لماذا يتردد بايدن في ضرب إيران بـ"نفطها"؟

من بين الأصوات التي وجهت اتهامات لإدارة بايدن بعد هجمة السبت، زعيم الأغلبية في مجلس النواب، ستيف سكاليز، الذي قال‭ ‬لشبكة فوكس نيوز، إن الإدارة الأميركية سهلت على إيران بيع النفط وبالتالي جمع عائدات تستخدم في "تمويل النشاط الإرهابي".

كان الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، فرض عقوبات على النفط الإيراني في عام 2018 بعد الانسحاب من الاتفاق الدولي بشأن برنامج طهران النووي.

وسعت إدارة بايدن إلى اتخاذ إجراءات بالتوازي مع التهرب من تلك الإجراءات بفرض عقوبات على شركات في الصين ودول أخرى.

وعلى الرغم من هذه المساعي، تشير تقديرات مجموعة رابيدان للطاقة إلى أن صادرات النفط الإيرانية بلغت ما بين 1.6 مليون إلى 1.8 مليون برميل يوميا، باستثناء المكثفات، وهي نفط خفيف جدا.

وقال الضابط السابق بوكالة المخابرات المركزية الأميركية والرئيس التنفيذي لمجموعة رابيدان للطاقة، سكوت موديل، لوكالة رويترز، إن هذا قريب جدا من مستوى المليوني برميل يوميا للصادرات الإيرانية قبل العقوبات.

يشك بعض المحللين المعنيين بقضايا الشرق الأوسط، في أن بايدن سيتخذ تدابير مهمة لتعزيز تطبيق العقوبات الأميركية الحالية من أجل تضييق الخناق على صادرات النفط الخام التي تشكل شريان الحياة لاقتصاد إيران.

يشرح الخبير المعني بالشرق الأوسط سكوت موديل: "حتى إذا تم إقرار مشاريع القوانين هذه، فمن الصعب أن نرى إدارة بايدن تهرع لمحاولة اتخاذ إجراء، أو تنفيذ العقوبات الحالية أو عقوبات جديدة لتقليص أو كبح صادرات النفط الإيرانية، بأي طريقة مجدية".

ومن العوامل التي تُثني بايدن عن التحرك بقوة لحد من صادرات النفط الإيرانية التأثير المحتمل على أسعار البنزين، بحسب الخبير الذي تحدث لوكالة رويترز.

وتقول الخبيرة المعنية بالعقوبات ومكافحة غسل الأموال في مؤسسة المجلس الأطلسي الأميركية البحثية، كيمبرلي دونوفان، إن العقوبات المتعلقة بالنفط لم يتم تطبيقها بصرامة في العامين الماضيين.

وأضافت: "لا أتوقع أن تشدد الإدارة الإجراءات التنفيذية ردا على الهجمات التي شنتها إيران على إسرائيل، وذلك في المقام الأول نظرا للمخاوف من أن يؤدي هذا إلى زيادات في أسعار النفط".

وتابعت: "أسعار النفط، وبالتالي أسعار البنزين في محطات الوقود، تشكل عاملا حرجا خلال عام الانتخابات".

بعد بضع أيام فقط من هجمة إيران على إسرائيل، تحدثت وزيرة الخزانة الأميركية عن عقوبات جديدة منتظرة ضد إيران.

وقالت جانيت يلين، كذلك إن الوزارة قد تسعى إلى تقليص قدرة إيران على تصدير النفط، بالنسبة لوزيرة الخزانة الأميركية تظل صادرات إيران من النفط "موضع تركيز" بوصفها منطقة من المحتمل أن يتم تناولها.

وكان متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية قد قال في وقت سابق إن إدارة بايدن لم ترفع أي عقوبات عن إيران، وتواصل زيادة الضغط عليها

وأضاف: "عقوباتنا واسعة النطاق والمتداخلة على إيران لا تزال قائمة، ونواصل تطبيقها".

لكن الضغوط السياسية التي تتعرض لها الحكومة الأميركية من أجل معاقبة إيران، تطرح مشكلة شائكة أمام بايدن، تتمثل في كيفية ردع مثل هذه الهجمات في المستقبل دون تصعيد التوترات بالمنطقة ولا رفع أسعار النفط وإغضاب الصين أكبر مشتر للنفط الإيراني.

قدرت شركة فروتيكسا أناليتكس، المتخصصة في تتبع الناقلات أن الصين حصلت على رقم قياسي بلغ 55.6 مليون طن أو 1.11 مليون برميل من الخام الإيراني يوميا في العام الماضي.

يقرب ذلك من 90% من صادرات إيران من النفط الخام و10% من واردات الصين من النفط.

ويتم تصنيف جميع النفط الإيراني الذي يدخل الصين تقريبا على أن مصدره ماليزيا أو دول أخرى، ويتم نقله بواسطة "أسطول مظلم" من الناقلات القديمة التي عادة ما تغلق أجهزة الإرسال والاستقبال الخاصة بها عند التحميل في الموانئ الإيرانية لتجنب رصدها.

وقد تؤدي عقوبات أميركية قوية إلى زعزعة استقرار العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، والتي حاول المسؤولون الصينيون والأميركيون إصلاحها بعد فترة عصيبة أعقبت إسقاط الولايات المتحدة العام الماضي ما يشتبه أنه بالون مراقبة صيني عبر الأراضي الأميركية.

أشار عدد من المحللين إلى أن واشنطن قد تتخذ بعض الإجراءات لخفض صادرات النفط الإيرانية جزئيا، لتخفيف أي رد فعل إسرائيلي على الضربات الإيرانية، الأمر الذي قد يؤدي إلى تصعيد الصراع.

لكنهم قالوا إن هذا لن يرقى إلى مستوى إجراء قوي مثل فرض عقوبات على مؤسسة مالية صينية كبرى، وبدلا من ذلك قد يشمل استهداف كيانات صينية أو كيانات أخرى تشارك في مثل هذه التجارة.

وقال مصدر مطلع على هذا الأمر: "إذا كنت تريد حقا ملاحقة صادرات النفط الإيرانية، نعم، فسيتعين عليك اتخاذ إجراء مؤثر ضد الصين".

قال محلل شؤون الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، جون ألترمان، إن هناك حدودا لما يمكن أن تفعله واشنطن لفرض عقوبات وإن المتهربين بارعون في العثور على الثغرات.

وأضاف: "أتوقع أن أرى تحركا بسيطا في اتجاه فرض عواقب اقتصادية على إيران، لكنني لا أتوقع أن يتمكن البيت الأبيض، أو أي إدارة في المستقبل، من إغلاق صنبور النفط الإيراني بشكل كامل".