أردوغان في العراق.. بحث عن تسوية "العقدة الأصعب"

طالما انتقد العراق إقدام جارته الشمالية على بناء سدود تسبّبت بانخفاض كبير في منسوب مياه دجلة والفرات اللذين ينبعان من أراضي تركيا، قبل أن يعبرا العراق من أقصاه الى أقصاه.

وفي حين تدعو الحكومة العراقية لتقاسم أفضل للمياه، تبدي تركيا دائما امتعاضها إزاء إدارة الموارد المائية من السلطات ومن قطاع الزراعة والري في العراق، بحسب فرانس برس.

ويحصل العراق على ٩٨٪ من موارد المياه اللازمة له من نهري دجلة والفرات النابعين من تركيا، وتشير الإحصائيات إلى تعرض الرافدين إلى خطر الجفاف بحلول عام ٢٠٤٠ مالم تتخذ إجراءات كافية لمواجهة الأمة بحسب مركز كارنيغي.

وقد تسببت السدود التي بنتها على النهرين في انخفاض تدفق المياه للعراق بنسبة تتراوح بين 30 إلى 40%، ويعد سد أليسو أبرز هذه المشروعات والذي افتتح عام ٢٠١٨.

في الوقت نفسه تعاني تركيا من تراجع نصيب الفرد من المياه، ويرجح تقرير كارنيغي مواجهتها لمزيد من شح المياه ما يصعب مهمة العراق أيضا.

يختلف البلدان كذلك بشأن صادرات النفط من إقليم كردستان التي كانت تمرّ عبر تركيا من دون موافقة الحكومة المركزية في بغداد. وتوقّفت هذه الصادرات منذ أكثر من عام بسبب خلافات قضائية ومشاكل فنية.

ويكبّد هذا التوقّف العراق إيرادات من موارده النفطية تتخطّى 14 مليار دولار، وفقاً لرابطة شركات النفط الدولية العاملة في إقليم كردستان (أبيكور)، بحسب فرانس برس.

وفي أبريل ٢٠٢٤ أعلنت بغداد أنها تعمل على تأهيل خط أنابيب "كركوك - جيهان" ليتيح لها ضخ 350 ألف برميل يوميا من النفط إلى تركيا بحلول نهاية الشهر بعد توقفه لأكثر من عقد، ما قد يثير غصب الأكراد، بحسب رويترز.

ففي مارس ٢٠٢٣، أصدرت غرفة التجارة الدولية من مقرها في باريس حكما يقضي بأن أنقرة انتهكت الاتفاقية المشتركة الموقعة مع بغداد قبل نصف قرن لسماحها بتصدير نفط كردستان عبر الأنابيب لميناء جيهان التركي.

هذا الحكم أوقف خط الأنابيب القادم من حكومة إقليم كردستان لتركيا، وتعتبره بغداد غير قانوني، منذ أكثر من عام، ما أثر على الإقليم المعتمد بشكل شبه كامل على هذه الصادرات.

وصف المحلل السياسي علي البيدر في حديثه لفرانس برس زيارة إردوغان بأنها "بالغة الأهمية".

واعتبر أن "هناك جدية هذه المرة بعدما أدرك الطرفان ضرورة الوصول الى توافقات والوصول الى نوع من التهدئة في هذه المرحلة من أجل تحقيق رغبات وإرادة الحكومتين في ظل التقلبات التي تعيشها المنطقة".

وستحضر حتما المسألة الشائكة لحزب العمال الكردستاني.

فعلى مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، أقامت تركيا عشرات القواعد العسكرية في كردستان العراق لمحاربة الحزب الذي يقيم أيضا قواعد خلفية في هذه المنطقة.

ويعلن الجيش التركي بشكل متكرّر تنفيذ عمليات عسكرية جوية وبرية ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني ومواقعهم في شمال العراق. ودفع ذلك الحكومة العراقية المركزية الى الاحتجاج مرارا.

وقد اعترفت تركيا على لسان رئيس وزرائها عام ٢٠١٨، حينها، بن علي يلدريم أن أنقرة أقامت 11 قاعدة إقليمية شمالي العراق وضاعفت عدد قواتها، وفق شبكة أخبار العراق.

وترى تركيا أنها صاحبة حق في استخدام قواعد عسكرية داخل العراق استنادا لاتفاقية أمنية موقعة بين البلدين عام ١٩٨٤.

على الجانب الآخر، يقول وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين إن هذا الاتفاق يسمح بدخول الأتراك للأراضي العراقية لمسافة لا تتجاوز ٥ كيلو مترات لمدة عام واحد فقط.

وقد سجل العراق عام ٢٠٢٢ أكثر من ٢٢ ألف انتهاك لأراضيه من جانب تركيا منذ ٢٠١٨، وأن بغداد قدمت ٢٩٦ مذكرة احتجاج على التدخلات التركية بحسب الوكالة الوطنية العراقية للأنباء "نينا"