لبنانيون في إسرائيل.. ضحايا خوف "المجزرة" أم عملاء؟

سيطر الجيش الإسرائيلي على الجنوب اللبناني في ثمانينيات القرن الماضي، وبقي هناك حتى انسحابه في 25 مايو 2000.

وفي ذلك الوقت، شُكلت قوات عسكرية تعرف باسم جيش لبنان الجنوبي، أو جيش لحد، تيمّنا باسم مؤسسه، أنطوان لحد.

وبعد انسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان منتصف عام 2000، غادر بعض العسكريين من جيش لحد إلى إسرائيل، حتى أصبح عدد اللبنانيين المقيمين في إسرائيل نحو 7 آلاف و500 شخص، إذ يُتهم بعضهم بالتعاون مع إسرائيل بسبب انتسابهم لجيش لبنان الجنوبي أو لعملهم على الجانب الآخر من الحدود.

منذ نحو 20 عاما، تكاثر عدد اللبنانيين في إسرائيل، وحصلوا على الجنسية الإسرائيلية رغم تسجيلهم كلبنانيين في قوائم وزارة الداخلية الإسرائيلية.

من حينها، يمنع اللبنانيون المقيمون في إسرائيل من الدخول إلى لبنان، وإذا وجدت السلطات اللبنانية ختما إسرائيليا على جواز السفر اللبناني، يُعتقل الشخص فورا، وتصل العقوبات المحتملة في مثل هذه الحالة إلى السجن لمدة تتراوح بين 3 و10 سنوات، مع أعمال شاقة، وذلك وفقا لأحكام المادة الـ7 من قانون مقاطعة إسرائيل.

ولأن الدولة اللبنانية لا تعترف بوجود إسرائيل، فإنه لا يمكن لأي مواطن لبناني عبور الحدود اللبنانية مع إسرائيل. و تتواجد قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، اليونيفيل، للفصل بين الطرفين ومنع أي عمليات تسلّل.

يعارض الكثير من اللبنانيين اعتبار جميع من هرب إلى إسرائيل مجرمين يستحقون العقاب، فقد قال المحللّ السياسي والمطّلع على التاريخ اللبناني، جو حمّورة، أن هروب بعض الجنوبيين إلى إسرائيل حصل خوفا من تكرار "مجزرة الجبل"، فهي على علاقة وثيقة بهروب المسيحيين من جبل لبنان بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منه، ووقوع حرب الجبل بين الدروز والموارنة، عام 1980.

في ذلك الوقت، كانت الحرب الأهلية اللبنانية في أوجها، فذهب عدد كبير من المسيحيين الذين يعيشون في مناطق الشوف وعاليه وأطراف بلدة جزين المسيحية إلى جنوب لبنان، وبشكل خاص إلى بلدة جزين التي كانت تُعتبر الأكثر أمانا، نظرا لعدم قدرتهم على الفرار إلى بيروت أو مناطق المتن.

ولأن بلدة جزين كانت تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي وجيش لحد، قرر البعض من المسيحيين، الذين يتمتّعون بقدرات عسكرية، الانضمام إلى جيش لحد، بهدف ضمان سُبل كسب لقمة العيش اليومية، وفقا لما ذكره حمّورة في حديث لبلينكس.

مع الانسحاب التدريجي للقوّات الإسرائيلية من جنوب لنبان، قبل الانسحاب النهائي عام 2000، هرب البعض من اللبنانيين، لعدم قدرتهم على البقاء بسبب تهمة العمالة، خاصة بالنسبة لأولئك الذين تطوّعوا بجيش لحد.

فبالنسبة لهم، لم يكن هناك أي حل بديل، خاصة بعد تخلّي الدولة اللبنانية عنهم واكتفائها بتقديم دعم مالي محدود بين الحين والآخر. لذلك، كان التحالف مع جيش لحد والجيش الإسرائيلي هو الخيار الأمثل والأكثر واقعية لهم، كما أوضح حمورة.

مضى نحو 24 عاما على فرارهم إلى إسرائيل، ورغم سفر البعض إلى أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، بحسب بعض التقارير الإسرائيلية، إلاّ أن البعض منهم تأقلم في إسرائيل خاصة مع تخصيص الحكومة الإسرائيلية ممثلة بوزارة الدّفاع، مبلغا شهريا لأصحاب الرتبة العسكرية، وقتها.

وعام 2011، أقر مجلس النواب اللبناني قانونا اقترحه الحزب المسيحي، التيار الوطني الحر، بدعم من القوات اللبنانية وحزب الكتائب، لتسوية أوضاع اللبنانيين في إسرائيل، وينصّ على العودة الآمنة لجميع أولئك الذين لم يلعبوا دورا فعالا في جيش لبنان الجنوبي/لحد، وخاصة النساء والأطفال، ومحاكمة عادلة لمن يعتبرون تعاملوا مع إسرائيل.

ولكن لم ترَ النور المراسيم التنفيذية بسبب معارضة حزب الله.

أمام هذا الواقع، لفت حمورة إلى أن حزب الله لم يلتزم بموقفه، فقد تضمّنت اتفاقية مار مخايل، التي أبرمها مع التيار الوطني الحر عام 2006، نصا يتعلق بوضع حل لهؤلاء النازحين. واتّفق الطرفان على عودة "المبعدين قسرا"، على أن يحاكم الجميع بعدالة.

ومؤخرا، علّق البطريرك الماروني، مار بشارة بطرس الراعي، على المناوشات بين حزب الله وإسرائيل في الجنوب قائلا: "الوضع في جنوب لبنان يعود إلى السياسة المفروضة على سكان المنطقة"، وشدّد على أن بعض أهالي الجنوب يعانون من هذه الحرب، خاصة الأطفال.

أدى ذلك إلى حملة مضادة على الراعي من قبل مؤيّدي حزب اللّه، الذين تداولوا فيديو له، يعود لعام 2014، حين زار القدس وشدّد على عودة اللبنانيين في إسرائيل.