شطرنج الحرب.. كيف تحرّك "قواعد الاشتباك" الجيوش؟

تخدم قواعد الاشتباك الأغراض السياسية والعسكرية والقانونية للدول، وفي الوقت نفسه تضع قيودا على تصرفات القادة، إذ يجب أن تكون متسقة مع القانونيْن المحلي والدولي والسياسة الوطنية للدولة.

وتنص قواعد الاشتباك على أنه في حال تحريك القوات المعادية قطعة الشطرنج الخاصة بها على الطاولة بالقيام بضربة مفاجئة، فإنه يتعين على الدولة التي تعرضت للضربة أن تستعد لتحريك قطعتها، وترد بالطريقة التي تراها مناسبة.

وتحكم الحرب دائما قواعد تنظيمية تضم قائمة طويلة من المعاهدات والاتفاقات الدولية، لكن "قواعد الاشتباك" هي مفهوم حديث، ظهر خلال الحرب الباردة، بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.

وبدأ كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي -وقتها- في دراسة المزايا المحتملة وعواقب الانتقام، عند كل عملية عسكرية والرد عليها، مع تزايد احتمالات نشوب حرب نووية، ليتم دراسة كل خطوة من خلال قواعد الاشتباك.

على مدار الفترة الماضية، دارت حرب باردة بين إسرائيل وإيران، كان للوكلاء دور كبير فيها، واكتفى كل جانب بالتلويح باتهامات في الجهات المعاكسة، حتى بادرت تل أبيب بضرب القنصلية الإيرانية على الأراضي السورية.

ووفق القانون الدولي فإن السفارة تعد قطعة من أراضي الدولة، ما يعني أن إسرائيل ضربت أرضا إيرانية باستهداف سفيرها وقنصليتها، بستة صواريخ من طائرة F-35 أودت بحياة 11 شخصا، بينهم 7 من قوات الحرس الثوري، على رأسهم القيادي محمد رضا الزاهدي.

ولاقت الضربة الإسرائيلية أصداء عالمية خوفا من تفاقم الصراع واتساع رقعة الحرب في الشرق الأوسط بدخول إيران في المعادلة، مع تحركات من حكومة نتنياهو بتكثيف التأمين على البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية حول العالم، تحسبا لرد مماثل محتمل.

ووفق قواعد الاشتباك يكون الرد استخباراتيا عندما تكون العملية كذلك، ما يستلزم ترتيبا يستمر لفترة طويلة. فيما يكون الرد فوريا بالطريقة نفسها عندما يكون الاشتباك عسكريا، وهو ما يفسر توقعات أن تشن إيران ردا ضد مصالح إسرائيل، وبصورة قريبة.

استقبلت إيران الضربة الإسرائيلية بغضب كبير، وتوعدت بالانتقام منها، دون الكشف عن الطريقة أو الموعد الذي تختاره من أجل الرد المناسب.

وقال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إن إسرائيل ارتكبت جريمة واعتداء غير إنساني، وانتهاكا صارخا للقواعد والقوانين الدولية، متهما إياها بتنفيذ عمليات اغتيال عمياء، للتغطية على ما اعتبره هزيمة أمام جبهات المقاومة.

وتوعد الرئيس الإيراني بالرد قائلاً: "هذه الجريمة غير العادلة لن تمر دون رد"، مع الإشارة إلى أن إسرائيل تهدف إلى تنفيذ أهداف ومخططات غير شرعية، ما يجعلها تكتسب مزيدا من الكراهية حول العالم.

مسؤول عسكري إسرائيلي أكد لصحيفة نيويورك تايمز، أن تحليل تل أبيب يفيد بأن إيران ستهاجم المصالح الإسرائيلية بنفسها، وليس عبر "حزب الله" الذي تدعمه، وهو ما أكده مسؤولون إيرانيون للمصدر نفسه، إذ أشاروا إلى أن طهران اتخذت قرارا بالرد المباشر.

وفي السياق ذاته، قال مسؤول أميركي لشبكة "CNN"، إن واشنطن تستعد لما سماه "هجومًا كبيرًا" من إيران على إسرائيل، وإن القوات الأميركية في حالة تأهب "غير مسبوق".

أما عن الموعد فرجحت معلومات استخباراتية أميركية أن تقوم إيران بالهجوم الانتقامي على إسرائيل قبل نهاية شهر رمضان، وفق شبكة سي بي إس.

وحسب المعلومات التي نقلتها سي بي إس، فإن هجوم إيران سيكون "بسرب من المسيرات وصواريخ كروز".