إسرائيل "تستغل الرد" للعودة إلى "خانة الضحية"

في إحدى تقاريرها التي تتناول الهجمة الإيرانية مساء السبت، قالت القناة ١٢ إن إسرائيل "لم تشهد من قبل ليلة مثل تلك"، مؤكدة أن أنظمتها الدفاعية تصدت لهجمات نحو ١٠٠ صاروخ باليستي فيما اعترضت الطائرات الإسرائيلية نحو ١٠٠ مسيرة.

من وجهة نظر القناة، القدرة القتالية التي أظهرتها إسرائيل الليلة الماضية "فاجأت إيران".

أما صحيفة معاريف الإسرائيلية فقد قالت: "أدى التفوق الدفاعي الإسرائيلي إلى إلحاق الهزيمة بقدرات إيران الهجومية".

بعض الهيئات الإسرائيلية والشركات تبادلت التهاني بعد ساعات من الهجوم، بينها شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية، التي هنأت الجيش الإسرائيلي على نجاحه في اعتراض العديد من التهديدات، وفقا لموقع والا الإسرائيلي.

وقال رئيس الشركة، عمير بيرتس: "أنا فخور وممتن لموظفينا الذين كانوا شركاء في الدفاع عن دولة إسرائيل اليوم".

لكن إسرائيل لا تعتقد أنها حققت انتصارا ميدانيا فقط، بل تعتقد أن الهجوم منحها نجاحا دبلوماسيا أيضا على الساحة الدولية، وخاصة في الولايات المتحدة.

وتقول صحيفة معاريف إن الهجوم الإيراني أوضح للرأي العام الأميركي وللعالم أجمع من هي "رأس الأفعى" خلف كل الهجمات على إسرائيل، بحسب تعبير الصحيفة.

وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن إسرائيل حصلت على "فرصة" لاستعادة شرعيتها السياسية على الساحة الدولية، والتي تلاشت حد وصف الصحيفة، طوال حرب غزة حاليا.

كانت إسرائيل تتعرض لانتقادات دولية إثر تزايد عدد القتلى في صفوف المدنيين في حربها على حماس والذي تخطى ٣٣ ألف شخص.

بعد عودتها إلى مربع المُهاجم بعد ٦ أشهر من عملياتها القتالية في غزة، تستعد إسرائيل كذلك لاستغلال موقفها الجديد.

ففي أعقاب هجوم إيران، وزعت وزارة الخارجية الإسرائيلية خطابات على سفاراتها في أنحاء العالم تتضمن تعليمات توضيحية طالبت فيه الاتصال بكبار المسؤولين في الحكومات والبرلمانات والمؤسسات الأمنية من أجل استصدار أكبر عدد من البيانات "ضد العمل الإيراني".

وجاء في الخطاب: "هذا حدث غير مسبوق، تهاجم فيه إيران إسرائيل من أراضيها لأول مرة بطريقة صارخة. نحن نأخذ هذا الأمر على محمل الجد".

وأكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية على أن هجوم إيران "غير قانوني" و"يشكل انتهاك لسيادة إسرائيل"، بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت.

في واقع الأمر لا. ففي صباح الأحد، وبعد ساعات من الهجوم، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن عددا من الدول شاركت في عملية الدفاع ضد الهجوم الإيراني في المساء.

ومن بين تلك الدول فرنسا، وقال المتحدث الإسرائيلي أنها تمتلك تكنولوجيا جيدة للغاية وطائرات ورادارات، وأضاف: "أعلم أنهم كانوا يساهمون بعمل دوريات في المجال الجوي".

إلا أنه لم يؤكد ما إذا كانت فرنسا قد أسقطت عمليا أي من الصواريخ الإيرانية، بحسب وكالة رويترز.

الولايات المتحدة كانت أهم لاعب خلال ساعات المساء، فقد أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أن بلاده ساعدت في إسقاط كل المسيرات والصواريخ "تقريبا" التي أطلقتها إيران على إسرائيل.

وقال بايدن أنه أثناء حديثه الهاتفي مع بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي قال له إن: "إسرائيل أظهرت قدرة ملحوظة على الدفاع عن نفسها ضد هجمات غير مسبوقة، وعلى إحباطها، باعثة بذلك رسالة واضحة إلى أعدائها بأنهم لا يستطيعون تهديد أمن إسرائيل".

استخدمت إسرائيل فيما استخدمت نظام "القبة الحديدية" التي بدأت تطويره منفردة في العام ٢٠٠٦ قبل أن تنضم إليها الولايات المتحدة، وتصل نسبة اعتراض النظام للصواريخ إلى نحو 90%، بحسب وكالة فرانس برس".

والقبة الحديدة مصممة لاسقاط صواريخ يصل مداها إلى 70 كيلومترا.

وتتكون كل بطارية من "القبة الحديدة" من ثلاثة أجزاء رئيسية هي جهاز رادار لعمليات الرصد، وكمبيوتر يحتسب مسار المقذوفة، ونظام إطلاق يطلق صواريخ اعتراضية في حال تبين أن الصاروخ قد يطال منطقة مأهولة أو استراتيجية.

وبالإضافة إلى نظام "القبة الحديدية"، تمتلك إسرائيل بطاريات مضادة للصواريخ من بينها أرو أو "حتس" بالعبرية، وتعني سهم، وهي قادرة على اعتراض صواريخ بالستية، وبطاريات "مقلاع داود" المضادة للصواريخ المتوسطة المدى.

إلا أن الإنجاز الدفاعي الذي تروج إسرائيل للقيام لم يأت دون فاتورة باهظة، حيث نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت، عن العميد رام عميناح، المستشار المالي السابق لرئيس الأركان الإسرائيلي، أن تكلفة ليلة الأمس تتراوح ما بين 4 و 5 مليارات شيكل، أي نحو 1.35 مليار دولار أميركي.

وشرح عميناح الأمر بأن الصاروخ الواحد من طراز "حيتس" المستخدم في اعتراض الصاروخ الباليستي الإيراني، تصل كلفته إلى 3.5 ملايين دولار.

أما الصاروخ الواحد من منظومة "العصا السحرية" فتبلغ تكلفته مليون دولار.

ذلك بالإضافة إلى تكاليف إضافية لعملية الدفاع، من بينها طلعات الطائرات.

بينما هناك فاتورة مستقلة تماما للخسائر التي نتجت عن الهجوم ذاته وإن كانت هامشية.