"أجمل أيامي".. سامر عويس يتعرف على والده داخل السجن

اعتقل الأب عبد الكريم عويس في 2003 وحكم عليه بالمؤبد، واختارت له السلطات الإسرائيلية سجن جلبوع ليقضي فيه بقية حياته. وفي نهاية 2003 جاء سامر للدنيا دون أب ومنع من زيارته طيلة حياته، لكن في 2019 اعتقل سامر من مخيم جنين وصدر بحقه حكم بالسجن لـ5 سنوات.

في 2019 كان عمر سامر 16 عاما، لذلك تم وضعه في "الأشبال" وهو سجن إسرائيلي مخصص للفلسطينيين الذين يعتقلون تحت سن الـ18.

انقطع سامر عن دراسته وقتها، وكان ينتظر اليوم تلو الآخر حتى يُتمّ 18 عاما لينتقل إلى سجن البالغين، يحكي: "قلت لنفسي، لعل الحظ يحالفني وينقلوني إلى جلبوع وأرى والدي".

عاش سامر دون استكمال دراسته في سجن الأشبال، وكان ينتظر "الوقت ليمشي يوما بيوم" ليعرف كيف يبدو وجه أبيه ويسمع صوته وعلى أي جهة من الوسادة ينام، ويوم أن أصبح 18 عاما "جاء اليوم المنتظر" على حد تعبيره.

في 2021 أتمّ سامر 18 سنة وجاءه أمر النقل إلى سجن جلبوع فاحتفل به السجناء من زملائه قائلين: "رايح لأبيك، اعتن به". يصف سامر لبلينكس كيف كانت أطرافه ترتجف وهو يصعد للحافلة العسكرية استعدادا للذهاب إلى جلبوع.

عندما وصل كان السجناء الفلسطينيون يعرفون أنه قادم فاقتادوه سريعا إلى أبيه بعدما أنهى إجراءات الدخول. وصف سامر حالة أبيه عبد الكريم عند دخوله ساحة السجن، "كان يدخن سيجارة تلو الأخرى" ثم رأى الأب ابنه فهرع إليه يحتضنه، وما كان من سامر إلا جثا على ركبتيه مقبلا قدمي أبيه.

يقول سامر إن أجمل سنينه كانت مع أبيه في السجن، وبدا الأمر غريبا له في البداية فهو غير معتاد على وجود أب في حياته. سرد سامر لبلينكس قصصا يومية كانت تحدث له مع والده، فمثلا كان ينام في حضنه، كانا يتناقشان عن طفولة سامر وأصبحا أقرب إلى بعضهما مع مرور الوقت.

"مع أنني أصبحت بالغا، إلا أن أبي كان لا يزال يعتبرني صغيرا" هكذا قال سامر عندما وصف أباه الذي كان يشتري له الطعام من الكانتين (كافتيريا السجن) لأنه يعتبره طفلا يحتاج من يصطحبه ليشتري له. وقضى سامر مع أبيه عبد الكريم سنتين ثم جاء 7 أكتوبر لتختلف المعادلة بعده كليا.

بعد 7 أكتوبر اختلفت معاملة الإسرائيليين مع السجناء الفلسطينيين، حسب ما أوضح سامر: "انخفضت حصتنا من الطعام والشراب، اختفت فترات الراحة، وحرمنا من التلفاز ومتابعة الأخبار"، ولم تقتصر العقوبات على ذلك فقط، فنقل سامر من جوار أبيه إلى سجن النقب ولم يلتقيا مرة أخرى، وفي 14 أبريل انتهى حكم سامر بالسنوات الـ5 وعاد إلى مخيم جنين وترك أباه عبد الكريم وراءه.

لكنه قال إنه شعر بالفرحة بالسجن رغم كل المتاعب التي مر بها، وعاد إلى مخيم جنين يحكي لأصدقائه عن أبيه، كما كانوا يحكون له عن آبائهم في فترة الطفولة.