كيف تحول "الشفاء" إلى "مجمع الموت"؟

انسحب الجيش الإسرائيلي من مستشفى الشفاء، فجر الإثنين، بعدما باغت العاملين والمرضى والجرحى بمحاصرته يوم 18 مارس الماضي، في تمام الثانية بعد منتصف الليل.

وقال الممرض العامل بمستشفى الشفاء، لؤي أبو عاصي، إن الجيش الإسرائيلي حاصر المستشفى وأرسل تحذيرات إلى كل من في الداخل بالتحرك أو الوقوف بالقرب من النوافذ.

وأضاف أبو عاصي: "اقتحمت القوات الإسرائيلية مبنى المستشفى وحاصروا كل مبانيه بصورة كاملة، وأجبرونا على البقاء بلا حركة بالداخل لمدة 24 ساعة، مع سماع دوي طلقات الرصاص في كل مكان، كما قطعوا الاتصالات والكهرباء والماء، ولم تكن لدينا إمدادات من الطعام".

وكشف الممرض الفلسطيني عن طلب القوات الإسرائيلية من النازحين داخل المبنى الخروج، ليتم اعتقال العشرات منهم، والسماح لبعضهم بالرحيل، بشرط التوجه إلى جنوب غزة.

وأشار أبو عاصي إلى أن الجيش الإسرائيلي اعتقل عددا من الأطباء العاملين بالمستشفى وأجبروهم على خلع ملابسهم، وعذبوهم بساحة المستشفى تحت مرأى ومسمع الجميع.

وذكر الشاهد الفلسطيني أن الأطقم الطبية والمرضى تم نقلهم من مبنى الجراحات إلى مبنى الاستقبال والطوارئ، وتركوهم بلا ماء وطعام لمدة 48 ساعة، ثم بدأت عمليات التحقيقات معهم بعد إجبارهم على نزع ملابسهم.

وتعرض المئات بداخل مستشفى الشفاء إلى القتل البطيء، بعد قطع إمدادات الغذاء والدواء، وترك الجرحى يموتون دون علاج بعد احتجاز الأطباء في مبنى منعزل عن مرضاهم، بحسب شهود عيان.

ويقول أحد المصابين الفلسطينيين، ويدعى حسن محمود المنسي، إنه وزملاءه داخل مستشفى الشفاء عاشوا الرعب والتعذيب على مدار 14 يوما.

وتابع، أن الجيش الإسرائيلي اعتقله لمدة 12 ساعة، رغم إصابته، خضع خلالها للتحقيق والاعتداء بالضرب من قبل الجنود، وتم تصويره أمام الكاميرات، قبل أن يتم احتجازه مع بقية المرضى والأطقم الطبية بداخل مبنى "الأمير نايف" في المجمع الطبي.

وذكر المنسي أن بعض المصابين ماتوا ببطء نتيجة الحصار، مشيرا إلى أن بعضهم تعفنت جروحهم وخرج منها الدود بسبب عدم وجود أي رعاية طبية لهم.

وأشار إلى أن قوات الجيش الإسرائيلي قتلت بعض الأشخاص، واعتقلت البعض الآخر، وفُقد آخرون دون معرفة مصيرهم حتى بعد انسحاب القوات من المستشفى.

وأكدت شهادات أخرى وجود حالات موت جراء إصاباتهم، وأولئك الذين لم يأكلوا أي طعام لأيام عدة.

وقال عبد الفتاح الزهارنة، الذي يسكن بجوار مستشفى الشفاء، إن السكان في الأبراج المحيطة كانوا يرون الناس يقتلون أمام أعينهم، مع رمي جثث البعض في الطرقات من قبل قوات الجيش الإسرائيلي.

من جانبها اعترفت إسرائيل بحصار مستشفى الشفاء، وتم إعلانه ضمن عمليات الجيش هُناك لمطاردة حركة حماس، والقضاء على أعضائها التي زعمت أنهم يختبئون هناك.

واتهمت إسرائيل حركة حماس، باستخدام المستشفيات لأغراض عسكرية، وداهمت عدة منشآت ومراكز طبية بالفعل قبل مستشفى الشفاء.

المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، قال إن حماس وجماعة الجهاد الإسلامي أنشأتا مقرهما الرئيسيين بالشمال داخل المستشفى، وألقى مسؤولية قتل المدنيين على حماس، وحملهم الدمار الشامل الذي أصاب المجمع الطبي الضخم، مشيرا إلى أن بعض مقاتلي حماس أطلقوا قذائف "هاون" على المستشفى.

وكشف المتحدث الإسرائيلي عن نجاح قوات الجيش في اعتقال 900 مسلح داخل مستشفى الشفاء وفي محيطه، من بينهم 500 شخص قال إنهم تابعون للجهاد الإسلامي وحماس، مع مصادرة مبالغ مالية تخطت ما قيمته 3 ملايين دولار، مع الكثير من الأسلحة.

ونفت إسرائيل كل الروايات الفلسطينية حول قتل المدنيين وتجويعهم، إذ أكد هاغاري أن قواته أجلت نحو 350 مريضا من المستشفى وقدمت لهم الطعام والماء والدواء.