الانتخابات البلدية في لبنان.. الاستحقاق المؤجل

بينما تعجّ الطرقات اللبنانية ومواقع التواصل الاجتماعي بالإعلانات التي تسلط الضوء على أهمية هذه الانتخابات، يبدو أن الشعب اللبناني لا يظهر اهتمامًا بالمرحلة الانتخابية الحالية.

وهنا، أكد المدير التنفيذي في مركز إستراتيجيا للدراسات والإحصاء، مروان الأيوبي، أن الشركة لم تجرِ إحصاءات عن رأي اللبنانيين بانتخابات البلدية قائلاً إن الموضوع خارج تصوّرهم، وبالتالي "الموضوع الذي لا يشغل الرأي العام اليوم، لا يستأهل استطلاعا للرأي لأنه لن يكون مهمّا"، حسب رأيه.

كما أوضح الأيوبي أن الشعب اللبناني يدرك ضمنياً أن هذه الانتخابات لن تحصل في موعدها، وهذا سبب أساسي لعدم اندفاعهم لها، علماً أن للبلديات دورا بارزا وغالباً، فهي الحل الأمثل للأحزاب للسيطرة على مفاصل المناطق.

تشهد المجالس النيابية تبادلا حادا للآراء والحجج بين كتلها، حيث تنقسم إلى مجموعتين متعارضتين بشأن هذا الأمر.

فيسعى حزب اللّه وحليفه السياسي، التيار الوطني الحرّ، إلى تأجيل الانتخابات، حيث يعتبران ذلك مخالفة للدستور نظرا للشغور الرئاسي، إذ يدخل لبنان العام الثاني دون انتخاب مجلس النواب لرئيس الجمهورية خلفا للرئيس السابق، ميشال عون.

أما السبب الثاني، فيتعلق بالحرب غير المعلنة في جنوب لبنان منذ الـ7 من أكتوبر، حيث اعتمد حزب اللّه عملية "طوفان الأقصى"، مما أدى إلى نزوح أكثر من 90 ألف عائلة من نحو 50 بلدة جنوبية بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل.

لذلك، أفاد الخبير الدستوري، بول مرقص، لـبلينكس بأن تأجيل أي نوع من الانتخابات عموماً، لا سيّما البلدية والاختيارية، يحتاج إلى قانون يصدر عن مجلس النوّاب.

وأضاف في حديثه مع بلينكس أنه: "في حال تقدّم 10 نواب على الأقل أو أي جهة دستورية بطلب التأجيل إلى المجلس الدستوري، يجب أن تكون خاضعة لمراجعة هذا المجلس."

وفيما يتذرع حزب اللّه بمناوشاته مع إسرائيل، أشار مرقص إلى أنه لا يجوز تأجيل الكلّ بحجة الجزء، حيث يمكن تأجيل انتخابات البلدية في المناطق المتأثرة بالنزاعات، إلى حين انتهائها.

شدّد مصدر من وزارة الداخلية اللبنانية على أن الانتخابات ستُجرى في موعدها كما هو مقرر، بالإضافة إلى أن الوزارة ستعقد اجتماعًا مع الهيئات الناخبة بعد نحو أسبوعين للاطلاع على التطورات وحال البلديات في كافة مناطق لبنان.

لم يعبر المصدر الآخر، المقرّب من وزير الداخلية، عن نفس الرأي، حيث أكد لـبلينكس أن الوزارة تعمل على الانتخابات بشكل روتيني فقط، وأضاف أن الأجواء العامة تشير بوضوح إلى أن الانتخابات لن تُجرى في موعدها المحدد، على الأقل ليس في الوقت القريب.

وأفاد المصدر لـبلينكس، بأن وزير الداخلية مولوي وضع القرار الآن في يد مجلس النواب، وفي حال عدم عقد جلسة لمناقشة تأجيل انتخابات البلدية، فإنها ستُجرى في موعدها المحدد.

وبخصوص هذا الأمر، أشار الأيوبي إلى عدم رغبة أي منهما في تحمل مسؤولية قرار التأجيل.

وسط التبادلات الحادة بين بعض الكتل النيابية بهدف التوصل إلى حل نهائي قبل نهاية شهر أبريل، يبقى القرار معلّقاً ومهملًا، حيث لم يُطرح الموضوع للنقاش في مجلس النواب، الذي يعقد جلساته للنظر في قوانين عاجلة، بسبب الشغور الرئاسي.

وأشار العضو في حزب القوات اللبنانية، لوسيان شهوان، إلى وجود 126 بلدية من بين 1026 بلدية مفترضة، تكون منحلة أو معلّقة بسبب خلافات بين أعضائها، أو تعيين رؤساء للبلديات بطرق غير شرعية، أو بسبب الخلافات السياسية، مما يعرض العمل في هذه البلديات للتعليق.

أما بالنسبة لأسباب التأجيل، فأوضح شهوان أن القوات اللبنانية تواصلت مع وزير الداخلية بسام المولوي للحث على إجراء الانتخابات في موعدها المحدد. وبالنسبة للمناطق الجنوبية، فقد أشار إلى إمكانية تأجيلها، في رأيه.

وبالإضافة إلى ذلك، أكد مصدر في الحزب الاشتراكي بدء الحزب في التحضير للانتخابات البلدية، على الرغم من وعي الحزب بقلة الحماس للانتخابات بسبب عدم إجرائها، وفقا للمصدر.

ومن جهة أخرى، فإن كتلة التغيير وبعض المستقلين أعلنوا رفضهم لفكرة التأجيل، وتم التوافق على هذه النقطة من قبل مصادر مختلفة، حيث تُعتبر الانتخابات استحقاقا دستوريا تم تأجيله من قبل، لذا من الضروري تنفيذ الدستور.

بعض الكتل النيابية، بالإضافة إلى وزارة الداخلية، يستندون إلى حجة نقص العائدات المالية المخصصة لإجراء الانتخابات النيابية، معتبرين تكلفتها باهظة بسبب النفقات المتعلقة بالموظفين والمراقبين وصناديق الاقتراع، وتكاليف أخرى.

إلا أن هذا العام، تمت الموافقة على الموازنة العامة في الوقت المناسب وتخصيص مبلغ قدره 110 ملايين دولار لتغطية تكاليف الانتخابات البلدية، مما يلغي حجج المعارضين بشأن عدم توفر العائدات المالية الكافية، خاصةً إذا ما تم تأجيل الانتخابات في جنوب لبنان.