بصمات "Sparrow" في هجوم أصفهان

بعد الصمت الإسرائيلي الممتد منذ الجمعة الماضي، لم يتبق سوى صور لحطام وأجزاء من صواريخ نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في أعقاب الهجوم، للتحقق من الوسائل التي استخدمتها إسرائيل في ردها على إيران.

ويُرجح خبراء أن بعض حطام الصواريخ ما هو إلا وحدات دفع وقود خاصة بصواريخ بلو سبارو إسرائيلية الصُنع، والتي تُطلق من الجو، وهو الاحتمال الذي تؤيده أيضا التقييمات المبكرة لوزارة الدفاع الأميركية، بحسب تقرير أعدته صحيفة فايننشال تايمز.

بحسب تحليل الصحيفة الأميركية، من الممكن أن تكون صواريخ سبارو قد أُطلقت من مقاتلات إسرائيلية من المجال الجوي السوري، خاصة وأن وكالة الأنباء السورية قد أعلنت حينها أن صواريخ إسرائيلية قد استهدفت مواقع دفاع جوي خاصة بها في المنطقة الجنوبية.

فيما قال مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأميركية إن تلك الضربة في سوريا تشير إلى محاولة إسرائيل إخلاء المجال الجوي هناك لتوجية ضربة مباشرة إلى إيران، ومع مرور الصواريخ شرقا صوب إيران، تخلصت من وحدات دفع الوقود فوق العراق.

تنتج صواريخ سبارو شركة رافائيل الإسرائيلية، وتضم ترسانتها ثلاثة أنماط، وفقا لموقعها الإلكتروني؛ سبارو الأسود قصير المدى، وسبارو الأزرق أو سبارو بلو متوسط إلى طويل المدى، وسبارو سيلفر (الفضي).

ويبلغ وزن الصاروخ سبارو بلو قبل إطلاقه ١٩٠٠ كيلوغرام، ويعمل بنظام ملاحة GPS، وقد يصل مدى الصاروخ ألفي كيلومتر.

في واقع الأمر، كان هجوم أصفهان محدودا، فمع سماع دوي انفجارات في الإقليم الإيراني، تم تفعيل الدفاعات الجوية في عدد من محافظات البلاد، بينما نشرت وسائل إعلام إيرانية أن تلك الدفاعات الجوية تمكنت من إسقاط عدد من المسيرات الصغيرة.

إلا أن وقوع الهجوم على أصفهان بالتحديد يحمل دلالة إذ يوجد عدد من المواقع النووية الإيرانية بالإقليم، بما في ذلك موقع نطنز، الذي يحتل المكانة الأبرز في البرنامج الإيراني لتخصيب اليورانيوم.

قلّل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في مقابلة مع شبكة "إن بي سي" الأميركية، من شأن الهجوم الذي وقع فجر الجمعة في وسط إيران.

وقال إنّ "ما حدث... لم يكن هجوماً"، مضيفاً أنّ الأمر كان عبارة عن "طائرتين أو ثلاث طائرات بلا طيار، تلك التي يلعب بها الأطفال في إيران".

وتابع "طالما أنّه لا توجد مغامرة جديدة (هجوم عسكري) باسم النظام الإسرائيلي ضدّ مصالح إيران، فلن نرد".

وفي حين لم تعلق إسرائيل البتة على الواقعة، قال وزير الخارجية الإيراني، بحسب وكالة رويترز، إن وسائل الإعلام الداعمة لإسرائيل "حاولت يائسة تصوير الهزيمة على أنها نصر".

من وجهة نظر مدير برنامج إيران في منظمة "معهد الشرق الأوسط" غير الحكومية، أليكس فاتانكا، فإن إسرائيل درست بالتأكيد عواقب الضربة في دمشق قبل شنها، حسب حديثه مع وكالة فرانس برس.

بالرغم من ذلك أرادت إسرائيل إرغام إيران، على مراجعة استراتيجية "محور المقاومة" التي تعتمدها، والتي تستند إلى نشر مجموعات مسلحة موالية لها ويمكنها تعبئتها في جميع أنحاء المنطقة، من العراق إلى لبنان مرورا بسوريا واليمن.

وقال فاتانكا: "إنه نموذج في غاية البساطة، إذ إن إيران تقاتل خصومها في المنطقة دون أن تضطر إلى خوض معارك معهم داخل الأراضي الإيرانية".

وتابع أن "هذه الحسابات البديهية تواجه اختبارا بسبب ما قام به الإسرائيليون".

في مقال له، يقول الزميل ونائب مدير مشروع الدفاع الصاروخي، في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية شان شيخ، إنه من اللحظة الحالية، ستعود المواجهات إلى ما كانت عليه سابقا.

يفسر ذلك بأن كلا من الدولتين؛ إسرائيل وإيران أثبتت وجهة نظرها، فمن جهة قالت إيران بوضوح إنها لن تتساهل مع هجمات على مقارها الدبلوماسية، من جهة أخرى، أثبتت إسرائيل أن أنظمتها الدفاعية، بالتعاون مع الولايات المتحدة، قادرة على الرد على هجمات إيرانية في الداخل.

بالرغم من ذلك يعتقد شيخ، أن إسرائيل ستواجه في المستقبل تحديات متعلقة بترتيب الأولويات فيما يتعلق بأمنها القومي.

لكن محللين آخرين يعتقدون أن ما حدث شكل "منعطفا حقيقيا"، ومن بينهم، مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز "ويلسون سنتر" الأميركي للدراسات، ميريسا كورما، التي قالت لوكالة فرانس برس إن هجوم إيران على إسرائيل ثم حادثة أصفهان بدلتا تماما "قواعد الاشتباك بين الخصمين".

وأضافت أن هذه التطورات "أججت التوتر في المنطقة برمتها، وجعلت شبح حرب شاملة احتمالا مطروحا برأي العديد من دول المنطقة".