح" عام ١٩٨٥ الأشهر عالميا.

وقد حصلت تشوي بسببه على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان موسكو السينمائي الدولي الرابع عشر، وفقا لصحيفة كوريا هيرالد.

رغم ذلك، طالما حلم شين وتشوي بالخروج من السجن الواسع، ولهذا فقد حاولا الهروب مرتين خلال رحلاتهما الخارجية قبل أن ينجحا في ذلك عام ١٩٨٦، بعد ٨ سنوات من الحياة في الدولة الشيوعية.

فيما عرف باسم العملية "فيينا" نجح شين وتشوي في الهروب من المراقبين الكوريين الشماليين في العاصمة النمساوية واللجوء إلى السفارة الأميركية قبل أن يسافرا للولايات المتحدة.

في لوس أنجلوس حلم شين للعودة للسينما لكنه لم يقدّم ذلك النجاح المبهر، فكان أشهر أفلامه الجزء الثاني من فيلم "٣ نينجا" لكنه لم يلقَ نجاح الجزء الأول، لكنه قدم أيضا عددا من الأفلام الكورية الجنوبية.

كتبت تشوي سيرتها الذاتية وحكت قصتها في كتاب ترجم للإنجليزية عام ٢٠١٥. وتوفي المخرج شين عام ٢٠٠٦، ثم لحقته الممثلة تشوي بعد تضاعف الفشل الكلوي عام ٢٠١٨ وفقا لكوريا تايمز.